خبر كامب ديفيد اليوم وغداً تجمع « أصحاب القرارات الأمنية »

الساعة 07:52 ص|13 مايو 2015

فلسطين اليوم

 تستضيف واشنطن، اليوم الأربعاء وغداً الخميس، قادة خليجيين من جيل الشباب في غالبيتهم يمثلون بلدانهم في أعمال أول قمة خليجية أميركية من نوعها من المقرر أن تعقد على جولتين، الأولى في البيت الأبيض، والثانية في منتجع كامب ديفيد الربيعي بمقاطعة فريدريك القريبة من العاصمة الأميركية.

قمة تشير المصادر إلى أنه سيتخللها تقديم ضمانات أمنية من الرئيس الأميركي باراك أوباما للمسؤولين الخليجيين حيال الاتفاق النووي الإيراني المنوي توقيع نصّه النهائي في 30 يونيو/حزيران المقبل، فضلاً عن نقاشات جدية حول الرؤية الأميركية والخليجية حيال سورية والعراق واليمن، بالإضافة إلى ضمانات حيال عدم تدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول الخليجية الست الممثلة في القمة.

ويمثل دول الخليج في هذه القمة، التي وصفت بالتاريخية وغير المسبوقة، قادة خليجيون، أربعة منهم من الجيل الثاني ممن تولوا بالفعل قيادة دفة الحكم في بلدانهم أو أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من تولي الموقع الأول. وقبيل بدء الجولة الأولى من القمة بساعات أصبح في حكم المؤكد تغيب معظم القادة الكبار في أربع دول على الأقل، لكن البيت الأبيض قلل من شأن هذا التغيب معتبراً بأن القمة ذات جدول أعمال دفاعي وأمني وأن جميع من سيلتقي بهم الرئيس الأميركي باراك أوباما من ممثلي دول الخليج هم أصحاب القرار الأول في هذين الملفين.

وإلى جانب تغيب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد آل نهيان، وسلطان عُمان قابوس بن سعيد، والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لأسباب تتعلق بمشاق السفر، يتغيب ملك البحرين عن القمة لأسباب رفض مصدر دبلوماسي في سفارة البحرين لدى الولايات المتحدة الإفصاح عنها، مكتفياً بالقول إن توضيحاً رسمياً سوف يصدر من المنامة خلال الساعات المقبلة (أمس). وفي وقت لاحق أعلن الديوان الملكي في البحرين أن ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة سيترأس وفد مملكة البحرين في القمة الخليجية الأميركية. وأعلنت سلطنة عُمان أن نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد سيترأس نيابة عن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان وفد السلطنة.

في المقابل، يمثل دول قطر في القمة أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وباستثناء دولة الكويت، فإن بقية الدول الخليجية تشارك برؤساء وأعضاء وفود من الجيل الشاب الذي لم يشارك في تأسيس تلك الدول. كما يلتقي هؤلاء ربما للمرة الأولى بصورة جماعية ممثلين لبلادهم في قمة قد ترسم خلال الثمان والأربعين ساعة التي تستغرقها ليس مستقبل العلاقات الخليجية الأميركية فقط، بل ربما مستقبل العلاقات الخليجية البينية ذاتها لأجيال مقبلة.

لهذا السبب لم يبدُ الانزعاج على المسؤولين في البيت الأبيض من تغيب أربعة من القادة من جيل الآباء المشاركين في تأسيس بلدانهم أو المعاصرين لذلك التأسيس ممن لا يزالون رسمياً على رأس السلطة في ممالك وإمارات الخليج. بل على العكس من ذلك، قال مسؤول في المكتب الصحافي التابع لمجلس الأمن القومي لـ « العربي الجديد » إن رؤساء وأعضاء الوفود المشاركين في القمة ممن سيلتقي بهم أوباما « هم من ذلك النمط من المسؤولين الكبار القادرين على اتخاذ القرار نيابة عن بلدانهم أثناء الاجتماعات بدون حاجة لمشاورة صاحب قرار أعلى منهم، وليس هذا فحسب بل لديهم سلطة متابعة تنفيذ ما يتفق عليه على الصعيد العملي ». وأورد المصدر نفسه مثالين اثنين ذاكراً اسمي كل من ولي العهد السعودي محمد بن نايف وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مضيفاً « لا يراودنا أي شك في أن مشاركة بن نايف وبن زايد وبقية رؤساء الوفود الخليجية قادرون على تمثيل مصالح بلدانهم أثناء النقاش والتأكد من إمكانية الإيفاء بأي تعهدات أو التزامات نيابة عن بلدانهم بشكل كامل ».

