صاحب أول مكتبة ثقافية في قطاع غزة

بالصور الراحل الموسوعي أبو شعبان.. وزارة ثقافة متحركة منذ 93 عاماً!

الساعة 03:46 م|16 مايو 2015

فلسطين اليوم

رحلَ رجلُ العلم والثقافة الفلسطينية المكتبي العريق الحاج خميس سعيد أبو شعبان (أبو سامح) عن عمرٍ يناهز (93 عاماً) جسداً لكن تلك الهامة والقامة المتجذرة في قلوب المثقفين والساسة وأصحاب العلم وكل من عرفه بقيت روحاً وفكراً وطيفاً وأثراً.

العلامة الموسوعي أبو شعبان ولد عام 1922 في مدينة غزه وتلقى تعليمه في كتاتيبها ومدارسها وأنهى شهادة (ماتريك) فلسطين -أي ما يعادل الثانوية العامة في يومنا هذا-، وافتتح مكتبة في مدينة غزه أُطلق عليها اسم المكتبة الهاشمية عام 1942 تيمنا باسم جد الرسول هاشم بن عبد مناف.

وينحدر أبو شعبان من أسرة متعلمة كان لها حضور ومشاركة فعالة في مجالات الثقافة والأدب فوالده الشيخ سعيد أبو شعبان كان أزهريا مفتيا ومعلما لأصول الدين في غزة و بئر السبع, كما كان شقيقه الشيخ محمد ناجي أبو شعبان المفتي وقاضي الفضاة في زمانه.

 صاحب أول مكتبة ثقافية في قطاع غزة والتي تأسست عام 1942م

كما وأشتغل أبو شعبان في الصحافة والأدب على مدى 60 عاما وكان له دور واسع في نشر الثقافة في المدينة والمحافظة على هويتها العربية رغم الاحتلال الإسرائيلي.

مكتبة أبو شعبان الأولى من نوعها في غزة تحولت إلى أكثر من مجرد مكتبة لاستعارة الكتب لتكون ملجأ لطالبي العلم في غزة وضواحيها، ولتكون بمثابة ملاذاً لطلب المعرفة ولمن أراد الانتهال من ميراث النبوة ليصدق الشبه بحق تلك المكتبة دار الأرقم الغزية وللسابقين المثل الأعلى.

وتتلمذ على يدي أبو شعبان كثير من قادة الرأي في مجالات مختلفة عبر تشجيعه المستمر لهم بالقراءة وحثهم على الكتابة.

الكاتب السياسي ووكيل وزارة الاقتصاد في قطاع غزة مصطفى الصواف يقول في حق الرجل بعد نعيه :« فجر الأربعاء توشحت الثقافة الفلسطينية بوشاح الحزن على وفاة عميدها وأبوها الحاني الحاج خميس أبو شعبان  رحمك الله يا من أسس لأول مكتبة في قطاع غزة المكتبة الهاشمية وبقي حتى أواخر عمره ملتقى المثقفين في مكتبة الهاشمية التي تشتم منها عبق التاريخ والماضي والمشهد الحاضر ».

وأضاف الصواف :« لقد كان الحاج خميس ملاذ الباحثين والمثقفين في القطاع لهاشميته التي حوت المئات من الكتب العلمية والقافية المتنوعة والتي شكلت مراجع للعديد من الباحثين (..) رحمك الله ابا سامح يا شيخ الكاتبين وعلم من إعلام الثقافة في فلسطين ».

الصواف: توشحت الثقافة الفلسطينية بوشاح الحزن على وفاة عميدها وأبوها الحاني الحاج خميس

اما الكاتب نعمان فيصل فقال بعد نعيه الرجل في مقالة له بعنوان وداعاً خميس أبو شعبان:« الأستاذ خميس أبو شعبان، مؤسس المكتبة الهاشمية: يحار المرء من أين يبدأ حين يكون الأستاذ خميس أبو شعبان موضوع الكتابة؟ فالرجل غني بالشمائل والخصال الحميدة، ومع أنه أحد رجال غزة المرموقين، فإنه صاحب أدب رفيع، وعلم متين، وخلق كريم، عرفته مثقفاً وأديباً ذا همة عالية وقول سديد، حيث إنه ممن احتضن ثقافة أبناء غزة في الماضي والحاضر ».

 كاتب: يحار المرء من أين يبدأ حين يكون الأستاذ خميس أبو شعبان موضوع الكتابة؟!

الكاتب الصحفي هشام ساق الله يقول :« اعرف الحاج خميس منذ ان كنت طفل صغير فكنت دائما اشتري منه مجلة التلفزيون كل شهر رمضان لحل الغاز شهر رمضان في التلفزيون المصري وكنت دائما اشتري منه كتب ثقافيه يتم توزيعها مع الصحف المصريه ووالدي الحاج شفيق احد زبائنه منذ ان هاجر من مدينة يافا إلى غزه وتعرف عليه وكان زبون دائم له ».

 

الكاتب ساق الله: لمن لا يعرف الحاج خميس فهو وزارة ثقافة وإعلام وحده

ويضيف:« بدء بتنظيم مهنة الصحافة في قطاع غزه وتم عمل عضويات في رابطة الصحافيين في الأراضي المحتلة كان الحاج خميس عضو ضمن الأعضاء الأوائل القليلين رغم انه ترك العمل الصحافي منذ سنوات طويلة ولكن عمل هذا الرجل يوما من الأيام في العمل الصحفي لفترات طويلة ».

