خبر خلية جديدة في التواصل الجغرافي لاريئيل.. هآرتس

الساعة 08:56 ص|05 يونيو 2015

بقلم

من هنا الى هناك، ليشم تُبنى بسرعة. في الوقت الذي يوجد فيه من يتسلى بحل الدولتين، وفي الوقت الذي يعتبر فيه كل توجه فلسطيني يائس الى مؤسسة دولية، « أحادي الجانب » ومُخل بالاتفاق، تبني اسرائيل بسرعة ملحوظة المزيد من المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية. هذا بالطبع لا يعتبر خطوة أحادية الجانب، عشرات من المكعبات الاسمنتية مأهولة، والمئات ستُبنى ويتم بناءها حاليا، في الوقت الذي نتحدث فيه عن أمور اخرى، ويُستكمل التواصل الجغرافي من الشاطيء حتى اريئيل، ومن هناك الى مفترق تفوح، معاليه افرايم وغور الاردن. خط مباشر وواضح لتقسيم الضفة الغربية، خط مباشر وواضح لوضع عصا اخرى في عجلة الفرصة الاخيرة الضعيفة لاقامة الدولة الفلسطينية.

بعد فترة قصيرة سيتم استكمال بناء هذه المستوطنة، وسيدخل الى شققها الـ 600 بضعة آلاف من المستوطنين. اريئيل وبناتها سيتم الاعتراف بها ايضا ككتلة استيطانية، وسيكون اجماع اسرائيلي على ضرورة عدم اخلائها الى الأبد، وبالتالي موت الدولة التي لم تولد أبدا – فلسطين.

أهلا بالقادمين الى مستوطنة ليشم. عند الاقتراب من موقع البناء الضخم فانك تتخيل أنه تُبنى هنا مدينة واسعة: عشرات الجرافات الضخمة، ضجة كبيرة، حديد وجنازير، يصعدون ويهبطون، الكثير من الغبار، يحفرون، يقومون بتسوية الجبل الذي سيصبح ايضا مستوطنة. على التلال المحيطة توجد مستوطنات عاليه زهاف، فدوال، اريئيل والمناطق الصناعية بركان واريئيل غرب، والى جانبها تختبيء بخجل القرى الفلسطينية التي تمت مصادرة اراضيها: كفر الديك، بروقين، دير بلوط ورفات.

طرق ترابية تؤدي الى موقع البناء حيث يسكن الى جانبه المستوطنون الأوائل. الاولاد بدأوا يلعبون في الحديقة الجديدة. حينما يكبر هؤلاء الاولاد فلن يتحدث أحد معهم عن الدولة الفلسطينية أو عن المستوطنات. ولن يروي لهم أحد أن مستوطنتهم أقيمت على اراض فلسطينية، من اجل قتل الفرصة الاخيرة للحل السياسي. سيكبرون في مجتمع ديني قومي، مع اربعة اتجاهات هواء ومكان مصمم ومخطط جيدا، وسيعتبر  مركز البلاد، ليس بعيدا عن الخط الاخضر المنسي – تل ابيب ومطار بن غوريون يوجدان في الأفق.

بيوت هذه المستوطنة أحادية المنظر. أعلام وطنية ترفرف في واجهتها وسيارات صغيرة ومتوسطة من أصل ياباني وكوري، تقف أمام البيوت البرجوازية الصغيرة تلك. الناس سيأتون للعيش هنا بسبب ايمان وفكرة، وايضا بسبب « مستوى الحياة ». ويتم بناء الشارع السريع الى القدس بسرعة فائقة.

لمحة تاريخية: كانت بداية ليشم عبارة عن حي فيه 19 فيلا توقف البناء فيها لاسباب غير معروفة – هناك أكثر من رواية حول ما حدث – ومنذ ذلك الحين كان البناء مهجورا. الجيش الاسرائيلي تدرب في هذه البيوت في الانتفاضة الثانية. وعندما استؤنف البناء على التل فوق صف الفيلات المهجورة في 2010، تم الحديث عن حي عالي زهاف، وتوسيع مستوطنة قائمة، حتى لا تحدث ضجة، رغم أنه كان عبارة عن اقامة مستوطنة منفصلة كلياً.

