خبر غزة: ملتقى تربوي دعوي يُسلط أضواءه على واقع الأمة

الساعة 12:09 م|18 ابريل 2015

فلسطين اليوم

نظمت أسرة مسجد القدس الخميس الماضي (16/4)، الملتقى التربوي الدعوي الأول، بمدينة غزة.

وحاضر في الملتقى كلاً من فضيلة الدكتور عماد حمتو أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة فلسطين، وفضيلة الشيخ صابر أحمد عميد كلية العلوم الدعوية، والداعية الإسلامي عمر فورة.

وحضر الملتقى التربوي الدعوي لفيف من قادة وكوادر حركة الجهاد الإسلامي أبرزهم، عضو المكتب السياسي للحركة الدكتور محمد الهندي. وأدار الملتقى القيادي محمد الحرازين.

وتحدث د. الهندي في كلمةٍ مقتضبة - رحّب فيها بالحضور - عن الهوة الكبيرة بين المبادئ والقيم التي جاء بها ديننا الحنيف، وبين سلوك أبناء المجتمع، مشيرًا إلى أن ذلك أمر نهى عنه الله عز وجل، حينما قال في كتابه: « كبُر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ».

وبيّن أن هذه الآية تهز الإنسان من الداخل، فكيف يسوغ لنفسه أن يمارس أعمالًا تخالف أقواله على أرض الواقع، منبهًا إلى أهمية تكوين القناعات على أساس المبادئ. وأشار إلى أن المبادئ هي الناظم لسلوك الفرد، أما القناعات فالأصل أن تتأتى في ضوئها.

ونوه د. الهندي إلى أن الإنسان يكسب نفسه إذا وهبها لرسالة، لافتًا إلى أن من يعتقد بأنه إذا تبوأ منصبًا، أو حصل على مكانة رفيعة، أو جاه ومال وفير مكسب؛ فهو مخطئ. واستشهد للإيضاح بالآية القرآنية « إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة .. ».

بدوره، تحدث د. حمتو عن أهمية تحصين الإنسان المسلم تربويًا، مشيرًا إلى أن قضية التربية في القرآن الكريم محورية.

وأوضح أن التربية هي منهاج الأنبياء، وقد ذُكرت في عدة سور ومواطن في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن هذا اللفظ جاء صريحًا في 3 مواضع في كتاب الله، منها قوله تعالى :« ألم نُربك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين ». وقوله كذلك :« وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرًا ».

ولفت د. حمتو إلى أن الوعاء الأوسع لمفهوم التربية الذي جاء به الأنبياء وعظمه القرآن الكريم هو مفهوم التزكية، التي جاءت في 59 موضعًا في كتاب الله.

وذكّر الحاضرين بقول لأحد العارفين بالله « إذا رأيت الناس يمدحونك بما ليس فيك، فاعلم أن هذا من باب ستر الله عليك »، « وإذا رأيت الناس يمدحونك بما رأوا منك ليس الفضل لمن مدحك، إنما الفضل لمن منحك ».

وشدد د. حمتو على أن الجميع في امتحان التزكية، مستشهدًا بقول ابن عباس: « إن الرجل يخرج من بيته ومعه دينه يلتمس ثناء الناس، وأن يشار إليه بالبنان، فيثنون عليه، ويعود إلى بيته ليس له من دينه شيء ».

ونبّه إلى أننا في معركةٍ كبيرة، وهناك نفوس كثيرة تتأرجح في الطريق، فقد لا نصل لنهايتها، لكن يكفي أن نموت ونحن سائرون فيها. وأكد أن رصيدنا من هذه التزيكة هو الرصيد الأوفى، « أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ».

ولفت د. حمتو إلى أن 70% من القرآن الكريم قصص، ينبغي أن نأخذ منها درس التاريخ. وتناول مطلع سورة الإسراء، معتبرًا أن ليلة أسري بالرسول محمد إلى القدس، كانت ليلة التزيكة الكبيرة له.

