خبر في غزة: إبداعات خلف أبواب مغلقة

الساعة 08:12 ص|25 مارس 2015

فلسطين اليوم

غزة..هذا الاسم الذي أصبح مرتبطاً بالصراع سواء الداخلي أو الخارجي، فمن العدوان « الإسرائيلي » إلى الأزمات الداخلية، وكأن هذه البقعة مرتعاً للمشكلات، لكن كل هذه الأزمات التي تطفو على السطح شَكَلت غشاوة على الكثير من الإبداع والأفكار والإنتاج الشبابي في قطاع غزة، ولكن لو تعمقنا فيها لوجدنا فيها طاقات لا تنضب ولا تكل ولا تمل عن المحاولة والجد والاجتهاد.. فلغزة وجوه كثيرة ومشرقة.. لكن تحتاج لمن يسلط الضوء عليها ويُخْرجها إلى النور.

فحين تفكر تتفتح أبواب الحياة أمامك، ففي غزة شباب رغم ضيق الحال أجادت الحلم وسعت وراءه ولا زالت تحاول، شباب لم تكسرها مطرقة البطالة وعدم توفر فرص العمل، فسعت جاهدة لخلق فرصةٍ للعمل ببناء مشاريعهم الذاتية، فالباحث في المشاريع الفردية الشبابية غزة يذهله كمُّ الإبداع والتطوير الذي يصل له هؤلاء الشباب، وبداعة الأفكار التي ينتجونها ويعملون على تحقيقها رغم الحالة الصعبة والضيقة التي يعيشونها.

سعد:  نحن نمتلك عقول جبارة وأفكار خلابة بحاجة للرعاية وإظهارها للعالم« .

إبراهيم-سعد

بديل البنزين

إبراهيم سعد الذي لم يتجاوز العشرين عاماً والطالب في  كلية العلوم في جامعة الأزهر، خرج بفكرة من مختبره الصغير قد تساهم في تغيير كبير على مستوى العالم، فسعد يعمل على مشروع تحت مسمى »Palestinian petrol«  إنتاج بديل للبنزين ، وقد توصل سعد لنتائج مرضية جداً وأنتج كميات ضئيلة من هذا البديل ويسعى اليوم لإيجاد الفرصة أو الرعاية التي تكفل له العمل على فكرته وتطويرها لترى النور.

وعن حيثيات المشروع يتحدث سعد لـ »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« قائلاً » نستطيع من خلال هذا المشروع إنتاج بديلاً للبنزين بتكلفة منخفضة، كذلك باستخدام مواد بسيطة جداً من مخلفات الكربون والهيدروجين والتي تعد صديقة للبيئة كذلك.

وسبب الفكرة حسب سعد جاءته مع تفاقم أزمة الوقود في قطاع غزة، ومن باب العمل على تخفيف المعاناة الغزيّة، وكذلك لإبراز قدرات شباب القطاع العلمية والكيميائية، وأنهم قادرون على إبهار العالم، مضيفاً:« نحن نمتلك عقول جبارة وأفكار خلابة بحاجة للرعاية وإظهارها للعالم ».

صعوبات لا تقتل طموحاً

ويتابع سعد حديثه عن الصعوبات والعقبات التي يواجهها في تنفيذه لمشروعه، موضحاً أن أبرز الصعوبات تتمثل في الحاجة المادية الكبيرة، فمثل هذه الأفكار تتطلب مجهوداً كبيراً وتجارب عدة قد تكون مكلفة أحياناً، كما أنها تتطلب فريق عملٍ علمي مُدرب قادر على عصف الأفكار والخروج بأمثل السُبل، بالإضافة إلى الحاجة لمختبر عالي الجودة من الناحية التقنية ومن ناحية الأمان.

ورغم كل ذلك.. يشير سعد إلى أنه يحاول في الفترة الحالية التغلب على هذه المعيقات من خلال دعم الأهل والجامعة وبعض المؤسسات المعنية في هذا المجال، لكنها لا تكفي لتغطي مشروع بهذه الضخامة.

طموح سعد لا تعترضه الحواجز والمعيقات، فما زال يعمل جاهداً على تطوير أفكاره وصياغتها والعمل عليها، وهو الذي قد صمم مسبقاً سخاناً للمياه يعمل على المجال المغناطيسي، كما أنتج مولداً لغاز الأوزون، بالإضافة لقدرته على تحويل الخشب إلى سكر، والكثير من المشاريع التي قد تصل لحد الاكتشاف العلمي على حد قوله.

