خبر القانون والخطأ الطبي.. د. عبدالكريم شبير

الساعة 11:39 ص|10 مايو 2015

بقلم د.عبدالكريم شبير

الخبير في القانون الدولي

   نعمة الجملة فتاة متزوجة، من غزة التفاح، وهي في مقتبل العمر، وتبلغ تسعة عشر سنة، وهي في حالة ولادة طبيعية ولدت، ثم توفيت بسبب الإهمال الطبي ، بأحد مستشفيات غزة ، من الطبيب الذي لم يقص الخلاصة حسب الأصول الطبية، و تم نزع الخلاصة من أحشاء المرحومة، والتي نسيها في رحمها، مما أدى إلى انفجار الرحم، ثم قام الأطباء بإجبار أهل المرحومة بالتوقيع على مستند بعدم المسؤولية الطبية على أجراء عملية إزالة الرحم الناتجة عن الخطأ الطبي، وأثناء العملية  تسبب في قطع شريان متصل بالقلب مباشرة، مما أدى إلى نزيف ثم الوفاة، رغم إعطائها ثلاثين وحدة دم، حيث عجز الأطباء في علاج الحالة، و قام ذوي الفقيدة بعمل تحويلة لها، إلى مستشفى داخل الخط الأخضر، حيث تفاجأ هناك الأطباء بوجود كمية كبيرة من القطن محشية بأمعاء المرحومة، وكانوا يتسألون هل كان الأطباء في غزة بمعركة ،أم ماذا؟؟؟.

   أن الطب يعتبر مهنة إنسانية وهي من أرقى المهن، بل تعتبر رسالة خالدة لكل طبيب صادق وأمين على هذه المهنة، وعلى أرواح وأجساد البشر في العالم كله، لذلك وجدت من الواجب الوطني والإنساني والقانوني والمهني ان يكون مقالي الأسبوعي حول هذا الحدث الهام، وما هو الموقف القانوني من الأخطاء الطبية؟ وما هو مفهوم الخطأ الطبي الجسيم؟ وما هي أنواعه وشروطه؟. 

عناصر الخطأ:

أ- التعدي بالانحراف عن السلوك ومسلك الطبيب المعتاد أن وجد في نفس الظروف الخارجية له كالزمان والمكان.

ب_ الادراك : أن يكون  مميزا يستطيع التفرقة بين الخير والشر فاذا ارتكب الخطأ

( مجنونا ) لا يسأل لعدم استطاعته التمييز أو الاختيار.

 

  مفهوم الخطأ الطبي:

هو الخطأ التقصيري ويعني كل فعل خطأ سبب ضرر للغير يلزم فاعله بالتعويض وأن التزام الطبيب هو التزام ببذل جهد وليس التزام بتحقيق نتيجة وهذا الجهد هو بذل العناية الصادقة من أجل شفاء المريض فإن قصر فهو تقصير في مسلك الطبيب لا يقع من طبيب يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول أو هي كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي   بها العلم

· مفهوم الخطأ الطبي :

  هو الخطأ التقصيري ويعني كل فعل خطأ سبب ضرر للغير يلزم فاعله بالتعويض وأن التزام الطبيب هو التزام ببذل جهد وليس التزام بتحقيق نتيجة وهذا الجهد هو بذل العناية الصادقة من أجل شفاء المريض فإن قصر فهو تقصير في مسلك الطبيب لا يقع من طبيب يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول أو هي كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي   بها العلم ، أو المتعارف عليها نظريا وعمليا وقت تنفيذه للعمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر و اليقظة والتي يفرضها القانون متى ترتب على فعله نتائج جسيمة، في حين كان في قدرته وواجبا عليه ان يتحرى في تصرفه اليقظة والتبصر حتى لا يضير بالمريض إلى جانب توافر علاقة نفسية تصل بين إرادة المتهم والنتيجة الإجرامية و من صوره القتل الخطأ غير العمدي فان فرط إتباع هذه الأصول العلمية أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية.

وأن قصر وأهمل وترتب على ذلك ضرر سئل بالتعويض مسئولية مدنية إلى جانب المسئولية الجنائية.     

ويسأل الطبيب حال الخطأ الفني عن خطأ جسيم راجع إلى جهل فاضح وتقصير بين، وأن مخالفة الأصول الفنية يوفر المسؤوليتين الجنائية والمدنية متي توافر الضرر اي كانت درجة جسامة الخطأ.

·أنواع  الخطأ الجسيم هي :-

1- الاهمال

2- الرعونة

3- عدم الاحتراز

4- مخالفة القوانين واللوائح : يجب على المضرور اثبات الخطأ وعلى المسئول الطبيب اثبات التخلص منه.