وقال :« لم يكن إكرام الرسول على الأذى الذي كان يتعرض له في سبيل نشر الدعوة الإسلامية، من أبي لهب وأبي جهل على موائد الطعام، بل كانت بإمامة الأنبياء والرسل »، موضحًا أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) صلى إمامًا بـ 120 ألف نبي و314 رسولًا.

ورأى د. حمتو أن دلالة هذه الإمامة بالرسل والأنبياء في بيت المقدس كبيرة وعظيمة، فهي بمثابة تفويض من هؤلاء جميعًا للنبي محمد بأن المسجد الأقصى أمانةٌ في عنقك وعنق أمتك.

وبحسب د. حمتو فإن المسجد الأقصى المبارك ذكر في 21 موضعًا بالقرآن الكريم، منها ما هو صريح، ومنها بالتلميح، مشددًا على أننا أمة وارثة، ومن أجل هذا الميراث يجب أن نتنبه بأن ما عندنا هي البينة، وما عند غيرنا أهواء وتخرصات.

وبيّن أن العلماء ورثة الأنبياء، فهناك وراث كاملون، ووراث ناقصون، محذّرًا الحاضرين من خطر الوراث الناقصين. مستشهداً بكلام  الإمام علي بن أبي طالب لتلميذه، والتي ذكر فيها أن العلماء ثلاثة: عالم رباني نسبه الله إليه، وعالم يتعلم العلم لينجو، وعالم تعلم العلم لكنه أراد به وجه الدنيا ولم يرد به وجه الله، وذلك هو العالم الناقص، الذي يزيف الفتوى وتاريخ الأمة اليوم.

ونوه د. حمتو إلى أن مصيبة الأمة اليوم في أنه تولى زمامها من لا يتق الله فيها، لافتًا إلى الحروب الوهمية باسم الإسلام والدفاع عن الدين، لأننا في عهد الوارث الناقص.

بدوره، تحدث الشيخ صابر أحمد عن كيفية تربية الرسول محمد لأصحابه، ولزوجاتهم، وأبنائهم، مؤكدًا أن هذه هي التربية المطلوبة في واقعنا اليوم.

واستعرض الشيخ أحمد نماذج مختلفة (رجالًا ونساءً)، ممن تربوا على مائدة الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم).

وعرج على خطورة ما تشكله المسلسلات التركية اليوم من خطر على أمة الإسلام، مبينًا أنها شكل من أشكال الحرب الفكرية الاستشراقية، مشددًا على أنها أشد خطرًا من السم الزؤام.

ونوه الشيخ فورة إلى أن هذا الملتقى يأتي في وقتٍ عصيب أحوج ما نكون فيه إلى إعادة صياغة أنفسنا، موضحًا أن هنالك منزلقات فكرية خطيرة يعيشها أبناء الإسلام، وتأخذ الشباب باتجاه العلمنة والعولمة والاقتناع بالنموذج الغربي الأميركي ولهذا النموذج أدواته، أو تأخذ الشباب باتجاه التزمت والتطرف وجر المنطقة نحو مشاريع الصدام.

وشدد على أن الإسلام لا يعرف للتطرف والغلو سبيلًا، فهو دين محبة ورحمة وتآلف وانسجام، معربًا عن أسفه لغياب الصوت الوسطي الجامع، فكل ما هو موجود اليوم تدين منقوص ومغلوط ومغشوش.

وبيّن الشيخ فورة أن الإنسان عبارة عن روح وجسد وعقل، ولكل واحدةٍ مما سلف غذاؤها فالعقل غذاؤه العلم والمعرفة، ورغم أننا أمة اقرأ إلا أننا – للأسف – لا نقرأ، ولا نغذي مخزوننا العقلي. والعقل إن سلبت عنه الحكمة 40 يومًا مات. أما الروح فغذاؤها العبادة والطاعة. فالروح إن منع عنها ذلك الغذاء تموت.