خبر لعنة الشجاعية -هآرتس

الساعة 08:43 ص|25 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: غزة تحولت بالفعل الى تهديد وجودي على اسرائيل، ليس بسبب حماس بل بسبب 1462 قتيل من مواطنيها، ثلثهم اولاد ذكروا في تقرير الامم المتحدة - المصدر).

 

          في يوم الثلاثاء القادم يتوقع أن ينتهي النقاش الذي يجري منذ سنة ونصف بين ايران والقوى العظمى في الغرب بالتوقيع على الاتفاق النووي النهائي. التقديرات تقول إنه اذا لزم الامر تأجيل التوقيع بضعة ايام، فان الاتفاق هو أمر مفروغ منه. في حين أن الخطوة الاستراتيجية الأهم في الشرق الاوسط في العقود الاربعة الاخيرة، ستتحقق - فان اسرائيل صامتة. هل سمع أحد ما عن التهديد الايراني في الآونة الاخيرة؟ هل تحدث أحد ما عن الاتفاق النووي وتأثيراته؟.

 

          اسرائيل منشغلة اليوم عن التهديد الايراني، لأن هناك خطر أكبر يحلق فوقها: تقرير مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة. يمكن الصراخ بأن الحديث عن دعاية مناهضة لاسرائيل أو لاسامية، والقول إننا لن نقرأه، أو التلويح بالانظمة الظلامية مثل كوريا الشمالية، سوريا وايران، من اجل التباكي على تحيز الامم المتحدة – في الحقيقة ليس التقرير، بل عملية الجرف الصامد هي التي كشفت الدوافع الأكثر ظلامية التي قد تكشف عنها دولة في سلوكها تجاه المواطنين. بالمناسبة، التقرير يُبدي مراعاة كبيرة وليونة تجاه اسرائيل حيث لا يساويها بتلك الدول، بل هو يتعامل معها كدولة محترمة يتوقع منها التصرف حسب القانون الدولي وقوانين الحرب.

 

          تقرير الامم المتحدة لا يمزق شعار التسويق الكاذب الذي يقدمه الجيش على أنه الجيش الاكثر اخلاقية في العالم فقط – بل يتعامل ايضا مع اسرائيل وحماس بالتساوي: مقاتلون مقابل مقاتلين، مواطنون مقابل مواطنين. لكن مشكلة اسرائيل الكبيرة ليست اذا كان التقرير متوازن أو منحاز – التخلف الاسرائيلي موجود في كون القيادة والجمهور يعتبرون التقرير - وليس سبب كتابته، عملية الجرف الصامد - هو سبب المشكلة.

 

          تقريران، أحدهما للامم المتحدة والثاني لاسرائيل، يتصارعان. الاول يعرض موقف العالم من اسرائيل، والثاني يعرض كيف تنظر اسرائيل الى نفسها. من هنا ينبع الغضب الكبير على تقرير الامم المتحدة. هذه معركة حول الشكل والصورة، حول الحفاظ على المرآة المهشمة التي قالت لاسرائيل دائما إنها الأجمل وإن سياستها صادقة وعادلة وإن الاخلاق اليهودية تسيطر فيها.

 

          لكن ما وراء هذا الصراع الهام على الشكل والصورة، وتحت تهديد التوصية بمحاكمة اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، يجب قراءة التقرير وكأنه وثيقة مراقب الدولة. فهو يتعامل مع الاعراض المخيفة التي تبينت في الجرف الصامد، لكنه يستوجب علاجا جذريا يقدم الاجابات على اسئلة صعبة، بدءً من عملية اتخاذ القرارات للخروج الى الحرب ومرورا بطريقة تطبيقها وانتهاءً بالنظرية الامنية لاسرائيل. هذه النظرية تستند الى فرضية أن اسرائيل توجد دائما في خطر وجودي، وأن مصدر قوتها الوحيد هو الجيش الاسرائيلي. ولا تجد أي فرق بين حماس وحزب الله، بين السلطة الفلسطينية وبين ايران. فجميعها تشكل تهديدا وجوديا، ويجب وضع الجيش في مواجهتهم.

 

          المشكلة هي أن الشرعية التي تطلبها اسرائيل لادارة هذه الحروب، لا تطلبها فقط من مواطنيها بل من دول العالم. فجأة يظهر هذا التقرير ويهدد باخراجها من أسرة الشعوب. واسرائيل نفسها التي نجحت في تجنيد العالم ضد ايران وأقنعته بأن يتعامل مع حماس وحزب الله على اعتبارها منظمات ارهابية، تحولت بنفسها الى دولة سلاح يسعى العالم الى ترويضها. دولة كهذه لا يمكنها أن تسحر العالم أكثر بعيونها الزرقاء. فهي ستجد صعوبة في الاقناع بأن ايران هي التهديد، أو أن الاتفاق معها يهدد وجودنا. واصدقاءها ايضا يشتمون ذلك. غزة تحولت بالفعل الى تهديد وجودي على اسرائيل، ليس بسبب حماس بل بسبب 1462 قتيل من مواطنيها، ثلثهم اولاد ذكروا في التقرير.