·       الآثار المترتبة على مخالفة القوانين واللوائح وعدم الاضرار :-

ويترتب عليه مسؤوليتين جنائية , واخرى مدنية

أ‌-     المسئولية الجنائية :

   إذا كان الطبيب موظفا بمستشفى عام واخل بواجبات وظيفته يجوز تأديبيه بحسب نوع وجسامة المخالفة الادارية الى جانب الجزاء الجنائي ويسمى ذلك بالخطأ المهني الجسيم .

إن كل فعل يدخل في احدى الصور سالفة الاشارة – ترتب عليه نتيجة اجرامية حتى ولو انعدم القصد الجنائي . ويسأل عن جريمة غير عمدية , ويعاقب عليها حسب القانون وفي حالة الخطأ المهني الجسيم تكون العقوبة فيه الحبس وجوبي وهذا يسمى  بالخطأ المهني الجسيم .

·شروط الخطأ المهني الجسيم :-

إن شغل الطبيب وظيفة، واخلاله اخلالا جسيما بما تفرضه عليه اصول المهنة، ولقاضي الموضوع سلطة تقدير جسامة الخطأ ، فإذا توافر ظرف من الظروف الواردة سلفا  تكون العقوبة حسب ما ينص عليها قانون العقوبات في الظروف المشددة . ويلاحظ أن الظرف المشدد هذا غير متوافر لانعدام القصد الجنائي وإن كان هناك ظرف مشدد فهي تتصل بمدى جسامة الخطأ وما يترتب عليه من نتائج كالمسئولية التقصيرية بعناصرها من خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما .

·أنواع الخطأ الطبي : -

أولا : الاهمال وعدم الاحتياط 

هي سلوك سلبي لنشاط ايجابي – غاب عنه احتياط كان اتخاذه يوجبه الحذر على كل من كان في مثل ظروفه لتلافيه والحيلولة دون حدوث النتيجة الاجرامية ، ومثاله : ترك طفل بجوار موقد مشتعل فيسقط عليه الماء الساخن ويقتله ، أو طبيب يجري جراحة بسلاح غير معقم نتج عنه اصابة المريض بمرض التهاب الكبد الفيروسي أو اجراء عملية جراحية قبل اجراء الكشف الطبي وعمل التحاليل الطبية اللازمة.

ثانيا : الرعونة

وهي سوء التقدير أو نقص المهارة أو الجهل الفاضح بما يجب معرفته بأصول المهنة و مثاله: أن يخطأ طبيب عظام في قراءة صور الأشعة فيظن الإصابة كسر الاشتباه تباعد الأجزاء فيقوم بالعلاج على هذا الأساس .

ثالثا: عدم الاحتراز

 هو اقدام شخص على أمر كان يجب عليه الامتناع عنه  توقعا للأخطار و مضى في العمل دون اتخاذ الوسائل و الاحتياطات الكفيلة بدفعها ومنع تخفيفها وهو يتساوى مع الإهمال بالإخلال بواجبات الحيطة المستمدة لخبرة الانسانية العامة .

رابعا : مخالفة القوانين واللوائح

ويتمثل في الامتناع عن أمر يجب القيام به ،أو الاقدام على سلوك محظور يجب الامتناع عنه وهو ما يسمى بالخطأ الخاص ولا يغني توافرها عن توافر سائر أركان جريمة القتل غير العمدي وأهمها توافر علاقة السببية بين فعل المتهم و وفاة المجني عليه . وأن اعتبار مخالفة القوانين واللوائح خطأ في جريمتي القتل والإصابة الخطأ مشروط : بأن يكون المخالفة هي بذاتها سبب الحادث .

وفي النهاية يمكن ان اقول : بأن الطبيب يعد مسئولا جنائيا عن خطئه المهني الطبي

-كما يسأل مدنيا بالتعويض اذا قصر أو أهمل على أساس المسئولية التقصيرية .

-كما يسأل عن الخطأ العادي أيا كانت درجة جسامته

و لو كان يسيرا بشرط : ثبوته للقضاء بصفة قاطعة ، فلكي يكون رسمي مباحا يجب أن يكون مطابقا للأصول العلمية المقررة فإن قصر في اتباعها أو خالفها تقررت مسئوليته الجنائية ، فيكون مسئولا عن الخطأ في تشخيص المرض حتى ولو كان يسيرا ما دام لا يصدر هذا الخطأ من طبيب يقظ وجد في ذات الظروف . 

وقد يعاقب القانون الطبيب المهمل اذا تسبب بإهماله في موت شخص بالحبس الى جانب التعويض المدني الذي يحصل عليه المضرور من الطبيب الذي ثبت اهماله وعوقب جنائيا على ذلك .

وعليه فإن  التزامات الطبيب تشمل :-

1-بذل العناية الصادقة من أجل شفاء المريض.

2-متابعته والوقوف على حالته اثناء العلاج حتى تمام الشفاء.

3-عدم افشاء سره فيما يتعلق بمرضه و اسبابه.

وعلية فإنني اطالب وزارة الصحة والنيابة العامة باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة في هذه الحادثة الخطيرة التي انهت بحياة انسانة بريئة.