وتابع: « لمن لا يعرف الحاج خميس فهو وزارة ثقافة وإعلام وحده منذ بدايات منتصف القرن الماضي فقد عمل مراسل صحافي لصحيفة الجمهورية المصريه اضافه إلى عمله كوكيل للصحف المصريه وعمل مع صحافيين أجانب وصلوا إلى غزه كانوا يرتادوا مقر مكتبته للاطلاع على الأوضاع في قطاع غزه ويكفي هذا الرجل انه كان يعير الكتب والقصص الثقافية للمثقفين الفقراء لتشجيعهم على القراءة وكان يحضر كل أنواع الكتب الثقافية والعلمية من القاهرة إلى غزه فقد كانت مكتبه عبارة عن معرض للكتاب والثقافة ».

الكاتب توفيق أبو شومر كتب هو الآخر :« توفي صباح هذا اليوم 13/5/2015 أهم ناشري الثقافة والوعي، وهو من أبرز روّاد المكتبات في فلسطين كلها، مالكُ المكتبة الهاشمية، ومؤسسُها في أربعينيات القرن الماضي الأستاذ/ خميس أبو شعبان، عن عمرٍ يبلغ ثلاثة وتسعين عاما ».

واضاف :« لم أعتدْ كتابةَ الرثاء والمدح والثناء إلا فيمن يستحقون، فرائدُ نشر الثقافة والوعي، الأستاذ، خميس أبو شعبان، لم يكن يملك مكتبة لبيع الكتب، بل كان يدعم الثقافة وينشُرها، وكان يُنظم جلستين في كل أسبوع، يوم الأحد، ويوم الخميس،أعتزُّ بكوني عضوا في جلستي الثقافة والوعي الأسبوعيتين، تدورُ فيهما أحاديثٌ مشحونةٌ بالذكريات، وتُقصُّ فيهما الطرائفُ، والأشعار، والقصص، والأخبار، وكان المكتبيُ الرائعُ يُعينُ الباحثين، ويُرشدهم إلى الكتب المختصة، بما يملكه من موسوعة نادرة في الحفظ، حفظ الأشعار، والطرائف، والقصص!

اعتاد رائدُ الثقافةِ المكتبية، أن يمنح الشارين القارئين جائزةَ، وهي، كتابٌ مجانيٌ إذا قرؤوا كتابين، وكان يصور المقالاتِ الجميلة والأشعارَ الرائعة، ويوزعها مجانا على القارئين، ما أحوجَنا، نحن الفلسطينيين، إلى توثيق سيرة هؤلاء المبدعين، لنصنعَ من سيرهم مصابيحَ تُضيء طريقَ أبنائنا، نحو مستقبلٍ ثقافي مشرقٍ بالأمل والتقدم ».

الكاتب ابو شومر: لم أعتدْ كتابةَ الرثاء والمدح والثناء إلا فيمن يستحقون، فرائدُ نشر الثقافة والوعي، الأستاذ، خميس أبو شعبان، لم يكن يملك مكتبة لبيع الكتب، بل كان يدعم الثقافة وينشُرها

كذلك كتب الكاتب والروائي يسري الغول في مقالة له بعنوان الحاج خميس أبو شعبان.. وداعاً : « وكنت يوماً قد كتبت بأن الرجل يستحق قبل وفاته على نوط القدس أو وسام الدولة بدلاً من توزيع تلك الجوائز على المغنيات والراقصات؛ ولكن نظراً لانحدار ثقافتنا صار أمثال هذا الرجل لا يدور في بال صناع القرار رغم كل ما قدموه للوطن وللهوية الفلسطينية، ورغم ذلك فقد قمت أكثر من مرة بزيارة الحاج بشكل شخصي، وأحياناً برفقة الأستاذ مصطفى الصواف وكيل وزارة الثقافة بغزة، وكنا قد تواعدنا أن نزوره مؤخراً دون أن نحظى بظرف مناسب.

واختتم الغول مقالته؛ كاتباً : »الحاج خميس أبو شعبان، والذي كان قد بلغ من العمر عتياً، وهبنا ملكاً وكنزاً لا ينضب، ويوم أن جلس في بيته، ذبل رحيق الكتب والمكتبة، فقد كان حلم ذلك الرجل أن يصبح الشبان في غزة وفلسطين قامات سامقة في شتى المجالات، لذلك فقد كان يقوم بفتح قسم لإعارة الكتب مراعاة لرغبات القراء غير القادرين على شراء تلك الكتب، كما كان يقوم بتشجيع الأطفال على القراءة بأن يعطي هدية لمن يقرأ عشر قصص قصة جديدة لم يكن قد قرأها ذلك الطفل في الوقت الذي كان الاحتلال يجثم على صدر غزة وأهلها".

 الكاتب الغول: رحم الله الحاج خميس أبو شعبان، فقد كان حقاً رجلاً بأمة

وأقيم بيت عزاء أبو شعبان في مدينة غزة وسط حشد كبير ومرموق من المثقفين والسياسيين وقادة الرأي والأدب والدين.



d0007c30fb96ac2da93cb679bd31ece0

20150513_12_3238_0

11143357_1007680659256225_7648009965520960602_n