خبر اسرائيل كناكرة للكارثة .. هآرتس

الساعة 09:14 ص|24 ابريل 2015

بقلم

(المضمون: لم تبدي اسرائيل حتى الان استعدادا للتخلي عن احتكارها للضحية، وان تتقاسم ملكيتها الحصرية لمكانة المضطهد. وكارثة الارمن لا تجد حتى لاعتبارات الكلفة – المنفعة سبيلا للاعتراف بجريمة قتل الشعب الارمني - المصدر).

اليوم، 24 نيسان 2015، يوم الذكرى المئة لقتل الشعب الارمني. لقد اخطأ البابا فرانسيس حين احياها هذا الاسبوع بصفتها ذكرى « قتل الشعب الاول في القرن العشرين »؛ وهي لا. فهذا كان ما حصل في المستعمرة الالمانية في جنوب غرب افريقيا (اليوم ناميبيا) – حين قتل مئات الاف من ابناء القبائل. ولكن السود لا يحصون- من بالنار ومن بالماء.

كما ان البابا نسيهم، حين ذكر مليون ونصف ارمني، ودعا امم العالم للاعتراف بالجريمة العثمانية ضدهم وضد الانسانية. ولكن مباركا: فليس سهلا عليه ان يتصدى لمؤسسة كاثوليكية محافظة، لا ينافسها في تحجرها وفسادها سوى المؤسسة الحاخامية في اسرائيل.

فهل ستنصت « الدولة اليهودية » لدعوة المسيحي؟ ام لعلها ستفضل، كعادتها، الانشغال ببابا آخر، واتهامه بنكران الابادة في عصر آخر. صحيح، بايوس الـ 12 لم يخرج عن طوره كي ينقذ اليهود، ونحن ايضا لا نسارع الى التماثل مع معاناة الاخرين والهرع لنجدتهم؛ اسرائيل هي ايضا، على طريقتها، ناكرة لكارثة الاخرين.

عشرات الدول استجابت منذ الان للمناشدة الارمنية واعترفت بقتل الشعب، رغم استياء اردوغان ورغم تهديدات حكومته. فقد قرر البرلمان الاوروبي الان تحطيم مؤامرة الصمت عن الدماء. إذ ما الذي تريده الطائفة الارمنية في شتاتها: ليست النجدة، بل بالاجماع – الاعتراف. لا حاجة لان يخاطر احد من أجلها. بل فقط أن يبدي الشراكة والتفهم. وعندما تبقى العيون غامضة – ستبقى الجروح مفتوحة. ليس خيرا ان تكون شعبا يتيما وحدك.

لم تبدي اسرائيل حتى الان استعدادا للتخلي عن احتكارها للضحية، وان تتقاسم ملكيتها الحصرية لمكانة المضطهد. لها ايضا اعتبارات الكلفة – المنفعة والمصالح العالمية: ذات مرة في جنوب افريقيا الابرتهايد ومرة اخرى في الارجنتين او في تشيلي الطغمات العسكرية. ومن سيزايد على « الاكثر اخلاقية »، إذ على الضمير العالمي ايضا يوجد لاسرائيل الرسمي حيازة. فالارمن، يمكنهم ان يقفزوا لنا راقصين: أما نحن فلن نقفز بداية، فنحن لسنا حميرا. وحتى مع كوبا سنكون آخر من يقيم العلاقات بصفتنا جريرة أمريكية مغرورة.

اليوم، قبل 15 سنة بالضبط دعيت الى الكنيسة الارمنية في القدس: « جئت لاكون معكم »، قلت هناك. « في يوم ذكراكم، انا هنا كانسان، كمواطن عالمي، كيهودي، كاسرائيلي وكوزير التعليم في دولة اسرائيل. لسنوات عديدة جدا كنتم وحدكم. اما اليوم، لاول مرة، فانتم وحدكم اقل ».

غير مرة سئلت منذئذ – هل تشاورت بداية مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية. لماذا أسأل حين يكون الجواب متوقعا والحق لن يمنح وانا ليست ولدا. وبالفعل، ايهود باراك سارع الى التنكر، وشمعون بيرس قطع جملته كمؤرخ عظيم:« قتل الشعب الارمني يجب أن يترك للمؤرخين »، قال متفلسفا. وأنا اعلنت كشخصية غير مرغوب فيها في تركيا؛ أنقرة لا تنتظرني، حتى الان.

في سنوات « مرمرة » عندما تعكرت العلاقات، بدت علامات مشجعة: ربما الان – بتأخير كبير – سيصلح الظلم أخيرا؛ فماذا هناك لنخسره. هذا الشهر ثار أمل  جديد مع زيارة كيم كردشيان: ما لم يفعله الرأس اليهودي ستفعله المقعدة الارمنية. وحتى هذه المنفعة خابت هي الاخرى. فمع ان الكنيست تبعث مع حلول ذكرى المئة من يمثلها الى العاصمة يرفان – عنات بركو ونحمان شاي – ولكنهما سيجلسان في المقاعد الخلفية وسيتلقيان « توجيها » مسبقا من وزارة الخارجية. وسواء سافرا أم لم يسافرا، فان هذا لن يغير في الامر من شيء.

من الصعب ان نفهم لماذا ترفض تركيا في أن تكون « اخرى ». مؤخرا كان يخيل انها رققت موقفها، وها هي الان تعود الى عادتها القديمة. فليس عليها  يجثم ظلم الاباء وليس الذنب هو ما ينتظر ان تتحمله، بل المسؤولية التاريخية للنكبة الارمنية واى جانبها الاعتذار؛ فالدولاب لا يمكن اعادته الى الوراء، بل يمكن فقط انقاذه من وحل الرواسب والدماء، وتوجيهه في اتجاهات جديدة.