خبر يا جُرحنا النقيّ .. عبد الله الشاعر

الساعة 08:53 ص|25 يونيو 2015

ما أحوجني للكتابة الآن أيها القلب المُعذّب

ما أحوجني للصراخ ، وهذا القلب يفيض مرارة وأسى وغيظا
وعلى الصراط الواصل بين العبودية والتحرر، ومِنْ عَلى الجسر المنصوب فوق الذل يتساقط العديد من المناضلين ، والكثيرُ الكثيرُ من الناس
منهم من يسقط في منصب تافه
ومنهم من يسقط في مسؤولية وهمية
ومنهم من يسقط في الوحل
ومنهم من يهوي في المهانة حتى الثمالة
ونحن نقتات جوعنا وفقرنا وخوفنا
ونحاصر أرواحنا بطموحات هزيلة 

 

بين لحم الدجاج ولحوم الأسرى، كم اكتشفنا أنفسنا المتهالكة على الشهوات ، والمسكونة بالأمنيات الهابطة !!

 

كم عرّتنا الأمعاء الخاوية ، ويقايا الأجساد التي تذود عنا ، وتحمينا من الضياع .

ها نحن نُدرك كم نحن شعب تائه ، وحكومة تائهة ، وقيادات تائهة ، وأحزاب تمارس الضياع عن سابق جهلٍ وتخبّط  !!!

 

كم ظلمنا القدس حينما رفعنا قميصها لنسهر على شواطئ تل الربيع ، ونطارد شهواتنا الاستهلاكية في متاجر الغاصبين .

كم ظلمنا القدس حينما نوينا زيارتها فاعتكفنا في حيفا ويافا، وصلينا صلاة الضرار  على الشواطئ المكتظة بالعراة .

ما كان ضرنا لو مارسنا هذا السعار بعيدا عن القدس وقميصها...

ما كان ضرنا لو تزاحمنا على أبواب (رامي ليفي) ولم نتغزل بأسواق القدس العتيقة ؟!

 

كم نحن نحبّ الكذب والتهريج وتعاطي الشعارات المخدّرة... كم نحن نتعاطى الأفيون السياسيّ... وننسلخ من جلدنا ، ونتزاحم على بوابات الضياع !

***

 

بمحاذاة الموت يقضي الخضر يومه، فيما نمضيه نحن بمحاذاة اللذة والشهوات.. يصافح الموت ويمضي بكامل يقينه، ونمضي نحن بكامل ضعفنا وشهواتنا الهابطة..
كم أنت تتسامى وتعلو ، فيما نهبط كثيرا وكثيرا وكثيرا..

تعبنا ولم تتعب، واستبد بنا الوهن وطاوعتْ  كفكَ الشمسُ وروعةُ المستحيل

ها أنت ، رغم تنزّل الموت في ساحاتك، لم تزل تقاوم ، وتغزل لنا من خيوط الفجر بيارق للعزّة ، وتضرب لأرواحنا المنهكة مواعيد مع النصر لا تخون ، ولا تساوم .

 

هناك في الظل، حيث البرد... في الزوايا الميتة، حيث تصعب الرؤيا، يكبر فيك الجرح سريعا،  ويتضخم فيك الألم، وأنت وحدك تتجرع قدرك بثبات المحارب، عصيٌّ عليك البكاء، غائرٌ في أعماقك الجرح، في الظل قيدك ومولدك، ولا أحد سواك، ولا شيء سوى هذا الشموخ العظيم .. تمسح به وجهك إذا راودك النور عن ألمك فتبتسم .. 

أيها الوجع حدّ الصراخ ، واليقين حدّ السكينة

يا بقية الحق الذي لا يموت..

يا قِبلة الثوار الذين طوَوْا على القدس شغافَهم ، وظلوا على أهبة النفير  واقفين

يا وعد الله  الذي لا تُكذّبُهُ  الأساطير، ولا تُسقطه الأحلاف الموالية للشيطان ...

 يا بقية الخير في الإنسان

يا خضرنا الأبيُّ

يا وجهنا البهيّ

يا جرحنا النقيّ

يا خضرنا العدنان