صحافي سويدي يتحدث عن تغطيته الحرب على القطاع

خبر صحافي سويدي: وجودنا في الميدان كشف زيف الاحتلال.. وغزة الأكثر احتضانا لنا

الساعة 01:11 م|29 مارس 2015

فلسطين اليوم

خلال مؤتمر « غراف » للصحافة الاستقصائية المنعقد في السويد الأسبوع الفائت كانت غزة بحربها الأخيرة حاضرة، أحد المشاركين في الجلسات كان من مراسلي الحروب السويديين لأكبر الصحف السويدية « اكسبرسن » « قاسم حمادي » متحدثا عن تجربته وكيف كان الصحافيين الأجانب والمحليين يتعاملون من المعلومات التي تصلهم والتحقق من صحتها.

قاسم والذي وجهت إليه أسئلة عن مدى صحة الرواية الفلسطينية مقابل الإسرائيلية وخاصة فيما يتعلق بالوضع على الأرض وتبرير إسرائيل بإن القصف كان يستهدف أهداف عسكرية « للمقاومة » أصر على أن مشاهدته على الأرض كانت أكبر برهان على كذب هذه الروابة فكان التحقق من هذه المعلومات من كونهم شهود عيان في المكان الذي يقصف.

وبعيد الجلسة ألتقينا بقاسم والذي تحدث ل« فلسطين اليوم » عن تجربته في تغطيه الحرب على القطاع لثلاث مرات متتالية، قال كنت في القطاع في الحروب الثلاثة 2006 و2008 و الحرب الأخيرة و التي كانت مختلفة تماما، قال:« غطيت ثلاث حروب ولكن الحرب الأخيرة كانت الأكبر و الأقسى ».

كنا نشعر أنه لا يوجد أي مكان ولا زاوية أمنة بغزة الكل تحت القصف مواطنين ومتضامنين وصحافيين محليين وأجانب


IMG_٢٠١٥٠٣٢١_١١٠٨٤١-1

ويوضح:« كنا نشعر أنه لا يوجد أي مكان ولا زاوية أمنة بغزة الكل تحت القصف مواطنين ومتضامنين وصحافيين محليين وأجانب... عشنا الحرب تحت الخطر الدائم ».

وفيما يتعلق بالمقاومة كان الأمر مختلفا أيضا، كما يقول الصحافي السويدي، المقاومين كانوا كالأشباح لم نرهم إلا في الشجاعية وقت كان وقف إطلاق النار، وكانوا يتبعون تكتيكا جديدا في الحرب، مختلفا تماما والتقدم العسكري واضحا« .

وأشار القاسم إلى أن تواجد الصحافي في الميدان يبين بوضوح كذب الرواية الإسرائيلية، وتابع أنهم كانوا كصحافيين أجانب تصلهم رسائل على هواتفهم الخلوية بإخلاء بعض الأمكنة لتواجد مقاومين في المكان ونيتها بالقصف، ونذهب للمكان أو نكون فيه ولا يكون أي أحد إلا المدنيين.

 

كنا شهداء عليهم

ويروي قاسم أحد الأمثلة حينما تم قصف أطفال الشاطئ الأربعة من عائلة بكر، يقول قاسم: » أكنت أقيم في فندق الديرة القريب والمقابل للشاطئ، وقبل يوم فقط لفت نظري الأولاد يلعبوا، وقمت بتصويرهم، لأكتب قصة عنهم، فبعد ثلاثة أسابيع من تغطية الحرب والدماء في غزة كانت قصة حياه« .

انشغال قاسم وطاقمه بقصة فتاة من القطاع كانت قد تفوقت في التوجيهي بالرغم من الحرب، جعلته يؤجل قصة الأطفال لليوم الثاني، وبالفعل في اليوم الذي يليه وأثناء تجهيزه للخروج لعمل القصة عن الأطفال تلقى أتصالا تلفونيا من أحدهم يقول له »أطفال قصتك استشهدوا هم الأن جثث على الشاطئ« .

قاسم شعر أن الأمر يعنينه شخصيا... فكتب بتأثر كبير عنهم، قصة عادية وعامود رأي تأثر به شريحة كبيرة من القراء لدرجة أن الصحيفة تلقت أكثر من رسالة »تشكك« بهذه الرواية من إسرائيليين ومؤيدين لإسرائيل في العالم، كما يقول، ويتابع: »خرج البعض ليشكك بروايتي أن هذه الصورة مفبركة ولكننا قمنا وحاولوا أن يبينوا أنهم استشهدوا جراء فيهم لغم أنفجر في المكان ولكن وجودي في المكان ومعايشتي للقصة جعلتني قادرا على الرد عليهم بالوثائق« .

