خبر المراهنة فشلت- معاريف

الساعة 09:10 ص|25 مارس 2015

فلسطين اليوم

المراهنة فشلت- معاريف

بقلم: بن كسبيت

          (المضمون: امريكا دولة عظمى واسرائيل دولة صغيرة يحيط بها الأعداء ونحن من نحتاج امريكا. نتنياهو دخل الى عرين الأسود في الكونغرس وتطاول على الرئيس في بيته والآن هو يدفع الثمن - المصدر).

          الادعاء الامريكي حول « تجسس اسرائيلي » ضد الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بالمحادثات النووية للدول العظمى مع ايران موجود في المجال الواقع بين المضحك والوقح. هناك أهمية دولية كبيرة لهذه المفاوضات، لكنها حاسمة فقط بالنسبة للوجود الآني لدولة واحدة في العالم هي اسرائيل. إن حكومة اسرائيلية لا توظف كل امكانياتها من اجل معرفة تفاصيل ما يجري هناك فهي تخون وظيفتها. رئيس الموساد، تمير بردو، يجب عليه كما أنه ملزم بأن يحضر الى طاولة رئيس الحكومة نتنياهو بقدر ما يستطيع معلومات من داخل تلك المحادثات. ومثله ايضا رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي هليفي.

          صحيح أن اسرائيل تعهدت بعد قضية بولارد ألا تتجسس على الولايات المتحدة. هذا التعهد كان تاما وقاطعا عندما يدور الحديث حول السيادة الامريكية. لا يوجد في الولايات المتحدة جواسيس اسرائيليين. نقطة. السؤال هو ماذا يحدث في المجال الرمادي. في الحقيقة هناك ايضا اشخاص اسرائيليين رفيعي المستوى يجدون أنفسهم احيانا مكشوفين في تقارير استخبارية سرية بعد اتصالات أجروها (بصورة رسمية) مع جهات عربية. هذا يحدث لأن اجهزة الاستخبارات تتعقب محادثات تلك الجهات العربية، واذا كانوا قد تحدثوا بالصدفة مع اسرائيليين أو امريكيين فحينئذ يتم التقاط من يتحدثون معه. لهذه المواد شيفرة سرية تسمى « مادة سوداء ». إن استخدام تلك المادة يتم بحذر شديد (رغم أن رؤساء حكومات كانوا أقل حذرا).

          يبدو أنه في الايام العادية فان الامريكيين كانوا سيتفهمون نشاطا استخباريا اسرائيليا في الظروف المعطاة. صحيح، حتى اذا تلقوا معلومات عن محادثات أجراها الايرانيون مع جون كيري مثلا. ونظرا لأن الحديث يدور عن الايرانيين الذين يصرحون عن رغبتهم في تدمير اسرائيل كهدف مقدس فان ذلك يبرر تعقبهم، حتى لو ارتبط في كل مرة باحتكاك مع جهات غير ايرانية. هذه هي الحياة.

          المشكلة هي أن الايام الحالية ليست اياما عادية. هي ايام فظيعة. إن التسريب لصحيفة « وول ستريت جورنال » هو صفعة اخرى من سلسلة الصفعات العلنية التي توجهها ادارة اوباما لنتنياهو وحكومته في الايام التي تلت الانتخابات. من اعتقد أن اوباما سيضبط نفسه بخصوص الخطاب في الكونغرس، اخطأ. فهو ليست لديه نية لضبط نفسه، وليست له نية للتنازل عن هدفه الحقيقي: التوصل الى الاتفاق مع ايران بدون أن يستطيع الكونغرس تعويقه.

          في هذا السياق ليس هناك مناص غير الاعتراف: بنيامين نتنياهو زرع مطرا ونحن نحصد العاصفة. في موازنة عادية بين دولتين كان بالامكان تفهم لعبة لي الأذرع التي تدور الآن بين واشنطن والقدس. المشكلة هي أنه لا يوجد هنا ميزان عادي. امريكا دولة عظمى واسرائيل دولة صغيرة محاطة ببحر من الأعداء. نحن من نحتاجها وليس العكس. لقد دخل نتنياهو الى عرين الأسد في الكونغرس وتطاول على اوباما والآن هو يدفع الثمن. التسريب لـ « وول ستريت جورنال » كان يهدف الى المس بالثقة الاسرائيلية، لدق إسفين بين نتنياهو واعضاء الكونغرس واعادة ربط الحزب الديمقراطي برئيسه. من جهة اوباما هذه خطوة مفهومة ومطلوبة. فهو يناضل من اجل إرثه، ومن اجل حزبه، ومن اجل سلطته.

          السؤال هو ما الذي دار في ذهن نتنياهو عندما قرر السفر رغم كل شيء متجاهلا كل علامات التحذير الرمزية والعلنية، وأن يُهين الرئيس داخل بيته. ها هي الآلة الرئاسية في نهاية الامر تعمل عملها: اذا تم التوصل حقا الى الاتفاق فانه سيمر. اذا لماذا كان كل ذلك؟ ألم يكن من الافضل العمل مع الرئيس والتودد إليه وانشاء علاقات ثقة معه وعن طريق ذلك أن يحظى بالتأثير في المفاوضات مع ايران؟ لقد سبق أن كان هناك رؤساء حكومات اتبعوا هذا الطريق، رابين، شارون واولمرت وعدد آخر من النماذج. رؤساء حكومات فهموا أن الامر الأكثر أهمية لأمن الدولة هو تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة وليس تدميره، انشاء علاقة شخصية قريبة ومخلصة مع الرئيس وليس محاولة اسقاطه. النتائج النهائية لمغامرة نتنياهو سنعرفها فقط لاحقا. في هذا الوقت يمكن القول إنها تبدو فاشلة.