خبر التهدئة المتوقعة في غزة.. مصلحة مشتركة..د.عدنان أبو عامر

الساعة 09:44 ص|18 يونيو 2015

د. عدنان أبو عامر
تستبعد الأوساط الإسرائيلية، لاسيما العسكرية منها، أن يشن الجيش حرباً جديدة على غزة بسبب إقدام بعض المجموعات الصغيرة على إطلاق عدة قذائف صاروخية، لأنه لا يمكن للجيش كسر قواعد اللعبة مع حماس، وخوض حرب أخرى في قطاع غزة.

فالحركة، من وجهة النظر الإسرائيلية، تبذل جهوداً كبيرة من أجل بسط الاستقرار في غزة، رغم أن « إسرائيل » لا تزال تعتبر حماس المسؤولة عن استتباب الهدوء، وضبط الأمن في القطاع، وفي نفس الوقت يقوم الجيش بتحسين أداء المنظومات الدفاعية بغية التصدي لإطلاق النار، والتهديد الناجم عن الأنفاق والتسلل.

« إسرائيل » تعلم جيداً، لاسيما قيادة الجيش والمخابرات، أن هدف إطلاق الصواريخ الأخيرة من قطاع غزة هو إشعال النار بين تل أبيب وحماس، وأن الأفراد الذين يطلقون هذه الصواريخ يتوقعون ويرغبون، أن تقوم « إسرائيل » بمهاجمة حماس، وتنفذ بذلك ما يطمحون إليه، بحيث يبدو الوضع معقدا.

تعقيد الوضع في غزة، يتلخص في أن إسرائيل تريد بقاء حماس تنظيما ضعيفا غير متضخم، لكنها، من جهة أخرى، تريدها قوية بما يكفي كي تحافظ على الهدوء في غزة، لمصلحة مشتركة، وهذا ما لا يعيب الحركة، التي تتفقد حاجيات الفلسطينيين، وتلملم جراحاتهم، وتضمد أوجاعهم.

المثير أنه في ظل هذه الرغبة العسكرية الإسرائيلية بالهدوء وتثبيت وقف إطلاق النار، فإن هناك أكثر من 82% من الإسرائيليين يتوقعون نشوب جولة جديدة من القتال مع الفصائل في قطاع غزة، بالتزامن مع بعض الدعوات المتناثرة هنا وهناك بشن حرب جديدة على قطاع غزة، الصيف المقبل، لأن قوة حماس تزداد، وتقوم بإعادة بناء البنى التحتية، والأنفاق الهجومية، دون أن يمنعها أحد من ذلك.

لكن هذه الدعوات الإسرائيلية، على قلتها، تتجاهل اعتراف عدد من القادة العسكريين الإسرائيليين بأن جيشهم تلقى دروسًا قاسيةً في معركته في غزة صيف العام الماضي، وينظر لنتائج الحرب الأخيرة على أنها درس كان على الجيش تعلمه سلفاً، لأنه لم يكن مستعداً للتأقلم مع تهديد الأنفاق.

على كل الأحوال، ترى « إسرائيل » في الصواريخ التي تطلق عليها من غزة أنها لا تأتي في الغالب في إطار استراتيجية حماس والفصائل الفلسطينية، وإنما في نطاق التنفيس عن مشاكل داخلية في غزة، ورغم استمرار الخطاب الإسرائيلي المتشدد، إلا أن الرد على هذه الصواريخ المنطلقة من غزة صار أشد ميلاً لكبح النفس منه إلى التصعيد، وهذا يعود للرغبة في تجنب صراع مع غزة، لن تخرج « إسرائيل » مستفيدة منه، حتى لو ألحقت بالقطاع أشد الضرر.

الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ من غزة يرمز بشكل كبير للسياسة الجديدة تجاه حماس التي وصفتها بأنها « عناق واحتواء » بدلاً من « المواجهة العسكرية »، وتبدو « إسرائيل » اليوم كأنها الجهة الوحيدة في العالم التي تعمل من أجل الحفاظ على الهدوء في غزة، وتسمح لمندوبين من عدد من دول العالم بالتوسط بينها وبين حماس، وهو ما يجعل غالبية القيادة العسكرية والأمنية في وزارة الدفاع يبدون تقديرات بأن الصيف الحالي لن يشهد مواجهة واسعة، لكن الغارات الإسرائيلية ستتواصل على مواقع فارغة وأراض مفتوحة، غايتها إشعار المستوطنين في غلاف غزة بالرد، أكثر من الرد فعلاً.

هذا لا يعني أن هناك بوليصة تأمين متوفرة بعدم تصاعد الرد الإسرائيلي على ما يسمى بـ« تنقيط الصواريخ » مؤخراً، لأنه قد يصبح أمراً غير محتمل، ولا يهم الإسرائيليين إن كان السلفيون في تنازع مع حماس أم لا، لأن حماس في نظرهم هي الجهة المسؤولة، كما تقول بنفسها، وملزمة بوقف الإطلاقات وفرض الهدوء، و« إسرائيل » تسعى لتحقيق صفر إطلاقات، لأن الحركة لم تغير أيديولوجيتها ضد « إسرائيل »، ولا هدفها بإزالتها.