وتحدث قاسم عن أصعب لحظات تغطيته للحرب قائلا إن مشهد الشجاعية كان الأصعب: » عندما أعلنوا هدنة في الشجاعية خرجنا إلى هناك لنقابل الناس كان هناك مواطنين لا زالوا في بيوتهم لم يخرجوا قلنا لهم لماذا أنتم هنا، فكانوا يرودون علينا أنهم لن يخرجوا منها مهما حدث فلا مكان يذهبوا إليه، وقال لي أحدهم « لا نريد أن نموت في الشوارع ».

عمل قاسم ثماني سنوات على تغطية الحروب والكوارث الطبيعة والحروب الأهلية، إلا أن تغطيته بالقطاع مختلفة تماما، فأهالي القطاع يرحبوا بالصحافيين، يكون بعضهم مصابا ومع ذلك يتفاعل مع الصحافي ويتحدث إليه بكل سهولة« .

 

محمد في القلب

ومن قصص الحرب يتحدث قاسم عن » محمد بدران« الطفل ذو ثماني أعوام، يقول: » نحن مراسلو الحروب لدينا قاعدة أساسية وهي أنه عندما تغطي الحروب يجب ألا تتحول لصليب أحمر، وبالفعل خلال تغطيتي الحروب والكوارث الطبيعية في أماكن كثيرة من العالم تقيدت بهذه القاعدة، ولكن ولأول مرة أخرج عن دوري كأعلامي مع محمد« .

ويتابع: » نحن في آخر الحرب حوصرنا في أماكننا لم نستطيع أن نتحرك، وخلال زيارتي الروتينية لمستشفى الشفاء قالت لي إحدى الممرضات إن طفلا مصابا أدخل قبل قليل إلى المستشفى، دخلت إلى الغرفة وجدت طفلا عمره ثماني سنوات ووالدته بجانبه، قالت لي والدته أن محمد كان ينام في غرفته وأطلق أباتشي عليه مما أدى إلى إصابته بوجهه، وفقد إحدى عينيه والثانية يمكن إنقاذ جزء منها في حال إجريت له عملية خلال يومين أو ثلاث« .

»خلال حديثي مع والدته أفاق محمد من نومه وقام بالإشارة إلى والدته ولكنه لم يستطيع الكلام فأعطيته دفتري وكتب لوالدته عليه أنه يشعر بالجوع، حينها شعرت بحزن كبير لم أستطيع تمالك مشاعري فهذا الطفل الذي يمكن أن يفقد بصره كليا وشوه وجهه تماما لا يدري ما حل به وكل ما يريه أن يأكل، يعتقد أنه بعد ساعتين يمكن أن يصحو طبيعيا« تابع قاسم.

شعور بالعجز والحرج تملك قاسم وخلال خروجه من الغرفة همست له والدته كي لا يسمعها محمد » قاسم ساعد محمد ليخرج خارج القطاع ليجري العملية كي يستطيع أن يرى بعينه الأخرى« ، قال إن هذه الكلمة وقعت كالجبال عليه، وشعر حينها أنه صحافي بلا قوة ولا سلطة: »قلت لها أنا لا أستطيع أن أفعل له ذلك أنا هنا محاصرا أيضا ... من يستطيع أن يخرج محمد بتصريح أما دولة أوروبية تستطيع أن تضغط على إسرائيل لاستصدار تصريح له للخروج أو مستشفى لها ثقلها تطلبه للعلاج عندها... حينها شعرت أنني خرجت عن دوري الإعلامي وقلت لها « كل ما أستطيع أن أعدك به أن أكتب عن محمد ».

خرج قاسم من المستشفى وكانت الساعة تقريبا الواحدة ظهرا، كتب قصة عن محمد سريعا وطلب من المحرر أن تنتشر القصة على الموقع الإلكتروني وألا ينتظر الصحيفة لليوم الثاني، وكتب عنوانا مؤثرا « أن محمد خلال يومين سيفقد نظره أن لم يخرج من غزة ويعالج ».

يقول قاسم:« وفي المساء تلقيت رسالة عل إيميلي الخاص يقول لي أنه طبيب مختص بجراحة العيون وأنه قرأ مقالي وأتصل علي، وأنه على استعداد لإجراء هذه العملية لمحمد وأنه بحاجة لتقرير طبي باللغة الإنجليزية لحاله محمد حتى يتمكن من استصدار التصريح لنقله لاحد المشافي الإسرائيلية ويتمكن من علاجه هناك ».

ويتابع:« حينها شعرت أن معجزة حدثت ورغم خطورة المكان خرجت لمستشفى الشفاء وأخذت تقريرا وقمته ببعثه و خلال نفس اليوم كان محمد خارج القطاع و يتلقى العلاج ».

واليوم محمد أستطاع أن يحتفظ بجزء من نظره وأجريت له عمليات تجميل لوجهه وبقي على تواصل بينه و بين الصحافي قاسم و الذي أشار بيده إلى قلبه حينما سألناه هل لا زالت تتابعه، وقال: « طبعا طبعا محمد هنا ».

 

 



IMG_٢٠١٥٠٣٢١_١١٠٨٤١-1

645@70-1

11074669_10152768377843657_588824998_n