خبر الجرف العظيم -معاريف

الساعة 12:56 م|27 مارس 2015

فلسطين اليوم

الجرف العظيم -معاريف

بقلم: بن كسبيت

 (المضمون: في ظل تهديدات نصر الله يقوم جيش الدفاع الاسرائيلي مؤخرا بتنفيذ عملية لوجستية وهندسية كبيرة يحول خلالها منحدرات وادي قطعية في الحدود مع لبنان الى حاجز غير قابل للعبور - المصدر).

في الوقت الذي تسلينا فيه في حملة الانتخابات، بنى الجيش الاسرائيلي في الشمال جرفا، 6 – 8 جرافات ضخمة تقوم منذ بضعة اسابيع بحفر منحدرات وادي قطعية الذي يفصل بين اسرائيل ولبنان في الجليل الغربي. الضلع المنحدر للوادي الواقع بين الجدار الحدودي للخط الازرق (الحدود الدولية التي تمر في اسفل الوادي)، تقوم بتسويته معدات هندسية عسكرية ضخمة. المنطقة كلها مغلقة ويمنع الدخول اليها، وتقوم دبابات بتأمين المنطقة كلها. يدور الحديث عن عملية لوجستية ضخمة ستستمر بضعة اشهر هدفها بسيط: تحويل منحدرات الوادي الى جرف عميق بزاوية مستقيمة تقريبا. جرف سيتحول الى حاجز طوبوغرافي طبيعي غير قابل للعبور وسيصعب على قوات الكوماندو لحزب الله القيام بعبور سريع الى المستوطنات الاسرائيلية على الحدود.

الحديث عن خط حدودي يتواصل لمسافة عدة كم من كيبوتس حنيتا وحتى بلدة شلومي. تضاريس المنطقة تشكل صعوبة أمام حمايتها نظرا لأن الارض مغطاة بنباتات كثيفة ومتداخلة، ومنحدرة بشكل خاص. من هذه المنطقة تسلل قبل 13 سنة بالضبط مخربون نفذوا عملية اطلاق النار في مفترق متسوفا التي قتل فيها ستة اسرائيليين بينهم النقيب روسكوف. هذه تعتبر جنة لقوات العصابات المدربة التي تستطيع التسلل تقريبا بأمان الى داخل الحدود الاسرائيلية وقطعها بسرعة ليجدوا انفسهم خلال دقائق داخل مستوطنة اسرائيلية. في ظروف كهذه يكون للمدافعين عدم افضلية بارز أمام افضلية المفاجأة للمهاجمين. إن الجيش الاسرائيلي ليس بامكانه أن يكون طوال الوقت في كل الاماكن.

في جيش الدفاع الاسرائيلي يصغون الى ما يقوله حسن نصر الله ورجاله مؤخرا، والتهديدات الواضحة بأنه في المواجهة القادمة مع اسرائيل فان « حزب الله سيحتل أجزاء من الجليل ». الحديث يدور عن تهديد اجوف وليس له أساس، على ضوء تناسب القوى بين الطرفين. لكن خلفه يختفي خطر حقيقي لفترة زمنية قصيرة لحزب الله يستطيع خلالها السيطرة بشكل مفاجيء على كيبوتس أو عدة بيوت في مدخل مستوطنة اسرائيلية الى حين يتم صده وتصفيته من قبل الجيش الاسرائيلي. حادثة كهذه ستهز الوعي في الشرق الاوسط كله. منذ حرب الاستقلال لم تخسر اسرائيل أي مستوطنة لصالح أي غازي عربي (مستوطنات الجولان اخلتها اسرائيل بمبادرتها خلال حرب يوم الغفران). ولا يوجد لأحد نية للقيام بذلك الآن.

المشروع الموصوف هنا يتم تنفيذه من قبل وحدة الجليل بقيادة العقيد موني كاتس. الذي يعتبر « الطفل المدلل » للواء 300، العميد الون مندز الذي يشرف شخصيا على العمل والذي يعتبر صاحب الفكرة. ومن المتوقع أن تستمر هذه الاعمال لعدة شهور اخرى، وعندما سيتم الانتهاء من هذا العمل سيتم فحص امكانية تنفيذ اعمال مشابهة في اماكن اخرى على طول الخط. تكلفة هذا المشروع مرتفعة. حتى الآن وصلت تكلفته الى ما يعادل ميزانية وحدة الجليل كلها.

في المرحلة الاولى قامت الجرافات الضخمة بازالة الغطاء النباتي وكشفت عن الارض على مساحة مئات الامتار. بعد ذلك وصلت الجرافات الضخمة التي بدأت بالزحف على طول المنحدر بموازاة الجدار (من جانبه الخارجي) وقضم جدران الوادي. وهكذا يتحول وادي قطعية الى جرف ضخم، نوع من الجدار المنحدر، الذي يحول الوصول الى سور حنيتا الى أمر غير ممكن بدون معدات قفز.

هذه العملية ستصل في النهاية الى شلومي و« سيغلق » من جهة جيش الدفاع زاوية هشة في القطاع الغربي. لا أحد في الجانب الاسرائيلي يوهم نفسه بأن بالامكان الاختباء وراء جرف أو موانع طبيعية الى الأبد. لكن ليس هناك سبب لعدم استغلال الافضلية الطوبوغرافية وحتى زيادتها. إن جرفا منحدرا كهذا على طول كيلومترات يقلص من ناحية حزب الله الامكانيات ويُمكن الجيش الاسرائيلي من الاستعداد بصورة افضل على طول القطاع المقلص. اذا كان هناك جروف اخرى كهذه على طول الخط فيستطيع الجيش الاسرائيلي أن يعيد انتشاره في ضوء ذلك ويقلص امكانية المفاجأة لدى حزب الله.

لا يوجد سبب لنصدق أن حزب الله ينوي أن يدخل الى هنا قريبا. حاليا يتحدثون، لا يغزون. نصر الله متوتر الى اقصى درجة يستطيعها في قطاعات عديدة: شمال لبنان، هناك داعش وجهات سنية متطرفة يتحدون جيش لبنان وفي الاساس حزب الله. سوريا، هناك آلاف من مقاتلي حزب الله، مئات منهم قتلوا في السنتين الاخيرتين. جنوب هضبة الجولان، هناك يشارك حزب الله في هجوم يهدف الى ارجاع جبهة النصرة الى الخلف من اجل أن لا يتم استكمال حركة الكماشة باتجاه دمشق، ايضا في بيروت نفسها  يتلقى حزب الله ضربات في ساحة بيته.

كذلك الجبهة السياسية الداخلية في لبنان تغلي، وحزب الله يناضل ضد التقليص المستمر في مكانته وضد التحريض عليه من خصومه السياسيين بسبب المغامرات الخطيرة التي يقوم بجر لبنان اليها. من جهة اخرى فان التوتر المتصاعد بين اسرائيل وايران، الجبهة الجديدة القديمة التي فتحت مؤخرا في هضبة الجولان، التواجد المتزايد لحرس الثورة الايراني في سوريا ولبنان والمفاوضات حول الموضوع النووي، الذي يقترب من المرحلة الحاسمة، تؤدي بجيش الدفاع الاسرائيلي الى زيادة اليقظة والاستعداد لكل سيناريو.