خبر القوة ليست استقلالا - يديعوت

الساعة 09:37 ص|21 ابريل 2015

فلسطين اليوم

بقلم: جدعون عيشت

كان غريبا بعض الشيء ان نتبين الجلبة التي ثارت في اعقاب رسالة 16 وزير خارجية من الاتحاد الاوروبي ممن سعوا الى اتخاذ قرار لتأشير المنتجات من المستوطنات التي تباع في اوروبا. فلنفترض أن غدا اتخذ القرار المطروح، فماذا سيحصل لاسرائيل؟ الجواب الصحيح هو لا شيء. وماذا سيحصل للمستوطنات؟ تقريبا لا شيء.

قبل نحو عقد من الزمان، عندما كان شارون رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وزيرا للمالية وايهود اولمرت وزيرا للصناعة والتجارة رفع الاوروبيون صرخة في ذات الموضوع نفسه. قنينة سودا سترين من معاليه ادوميم كما ادعوا، ليست اسرائيلية ولهذا فهي واجبة الجمرك. فاجتمع الثلاثي القائد، استسلم ومنذئذ تدفع اسرائيل جمركا على قنينة السودا التي تدخل الى البقالة الفرنسية.

كل قصة التصدير من المستوطنات عديمة القيمة الاقتصادية. ورغم ذلك – فان الخوف والشعور بالضحية يسيطران. فكيف هذا؟

قبل اربعين سنة كانت مثل هذه المناورة مشكلة. فقد كانت اسرائيل دولة محملة بالديون والعجوزات. اما اليوم، على الاقل في السلم العالمي المقبول، فان اسرائيل هي دولة ذات حسابات مرتبة. في حساباتها مع الخارج يوجد حتى فائض. فوائض لدرجة ان الشيكل، تعزز والان أربعة منه فقط تشتري دولارا بينما قبل بضع سنوات احتجنا الى خمسة. اما المساعدة الامريكية، ثلاثة زائد مليار دولار في السنة كان ذات مرة رقما بالغ المعنى. اما اليوم فهذا مال صغير في دولة مع دخل قومي يبلغ اكثر من تريليون شيكل في السنة.

          اسرائيل حسب افضل الجداول المعروفة، هي الان مستقلة وقوية اكثر من أي وقت مضى. والكثير من الدول في ذات الاتحاد الاوروبي تراوح اقتصاداتها في المكان. واكثر من ذلك: ذات مرة كان لاسرائيل اعداء حقيقيون – مصر، سوريا، الاردن، الجيوش العربية. اما اليوم فهذه الجيوش هي فضيحة. منظمات صغيرة نسبيا مثل حزب الله، الدولة الاسلامية، حماس وباقي الخضراوات المعروفة تنجح في البقاء في مواجهة جيوش أقوى بكثير. فانظروا كيف حتى الامريكيين وشركاءهم يقصفون في سوريا وفي العراق – بينما داعش لا يتراجع. الحوثيون في اليمن يعقدون مدرسة لمن يتصدى لهم من السعودية المتينة مع طائرات اف 16 من أكثر الطائرات تطورا في مطارحنا.

          ثمة من يدعي وعن حق بان لدينا جيش عظيم مع مشكلة واحدة: ليس له من يقاتل ضده. كل الدبابات، الغواصات، سفن الصواريخ والطائرات لا تستغل. ولعل ايران تطلق ذات مرة اصوات الحرب، هكذا يعد رئيس الوزراء، ولكن في هذه الاثناء يطلقون هناك مجرد الكلمات وحدها.

          الاقتصاد يتضخم والامن يسيطر. في جداول الاستقلال نحن في القمة. وبالتالي لماذا هذا البكاء الذي يتصاعد مع رسالة التأشير على التمور من غور الاردن؟

هناك من يدعي بان نتنياهو مذنب؟ فهو فنان اشعال الخواطر. وهو لا يكف عن التخويف. أما المواطنون فيحبون جدا رئيس وزرائهم لدرجة أنهم استوعبوا الوجود في ظل التهديد. هذا التفسير يريحنا جميعنا، او معظمنا على الاقل، نحن الاغبياء غير ان ثلاثة ارباع المقترعين لم يصوتوا لليكود في الانتخابات الاخيرة.

بشكل اكثر جذرية – الاستقلال الاسرائيلي لا يقاس بالناتج المحلي الخام، بالقبة الحديدية، بالعوزي ولا بالتكنولوجيا العليا. وحتى دبابة المركفاة الاكثر اسرائيلية من ما هو موجود تسافر بمحرك أجنبي. كل الطائرات والغواصات هي من هناك. واذا ما اغتاظ هذا الـ « هناك » منا – فان كل التايتنك الصهيوني سيصطدم بالجبل الجليدي.

في اساس الامر، وضع اليهود في بلاد اسرائيل لا يختلف كثيرا عن وضع اليهود في اوروبا. اذا ما نهض حملنتسكي – ففي النهاية سيضربنا – هناك وهنا.

والسبب واحد: الصهيونية لم تتمكن، وهناك من يدعي انها لم تستطع، ان تتدبر أمرها في الشرق الاوسط. نحن هنا نشعر، حقا، بالضبط مثل أبائنا في بولندا وفي اليمن. وهكذا، فان كل جداول الاستقلال تنهار أمام احساس الخوف من أن الصهيونية لم تجتث الواقع اليهودي.