خبر ايران – ليس ما اعتقدتم.. هآرتس

الساعة 09:24 ص|03 ابريل 2015

بقلم

التصور الموجود لدينا حول ايران وما يجري فيها – مشوه، وفي الاساس يستند الى الجهل. هذا ما يتضح من محادثات مع علماء ايرانيين جرت معهم لقاءات في احدى عواصم اسكندنافيا، والشرط لاجرائها كان كما هو متوقع عدم الكشف عن شخصيتهم. لا يدور الحديث عن لاجئين يعيشون في الغرب ويتلقون معلوماتهم حول ما يجري هناك عن طريق يد ثانية أو ثالثة. لكنهم علماء نشيطين جاءوا مباشرة من طهران وهم منخرطون في العمليات الاجتماعية والسياسية التي تدور في بلادهم.

تحليلات الايرانيين تقدم عدد لا بأس به من المفاجآت لمُحدثيهم الاسرائيليين. في حين أنهم في اسرائيل مقتنعون بأن تأثير ايران في الشرق الاوسط يزداد فان الشعور في ايران مختلف تماما. « لم تكن ايران في أي يوم معزولة كما هي اليوم »، قال أحدهم. « دول المنطقة تقاطعها ولا نريد الحديث عن الدول الغربية. العلاقات مع السعودية متوترة جدا الى درجة أن الدولتين موجودتين على شفا الحرب ».

ما يهمنا أكثر من كل شيء كما هو معروف، الموضوع النووي. ارتباك كبير يسود وسط المؤسسة النووية الايرانية. وتيرة تطوير النواة لا تستجيب للتوقعات، مرة تلو اخرى يجدون صعوبة في التغلب على عقبات تكنولوجية. أحد اسباب ذلك هو أن البرنامج النووي الايراني يرتبط كله بموارد داخلية. في غياب علاقات نووية مع دول اخرى، يضطر العلماء الى الاستناد الى المعرفة الايرانية، وفيها لا يوجد ما يكفي للتغلب على جزء من العقبات. حتى روسيا والصين تعيق اعطاء المعرفة، التكنولوجيا والمعدات لايران.

لقد تطورت في ايران عموما نظرية الاعتماد على النفس، على شكل « ليعتمد الشعب على نفسه ». هذه المقاربة مُعدة لابعاد السكان عن التأثير الخارجي. لهذا فان التطبيع مع الولايات المتحدة يخيف القيادة الايرانية. دخول الثقافة الغربية الى ايران يهدد استقرار النظام. لهذا فان المرشد الاعلى ايضا علي خامنئي وشخصيات رفيعة المستوى في الحرس الثوري يطورون النموذج الديني. فقط بهذه الطريقة يستطيعون السيطرة على المجتمع الايراني. هذا المجتمع، حسب مُحدثينا، هو في الاساس مجتمع علماني واضح، وعملية العلمنة تتسع، في الاساس نظرا لفشل الثورة الاسلامية. « ليس هناك شك أن تكون ايران في المستقبل دولة علمانية »، يقولون.

مثلما هي الحال في دول اخرى في المنطقة فان النظام في ايران يولي أهمية كبيرة لموضوع الأمن، التهديدات من الخارج والحاجة الى الاستعداد لها، حتى لو كان الثمن المس بمجالات الحياة المدنية. الهدف هو صرف الاهتمام عن الوضع الاقتصادي المتدهور للدولة، النابع جزئيا من العقوبات المفروضة من دول العالم على ايران. جولة العقوبات الاخيرة تسببت في ارتفاع بـ 20 بالمئة في أسعار المواد الاساسية. معدل النمو أقل من 1 بالمئة، والبطالة تبلغ 15 بالمئة. 7 ملايين شاب من ذوي التعليم العالي سيكونون عاطلين عن العمل في 2015.

ماذا سيكون رد ايران على هجوم اسرائيلي على منشآتها النووية؟ ايضا هنا كانت مفاجأة. فورا بعد هجوم كهذا، يقول مُحدثونا، سيتوحد المجتمع الايراني خلف النظام، ولكن بعد فترة ليست بعيدة وعندما تتضح النتائج السلبية للهجوم ستزداد الانتقادات على النظام وعلى اصراره في مواصلة البرنامج النووي.

هل يجب توقع أن التطور الذي بدأ في تونس واستمر في مصر سيؤدي ايضا الى اسقاط النظام في ايران؟ معقول الافتراض أن لا. إن هدف المتظاهرين في طهران ليس تغيير النظام بل الاصلاحات التي تكون نتائجها احترام أكثر لحقوق المواطن وتحسين الوضع الاقتصادي. طهران ليست القاهرة وخامنئي ليس حسني مبارك.

المقال ينشر في الذكرى السنوية لموت الصحفي في « هآرتس » رؤوبين بدهتسور. وقد نشر للمرة الاولى في 4 آذار 2011.