اسرائيل مخادعة، فهي لا تبني « مستوطنة جديدة » بل فقط توسع ما هو قائم. لكن اليافطات تقود الى ليشم وليس الى عالي زهاف ولا حذاء.

هذه المستوطنة تُبنى بمبادرات فردية، والشارع الذي يتجه اليها يُبنى على اراضي فلسطينية خاصة، وقد تدخلت محكمة العدل العليا للحظة في هذا الامر، لكن البناء مستمر بدون ازعاج.

الى جانب المستوطنة الجديدة توجد آثار دير سمعان من القرن الثاني للميلاد، في العهد الروماني والبيزنطي. لا يوجد الكثير من المواقع الأثرية مثل هذا الموقع. كل شيء موجود هنا هو مستودعات مياه قديمة وفسيفساء ضخمة ومطاحن للقمح وساعة شمسية وحظيرة خيول وبقايا كنيسة وخطوط مياه تحت ارضية وقباب حجرية وأعمدة رخام. بقايا من الحياة القديمة الرائعة.

الارض القريبة من موقع البناء، بما في ذلك الموقع الأثري، كانت تعود لفارس الديك (35 سنة)، وهو استاذ للعلوم السياسية في الجامعة الامريكية في جنين، ويعمل في جمعية تطوير الصحة العامة. يسكن في كفر الديك، وهي القرية القريبة التي يبلغ عدد سكانها 6 آلاف، وقد تمت مصادرة اغلبية اراضيها وأُعلنت كأراضي دولة من اجل اقامة ليشم.

لا توجد اماكن بناء في كفر الديك. نحو 100 عائلة تركت القرية وهي تسكن في رام الله. كان لفارس الديك كرم زيتون غير كبير، 25 دونم، زرعها والده قبل 35 سنة، وفي عام 1996 صادرت الدولة جزء من ارضه وأعلنته كموقع أثري، دير سمعان. الآن يوجد موقع بناء ضخم في جانب ما تبقى من كرمه، يغطي اشجاره بالغبار ومواد البناء. اشجار زيتون بيضاء، هذا ما تبقى. لا يمكن قطف الزيتون هنا بعد الآن. ارضه محاطة من جميع الاتجاهات بالمستوطنات، وعندما ستمتليء ليشم بالسكان، فمشكوك أن يسمحوا له بالوصول الى ارضه، والديك يعرف ذلك. ليشم تفصل ايضا بينه وبين ارض اخرى تعود لعائلته، التي لا يصل اليها تقريبا بسبب المسافة الطويلة التي سيضطر الى قطعها متجاوزا ليشم. فلاحون من القرية القريبة منها يقومون بحراثتها من اجله.

أحد اصدقاء الديك من بريطانيا وصل مؤخرا لزيارة في القرية، ولم يصدق بعد غياب خمس سنوات ما رأته عينيه. يقول الديك إن بناء ليشم هو اصبع تضعه اسرائيل في قلب الضفة الغربية من اجل تقسيمها. « يريدون توحيد كافة المستوطنات في المنطقة في وحدة واحدة وتحويل القرى الفلسطينية التي في داخلها الى سجن كبير مفاتيحه موجودة في يد اسرائيل ». وقد قال هذا الاسبوع ايضا: « اذا أرادوا فهم يفتحون لنا، ونحن نصل الى اراضينا، واذا لم يريدوا فلا يفتحوا لنا. على الاغلب هم لن يفعلوا ذلك. وتتحول كفر الديك من قرية الى معسكر لأنه لا يوجد المزيد من الاماكن للبناء. عندما يتحدث نتنياهو وعباس عن تبادل الاراضي فهما يتحدثان عن ارضي ». لكن الديك يعلم ايضا أن الحديث عن تبادل الاراضي ليس سوى كلام في الهواء.