خبر بدأ عهد المقاطعة- هآرتس

الساعة 10:01 ص|07 يونيو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: بيتر باينرت

الاخبار حول نية الملياردير شلدونادلسون استضافة كبار المتبرعين اليهود في نهاية الاسبوع، من أجل بحث سبل مواجهة حركة المقاطعة على اسرائيل BDS ، تشكل دليل قاطع ان العمل « من اجل اسرائيل » في الولايات المتحدة يدخل مرحلة جديدة، انتهى عهد ايران، وبدأ عهد BDS .

بدأ عهد ايران بمنتصف سنوات التسعين، وبفترة الحرب الباردة عملت المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة بالذات ضد انظمة عربية وضد منظمة التحرير، ولكن بعد التوقيع على اتفاقيات السلام مع مصر والاردن واوسلو، بقيت هذه المنظمات بدون الاعداء العرب المعروفين، واستجابوا لطلب رابين في التركيز على ايران.

في كتابه المهم عن العلاقات بين اسرائيل وايران (حلف خائن) يقتبس تريتا بارسي كلام شاي فلدمان وهو خبير اسرائيلي للسياسة الخارجية في جامعة برندايس وحسب هذا الكلام فان منظمة الآيباك حولت ايران لمسألة مهمة، لانه لم يكن لديها علم آخر لترفعه، وقد وصل الموضوع الايراني لقمته خلال حقبة الرئيس محمود أحمدي نجاد. وريثه حسن روحاني يعمل منذ 2013 من اجل خلق انطباع معتدل عن ايران. وقد وجد ببراك اوباما شريك متحمس لانهاء الحرب الباردة بين الدولتين. وهذه الجهود لا زال من الممكن ان تفشل، ولكن مع مراعاة تصميم الشخصين فان الاحتمال الاكبر هو أن يتوصلوا لاتفاق يكون من الصعب على بنيامين نتنياهو والكونغرس افشاله.

 

          هنا تدخل الى القصة حركة الـ BDS ، اذا كان تركيز المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة على ايران هو نتاج عملية السلام الاسرائيلية – الفلسطينية، فان نشوء الـ BDS هي نتاج موت هذه العملية. خلال ستة اعوام رفض نتنياهو فكرة اقامة الدولة الفلسطينية بحدود 1967 مع تبديل اراضي، معظم الفلسطينيين فقدوا الامل بان الحوار مع اسرائيل سيؤدي لاقامة دولة فلسطينية وبالمقابل فان غياب قدرة محمود عباس على انهاء الاحتلال اثر على شرعيته.

 

          هذا هو الشرخ الذي دخلت اليه BDS. تقترح الحركة للنشطاء الفلسطينيين تجاوز السياسيين المنقسمين والفاسدين والغير فعالين. من خلال نقل الصراع ضد اسرائيل اليها، الاهداف الثلاثة بهذا الصراع – انهاء السيطرة الاسرائيلية على الضفة وقطاع غزة، مساواة المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل وعودة اللاجئين الفلسطينيين – يتحدثون الى قلب الشعب الفلسطيني بجميع اجزائه، والحركة ليست عنيفة، بل وتعتمد على مبادىء حقوق الانسان والقانون الدولي. وتستقطب BDS حلفاء ليبراليين لا يمكن ان ينضموا لمنظمة اسلامية اصولية.

 

          الـ BDS تغير الحياة اليهودية المنظمة في الولايات المتحدة، اولا: تحول واشنطن الى مهمة أقل وكذلك ايباك. وقوة ايباك تستند على العلاقة بين اعضائها وبين اعضاء الكونغرس. لكن الـ BDS تتجاوز الكونغرس لصالح الجامعات، ونصارى ليبراليين واتحادات مهنية.

 

          ردا على ذلك تحركت المنظمات اليهودية، عام 2010 اقيمت « الفيدراليات اليهودية » من اجل محاربة « عدم الشرعية » لاسرائيل، لا زالت ايباك مسيطرة في واشنطن.

 

          نتيجة اخرى لصعود BDS ستكون ازدياد اهمية المنظمة اليهودية « اصوات يهودية من اجل السلام » واليوم يمثل جي ستريت اليسار اليهودي الامريكي في نظر اليهود الذين يتبعون للمؤسسة، ولكن بكونها المنظمة اليهودية الامريكية الاهم التي تؤيد BDS فمن المتوقع ان تزداد اهميتها جنبا الى جنب مع الـ BDS ذاتها. ومن الان تقول الـ BDS أن « اصوات يهودية من اجل السلام » هي دليل على انه ليس كل يهود الولايات المتحدة يعارضون مطالبها، والصراعات المتوقعة بين هذه المنظمة وبين المؤسسة اليهودية سوف تقدم جي ستريت كمنظمة منضبطة ومعتدلة.

 

          وفي النهاية سوف تثير الـ BDS جدالا باوساط يهود الولايات المتحدة حول الصهيونية ذاتها. واعتاد اليهود في الولايات المتحدة على نسب الفلسطينيين لسكان الضفة وقطاع غزة، لكن الكثير من الفلسطينيين الفاعلين في BDS يسكنون في الغرب او جاؤوا من اسرائيل نفسها. ويعتبرون ان حقوق الفلسطينيين داخل اسرائيل لا تقل اهمية عن حقوق الفلسطينيين في المناطق المحتلة. وقف الاحتلال لا يهدد اسرائيل كدولة يهودية، بالعكس، قد يضمن ذلك استمرارها، ولكن كلما ازدادت اهمية BDS سيزداد الجدل حول مواطني دولة اسرائيل، الفلسطينيين واللاجئين. هذا الموضوعان يبرزان التوتر بين الطابع الدمقراطي لاسرائيل وبين سياستها التي تفضل اليهود بمواضيع مثل الهجرة او الوظائف العامة.

 

          الرد الاول للمؤسسة اليهودية في الولايات المتحدة للتحدي الذي تفرضه BDS كان الصراخ « لاسامية ». لكن هذا الرد يحمل في طياته سر مظلم صغير: نشطاء مؤيدين لاسرائيل لم يفكروا كثيرا في التوتر بين الطابع اليهودي لاسرائيل وبين القيم الديمقراطية. لذلك لا يعرفون كيفية الدفاع عن الصهيونية امام جمهور ليبرالي غير يهودي. هذا الدفاع ليس امرا مستحيلا. لكن ليس سهلا من الناحية الثقافية او الاخلاقية. وسيتطلب من اليهود الامريكيين المؤيدين للمؤسسة الدفاع عن مبادىء تعاملوا معها خلال فترة طويلة كامور مفروغ منها. ومن بين التأثيرات الكثيرة لـ BDS على يهود امريكا، سيكون هذا الاكثر اهمية من بينها جميعا.