خبر صحفي اسرائيلي يطالب بتجميد عضوية اسرائيل في الفيفا

الساعة 07:46 م|18 مايو 2015

فلسطين اليوم

 كتب الصحفي الاسرائيلي جدعون ليفي مقالا مثيرا في صحيفة هارتس طالب فيه بتجميد عضوية اسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم معتبرا ان ذلك يمكن ان يشكل منعطفا من شانه تغيير قواعد االلعبة.

وفيما يلي نص المقال بالكامل: 

« لا بدّ لي في البداية من قول الحقيقة: أتمنى تعليق عضوية إسرائيل في الفيفا ».
في التاسع والعشرين من أيار/مايو الحالي، قد يحدث ما يمكن أن يغير قواعد اللعبة، وما يمكن أن يطلق سلسلة من ردّات الفعل التي يصعب التنبؤ بنهايتها. فإذا ما رفعت الفيفا الكرت الأحمر في وجه إسرائيل، كما يطالب الفلسطينيون، فإن هذا يعني أن تصبح كرة القدم أداة تغيير هامة. وهو ما يعني أنه قد آن الأوان أخيراً لإسرائيل أن تدفع ثمن جرائم احتلالها، ومعاقبة عامة الإسرائيليين عن كل ما أُرتكب باسمهم وعن كل ما ساهموا فيه وشجعوه ومولوه. وهو يعني أيضاً أن هناك ثمن ستدفعه إسرائيل عن خرقها المتواصل للقانون الدولي الذي تتعامل معه بغطرسة وعنجهية.

وهل هناك ثمن أكبر من حظر مشاركة إسرائيل في بطولات كرة القدم الدولية إلى أن تغيّر سلوكها؟ والحظر الكروي هو أسلوبٌ أثبت نجاحه في الماضي عندما تم إطلاق حملة مقاطعة دولية كروية لنظام جنوب إفريقيا العنصري وكان استبعادها من الفيفا أحد العوامل الحاسمة التي ساهمت في انهيار النظام برمته – ويمكن لهذا الأسلوب أيضاً أن ينجح مع إسرائيل.
 
أولى ردّات الفعل على أي قرار يعلق عضوية إسرائيل في الفيفا ستكون بالطبع الاحتجاج الواسع الذي ستبديه إسرائيل والتي ستلعب دور الضحية وتوحدّ صفوفها وتطلق حملة مضادة تؤججها بعبارات مثل: انظروا ما الذي يفعلونه بنا هؤلاء المعادّون للسامية، الحاقدّون على إسرائيل؛ نحن أمة تصارع للبقاء وحدها، والعالم كلّه ضدنا!

وبالطبع ستكون ذكرى الهولوكوست حاضرة في هذه الحملة، وسيتنافس السياسيّون والانتهازيون في إصدار أقوى البيانات والتصريحات الغاضبة. وسيخرج علينا زعيم المعسكر الصهيوني إسحاق هرتزوغ لينصحنا بأنه في مثل هذه الأمور لا يجوز أن ننقسم بين معارضين وموالين، بل يجب أن نصطف شعباً واحداً موحداً لمواجهتها. وقد تعتبر إسرائيل كرة القدم الفلسطينية أنها نشاط غير قانوني وتصدر قوات الدفاع الإسرائيلية أمراً شديد اللهجة يهدد باعتقال أي صبي بحوزته كرة قدم؛ وربما سيتم قصف ستاد رياضي في غزة بحجة أنه مستودع أسلحة؛ وربما تقوم القوات الإسرائيلية بتسوية مكتب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، بالأرض (ولن تكون هذه هي المرة الأولى).

وقد تبادر جمهورية التشيك وكندا إلى إقامة مباريات ودية مع إسرائيل؛ ويقوم شمعون بيرس بتنظيم مباراة بين ميكرونيزيا والفلسطينيين.
لكن بعد بضع أشهر من كل ذلك، حين ينال الإرهاق من إسرائيل ويتملكها الإحباط وتكون خارج كرة القدم الدولية ودون أي أفق دبلوماسي دولي، ستطفو إلى السطح أسئلة وشكوك كثيرة. 
ما الذي يمكن أن تفعله إسرائيل لتعود من جزيرة الشيطان؟ لماذا فعلوا كل ذلك بها؟ وقبل كل شيء، هل يستحق الأمر ذلك؟ هل يستحق فعلاً أن نستمر في الاحتلال ودفع ثمنه، وهو ثمن سيتنامى أكثر فأكثر؟ هل تستحق مستوطنات إيتمار ويتزهار أن نُنبذ من أجلها؟

لن تكون مدينة زيورخ السويسرية آخر محطات العقوبات والحظر: الفيفا ستطلق صافرة البداية، وهي صافرة تنتظرها بعض دول العالم بفارغ الصبر.
وهكذا، عندما يصبح الثمن أكبر مما نطيق، سيصحو المزيد من الإسرائيليين يوماً بعد يوم من غفلتهم. وقبل الفيفا، لم تكن هناك فرصة تجبرهم على الصحوة من هذه الغفلة: ليس لديهم سبب يدفعهم لذلك – فالحياة بالنسبة لهم جميلة، والمجتمع يرفض الاعتراف بوجود أية مشكلة، والأدمغة تُغسل.

حظر أي دولة في كرة القدم لا يقتل أي شخص، وحملات المقاطعة لا تسيل أية دماء، وهي سلاح مشروع لترسيخ العدل وتطبيق القانون الدولي. إسرائيل نفسها دعمت وما زالت تدعم حملات المقاطعة وتحثّ عليها: ضد حماس، وضد غزة، وبالطبع، ضد إيران. حتى أنها انضمت إلى حملة مقاطعة جنوب إفريقيا، وإن كان رغماً عنها. والآن حان دورها.

هل بوسع أي شخص إنكار أن إسرائيل تلقت الكرت الأصفر مرات كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى واستمرت بالتصرف كأن شيئاً لم يحدث؟ ألا تستحق أن تحصل على الكرت الأحمر جراء حبسها لملايين الغزّيين، بما فيهم لاعبي كرة القدم في غزة؟

هل يتذكر رئيس الفيفا، بلاتر، لاعب كرة القدم الذي تنبأ له بمستقبل باهر – محمد القطري، من مخيم الأمعري وطالب في أكاديمية بلاتر لكرة القدم في رام الله؟ هل يعلم بلاتر أن محمد القطري قُتل على يد قوات الدفاع الإسرائيلية برصاصة أُطلقت عليه عن بعد 70 متر لتخترق صدره وتقتله أثناء مسيرة احتجاجية على الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة؟ لم تكن تلك جريمة؟
إسرائيل تضع الآن قناعها الدبلوماسي الممسوخ والمصدوم وتسعى جاهدةً إلى الحيلولة دون وقوع المحظور، وقد تنجح في ذلك هذه المرة أيضاً، لكن أما آن الأوان لأن نسأل: إلى متى؟