وفي السياق نفسه، أوضح وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن قمة كامب ديفيد ستركز على ثلاثة محاور رئيسية تتناول التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الإقليمية ومن ضمنها التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة، مؤكداً أن مشاركة ولي العهد وولي ولي العهد محمد بن سلمان في حدث خارج المملكة في الوقت نفسه أمر غير مسبوق ودليل على الأهمية التي توليها المملكة لقمة كامب ديفيد، بعد ساعات من إجراء الرئيس الأميركي مباحثات هاتفية مع العاهل السعودي تطرقت إلى جدول أعمال القمة بالتزامن مع نفي المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست ما أشيع عن أن عدول الملك السعودي عن المشاركة في قمة الرياض هدفه توجيه رسالة إلى واشنطن.

يشار إلى أن ولي العهد السعودي يمسك بالملف الأمني في بلاده في حين أن ملف الدفاع يمسك به ولي ولي العهد محمد بن سلمان الذي يشارك في أعمال القمة، وينتمي لأصحاب القرار من جيل الشباب الصاعد في الخليج. وألمح المسؤول الأميركي إلى سرور أوباما باللقاء مع جيل الشباب من « قادة الحاضر والمستقبل في بلدانهم » قائلاً إنه « ستكون الفرصة ملائمة للرئيس أن يلتقي بهم جماعياً للبحث في القضايا المشتركة بما قد يساعدنا ويساعدهم على تفهم الطريق الأنسب الذي يجب أن نسلكه في دفاعنا وحمايتنا لأمن الخليج ».

وفي الوقت الذي أجمعت فيه المصادر الأميركية على أن ملفات اليمن وسورية والعراق وإيران ستكون أهم محاور المباحثات، ظهرت مؤشرات على احتمال أن يتعرض الوفد السعودي خلال جلسات القمة إلى ضغوط قوية لتحويل الهدنة المعلنة في اليمن، والتي دخلت حيز التنفيذ مساء أمس الثلاثاء، إلى وقف دائم للغارات على أهداف داخل الأراضي اليمنية من أجل فتح مجال للحل السياسي. ضغوط ليس من الولايات المتحدة فقط ولكن أيضاً من بعض ممثلي دول الخليج الذين قالت مصادر أميركية إنهم يلتقون في الرأي مع واشنطن بشأن أهمية إيجاد حل جذري للأزمة اليمنية.

ومن المؤشرات على وجود رغبة أميركية في إيقاف حرب اليمن أنّ المتحدث باسم البيت الأبيض، رفض قبل يوم واحد من بدء أعمال القمة، الإجابة على سؤال عما إذا كانت الغارات الجوية التي تنفذها السعودية وحلفاؤها في اليمن تحقق أهدافها لتستحق الدعم الأميركي. وقال إرنست « أحيلكم لتوجيه السؤال إلى السعوديين أنفسهم أو إلى (وزارة الدفاع) البنتاغون، أما أنا فأستطيع أن أقول لكم فقط إننا نساعد السعودية لحماية حدودها. أما في ما يتعلق بالوضع داخل اليمن فنحن على قناعة بأن الطريقة الوحيدة لإيجاد استقرار أمني لن يتم إلا عن طريق الحوار السياسي الذي يشمل جميع الأطراف (في إشارة تكررها الولايات المتحدة للتعبير عن رغبتها في إشراك الحوثيين وربما الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح في الحوار). وتابع إرنست، خلال المؤتمر الصحافي نفسه قائلاً »لهذا السبب دعونا جميع الأطراف إلى الانخراط في حوار تشرف عليه الأمم المتحدة".

وتتزامن قمة كامب ديفيد مع التحضيرات لعقد حوار يمني في الرياض دعت إليه الرئاسة اليمنية نهاية الأسبوع الحالي، لكن مصادر يمنية أخرى شككت في إمكانية عقده في موعده متوقعة أن تتغير الاستراتيجية السعودية بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، وأن يبدأ حوار سياسي فعلي في مكان تجمع عليه كافة الأطراف بإشراف دولي ومشاركة خليجية قوية.