تقرير الغريق يتعلق بقشة

الساعة 08:20 ص|31 مايو 2015

فلسطين اليوم

بعد مرور ستة أعوام على تخرجها إلى الآن.. تنتظر إسلام فرصة حصولها على عمل يناسبها, لم تترك خلالها أي جهد ووسيلة للبحث عن وظيفة، أو حتى فرصة بطالة, ففي كل عام تتقدم لامتحانات الوظيفة على اختلافها سواء الحكومية أو « الأونروا » أو أي مؤسسة خاصة، علُه يحالفها الحظ.

إسلام قنن خريجة أحياء وأساليب تدريسها من جامعة الأقصى عام 2008 م, طالبة الآن بكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر تخصص علوم حياتية, لجأت للدراسات العليا لتستدرك وقتاً ضاع منها بانتظار حلم لم يتحقق.

فبحثها عن وظيفة في أي مكان لم يصل إلا للسراب، فكافة الأماكن مشغولة بموظفين، أو حتى متدربين ومتطوعين، حتى باتت الفرحة بتخرجها وحصولها على شهادة جامعية « منقوصة » لا تستطيع سوى التفرج عليها بين كل وقت وحين والحسرة على سنوات ضاعت من عمرها سدى.

حلم الوظيفة

الطالبة قنن، قالت لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: تقدمت  لامتحان الوكالة والحكومة لوظيفة معلم لمدة ست سنوات بعد التخرج من جامعة الأقصى بمعدل 84 % تخصص الأحياء عام 2008م  , ولم أنجح في كل مرة بالامتحان.

وأشارت، إلى أن اسمها لم يندرج كذلك في عقد الخريج الذي يحصل عليه كل الخريجين الحاصلين على معدل جيد جدا فما فوق, رغم محاولاتها الطويلة طوال هذه السنوات والتي اتسمت بالفشل، للتقدم لأي وظيفة كانت, لكي تثبت بها لنفسها أولاً ولعائلتها أن دراستها الأربع سنوات لم تضيع سدى.

وتضيف قنن: لجأت لتدريس طلاب المرحلتين الابتدائي والإعدادي دروس خصوصية في جميع المواد، لكني لم أشعر بذاتي، موضحةً أنها التحقت بكلية الدراسات العليا استدراكاً للوقت بعد انتظار دام فترة طويلة , علها تجد وظيفة مناسبة بعد حصولها على درجة الماجستير.

وعند السؤال عما إذا لم تحصل على عمل بعد إجازتها بالماجستير.. تبسمت وقالت: وقتها لم يعد أمامي سوى انتظار صاحب النصيب والعمل « ربة منزل ».

فائض خريجين

الخريجة مهدية عودة تخرجت عام 2007، من جامعة القدس المفتوحة تخصص تعليم أساسي، قالت لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: فقدت الأمل بأني أتوظف أبداً, فكل سنة أتقدم لامتحاني الحكومة والوكالة, كما اجتزت امتحان مزاولة المهنة مرتين, وكل مرة أدخل الامتحان أشعر بأنه يلزمني مصباح علاء الدين لحلها , الأسئلة صعبة جداً.

وتضيف: درست بالجامعة لكي أعمل مدرسة للمرحلة الابتدائية ولكن لدي خبرة في رياض الأطفال تفوق ثماني سنوات, اضطررت للعمل فيها  بديل عن الجلوس بالبيت وأعمل الآن مدرسة خاصة بمبلغ زهيد جداً مقابل ما نبذله من المجهود.

وحول أسباب الأزمة، تشير عودة إلى أن بعض التخصصات يوجد لديها فائض من الخريجين بالمقابل هناك قلة في المؤسسات العاملة بقطاع غزة، نتيجة الحصار الخانق على قطاع غزة، فالمدارس محدودة مثلاً بالمقارنة مع أعداد الخريجين.

