خبر المنقذة الجديدة- معاريف

الساعة 10:29 ص|24 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: نداف هعتسني

          (المضمون: لا يجب الانفعال من تقرير الامم المتحدة. فاسرائيل تبني لها مكانة استراتيجية قوية في الشرق الاوسط - المصدر).

          في الوقت الذي نتهيأ فيه عقليا لمواجهة التقرير الوقح الجديد للامم المتحدة وتهديدات المقاطعة لـ « بي.دي.اس »، فان هناك واقع كوني آخذ في التشكل وهو معاكس كليا للشعور بالضائقة لدينا. عدد من الأحداث الدراماتيكية تحدث حولنا، ورغم أننا لا نلاحظها إلا أن هناك مكانة استراتيجية قوية وخاصة تُبنى لاسرائيل في الشرق الاوسط. هذا يبدو مثل حلم يقظة، لكن بدون الخضوع للفلسطينيين، تحولت اسرائيل الى الحليف الطبيعي، بل دعامة الطواريء لعدد من الانظمة العربية المركزية. ولا حاجة الى القول إننا تحولنا الى المكان المستقر الوحيد في الشرق الاوسط والمنقذ للشعوب التي تعاملت معنا حتى فترة بسيطة على أننا شيطان.

          مظاهر التغيير الخارجية تتدفق الى الخارج ايضا. فرغم عاصفة تقرير الجرف الصامد، مصر تعيد سفيرها الذي أُعيد من هنا بسبب « عمود السحاب »، الى اسرائيل. والاشارات حول الحوار والمصالح المشتركة بين القدس والرياض في ازدياد. وفي الآونة الاخيرة كان في واشنطن لقاء علني بين دوري غولد، مدير عام وزارة الخارجية، وبين الجنرال السعودي المتقاعد أنور العسكي. هذا طرف جبل الجليد للاتصالات المتبادلة التي تشمل التعاون الاقتصادي والامني السري. وتوجد بين القدس وأنقرة تطورات جديدة، حيث التقى أول أمس المدراء العامون لوزارات الخارجية الاسرائيلية والتركية، في محاولة تركية للنزول عن الشجرة المعادية لاسرائيل للسلطان اردوغان.

          وفي نفس الوقت تحولت اسرائيل الى لاعب أساسي في تحديد مستقبل ما كان يسمى سوريا. فمجرد وجود النقاش العلني حول مصير الدروز والحاجة الى تدخلنا أو عدم تدخلنا، وحقيقة أننا على صلة حميمية مع المنظمات المختلفة التي تحارب الاسد – كل ذلك يؤكد مكانتنا الجديدة. النقاش حول تدخلنا في الجولان السوري وجبل الدروز يفتح فقط فسحة صغيرة لجبل الجليد الخفي للتأثير الاسرائيلي، رغم أننا نرى قمته فقط. جزء من هذا الجبل الجليدي السري يتجسد في تنسيق المواقف مع الدول الخليجية. وليس من الصعب رؤية كيف أن اسرائيل واغلبية دول الخليج ومصر تقف ضد المواقف الغريبة للنظام الامريكي فيما يتعلق بايران. هذا الاتفاق في المواقف ينبع من المصالح والأعداء المشتركين، ومن حقيقة أن المرحلة الحالية تهدد جميع الانظمة العربية بالانقلابات الداخلية، والسعي الايراني الشيعي أو الجنون السني لداعش. في العالم القديم كانت الولايات المتحدة هي التي تمنح شبكة الأمان لجميع حلفائها، لكن في عالم اوباما الامر ليس مفروغا منه. لذلك حينما يسألون أنفسهم في الرياض وعمان والقاهرة ماذا سيحدث اذا وصل داعش أو ايران الى حدودهم، فان هناك من يُعول على خيار الانقاذ الاسرائيلي. هكذا تحول الكيان الصهيوني الذي نظر اليه العرب كسرطان يجب استئصاله، تحول فجأة الى الدواء السحري في نظر البعض منهم.

          وكل ذلك دون ذكر الدعم الاستراتيجي الذي يوفره االتقدم الصيني والهندي باتجاهنا، والاستثمارات الضخمة والتعاون الاقتصادي والحميمية في العلاقات الاستراتيجية مع الحكومة الهندية.

          القوة الاستراتيجية تنبع فقط من القوة الاسرائيلية – الامنية، التكنولوجية والاقتصادية. ويتبين أن شعارات الكذب حول تأثير الاحتلال والمس بحقوق الانسان لا تترك أي انطباع خارج دائرة ادارة اوباما، واللاسامية القديمة – الجديدة في اوروبا وحفنة من الاسرائيليين المعادين الذين يرفضون رؤية كل ذلك. لكن الواقع أقوى منهم أيضا.