وتوضح عودة: أحاول التسجيل في كل وظيفة يتم الإعلان عنها أملاً في الحصول على وظيفة ثابتة بعيداً عن العمل الخاص المرهق الذي لا يتساوى والتعب المبذول فيه.

لا يوجد شاغر

أما إيناس الترامسي  خريجة كلية العلوم تخصص أحياء من العام 2011 م بمعدل جيد جداً، ولم تحصل على فرصة عمل، أو بطالة، وتتقدم للامتحانات الوظيفية في كل مرة، ولكن بدون نتيجة ترجى . كما تقول لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية ».

وتضيف: لم أكل من البحث، فكلما أسمع بإعلان عن وظيفة أقوم بالتسجيل، أو حتى الذهاب للمؤسسة وأجد أن الوظيفة ذاهبة لشخص من داخل المؤسسة، أو حتى الشاغر غير موجود، مشيرةً إلى أن أغلب المؤسسات توظف من تشاء لكنها تضع الإعلان لكي تتهرب من المسائلة القانونية .

وتابعت: أصبحت أقدم الامتحانات كل عام كروتين، وبعد كل هذه السنين قررت أدرس ماجستير وأتمنى تفتح الطرق والمعابر وأكمل الدكتوراه في ألمانيا لأعمل بها، فقطاع غزة أصبح مغلقاً ولا مجال للعمل فيه أو شق طريق للمستقبل.

خطة استراتيجية

د. ماهر الطباع الخبير والمحلل الاقتصادي، أوضح في تصريحٍ لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » أشار إلى أن هناك معدلات لأعداد الخريجين في قطاع غزة , تبلغ ال55% يعني حوالي 33 ألف عاطل  , يعني ربع مليون شخص , وهناك ما نسبته 60% يتلقون مساعدات إغاثية.

وعزا الطباع الأزمة، إلى أسباب اقتصادية خلفتها سنوات الحصار الطويلة وحروب ثلاث توالت على غزة , فالقطاع العام والخاص يعاني من تضخم في عدد الموظفين داخلها , فبعض المؤسسات تسرح بعض موظفيها الذي يشكلون فائض فيها.

وأضاف الطباع : البيئة الاقتصادية التي نعيشها بغزة وانخفاض الإنتاجية تعود للحصار الذي تحكمه قوات الاحتلال على القطاع , فهناك مؤشرات خطيرة  تأذن بمشكلة قائمة في غزة وهي انهيار في الاقتصاد فالأعداد الكبيرة للخريجين تشكل عبء على الحكومة وتنهك كاهلها.

كما أكد الطباع على ضرورة وضع خطة استراتيجية لحل هذه المشكلة , فبعض التخصصات في التجمعات ما زالت تنتج إلى الآن مع عدم حاجة السوق لها, مثلا تخصص العلوم الاجتماعية تبلغ نسبة البطالة فيه 75% , وتخصص المحاسبة باللغة الانجليزية وغيرها من التخصصات التي امتلأ سوق العمل بها ولا حاجة له بالمزيد، مؤكداً أن المشكلة  تحتاج لتشخيص للأسباب حتى نصل للحلول.

وتابع: مستقبل الخريجين مجهول فلا أحد يعلم ماذا تخبأ الأيام القادمة لغزة , ولكن الوضع الذي نعيشه خطير ويجب التنبه للمشكلة  بشكل جدي والسعي لحلها, فكثير من الخريجين مصيرهم مجهول يقضي نصف عمره بالتعليم وبعدها يقضي ما تبقى بالبحث عن عمل بالنسبة للذكور متى سيستقر ويتزوج ويؤسس عائلة .

الخريج العاطل عن العمل، بات مجهول المصير والمستقبل لا يوجد لديه أمل في العمل أو تكوين حياة بسيطة، يتعلق بقشة تظهر في إعلان للوظيفة، لكنها تصر على أن تقسم ظهره الذي انحنى على كرسي الجامعات أملاً في حياة عملية تصنع له مستقبلاً.