الصادي: يخدم هذا المختبر فئة كبيرة من الناس مثل تجار الذهب وأصحاب المصانع والمحاميين والقانونيين حين يحتاجون لحصر الإرث وغيره من الأمور القانونية.

صلاح-الصادي

المعادن الثمينة

وفي ذات نطاق الإبداع يعمل صلاح الصادي 32 عاماً، الصادي الذي يملك مشروعاً متكاملاً حول مختبر لفحص واستخلاص المعادن الثمينة، كما يُمكّن هذا المختبر من تحديد عيار الذهب والفضة واستخلاص الفضة من المخلفات الكيميائية، ويحتوي المشروع على خدمات إلكترونية من خلال تصميم موقع إلكتروني يستهدف عامة المواطنين يتم من خلاله عرض مشغولات التجار وعرض أسعار المعادن الثمينة وغيرها.

وعن الفائدة العائدة من المشروع يقول الصادي لمراسل « وكالة فلسطين اليوم الإخبارية »: « هذا المشروع جاءت فكرته من حاجة السوق له، وللعمل على حماية المواطنين من الغش والاستغلال، كذلك يخدم هذا المختبر فئة كبيرة من الناس مثل تجار الذهب وأصحاب المصانع والمحاميين والقانونيين حين يحتاجون لحصر الإرث وغيره من الأمور القانونية.

الشباب الغزّي دوماً ما يسعى للتميُّز، هذا لسان حال الصادي وعن طموحه المستقبلي يضيف أنّه يسعى من خلال أفكاره للوصول إلى العالم أجمع، كما يسعى لإفادة المجتمع الفلسطيني بشكل خاص، من خلال إنشاء مختبر متكامل، يوفر فرص عمل لطاقات كبيرة لا تجد فرص في هذا المجال والعمل على الارتقاء بالتفكير الفلسطيني لكي ينافس في المحافل العالمية وهو قادر على ذلك، فقط يحتاج إلى من يرعى أفكاره وينميها ويوفر لها البيئة الخصبة للعمل والإنتاج.

الغندور: مشروع العربية للأطفال مثال بسيط حول الطريقة الفذة التي يفكر بها الشباب لخلق جيل عربي أصيل حتى وإن لم يولد في بلادٍ عربية، من خلال تعليمهم اللغة والثقافة العربية بأسهل الطرق وأقربها لهم

دعاء-الغندور

العربية للأطفال

لا يقتصر إبداع الشباب الغزّي على المجالات العلمية فقط، بل والتربوية منها، فمشروع »العربية للأطفال« أو   »Arabic for kids« لصاحبتيه دعاء الغندور ودالية شراب هو مثال بسيط حول الطريقة الفذة التي يفكر بها الشباب لخلق جيل عربي أصيل حتى وإن لم يولد في بلادٍ عربية، من خلال تعليمهم اللغة والثقافة العربية بأسهل الطرق وأقربها لهم، وبطرق يَسهل تقبلها والحصول عليها.

وعن فكرة المشروع تقول الغندور لمراسل »وكالة فلسطين اليوم الإخبارية« » فكرة المشروع تهدف لربط الأطفال العرب المغتربين بالثقافة العربية، عن طريق توفير ألعاب على الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية، تُبنى هذه الألعاب على استشارات تربوية، حيث يبدأ بالمشروع بتعليم اللغة العربية تدريجياً من الحروف حتى الجمل من خلال ألعاب تحتوي على عنصر المغامرة والتشويق بحيث لا يمل الطفل« .
الغندور المتخصصة في مجال الحاسوب كرسّت كل جهدها مع شريكتها شراب المتخصصة في المجال التربوي للخروج بمشروع متكامل قادر على إنعاش الروح العربية في الأطفال المغتربين أو حتى الأطفال حديثي الولادة ممن يحتاجون لتعلم اللغة العربية بطرق سهلة، حيث جاءتهم الفكرة من خلال تجاربهم الشخصية والتجارب العامة، واليوم لم يتبق للمشروع سوى خطوات بسيطة فقط ليرى النور، وتأمل الفتاتان أن يجد مشروعهما الإقبال والدعم والتطوير من قبل جميع الجهات، لكي تستمرا فيما بدأتاه وتعملان على خلق أفكار جديدة.

الأغا: مجالنا لا توجد به قواعد لمن يريد أن يبدع، لذلك يبذلون اليوم كل الجهد ويوفرون المصاريف اللازمة مما يتوفر بحوزتهم لأنهم واثقون أن مشروعهم سيوفر لهم فرص عمل وفرص إبداع ترضيهم وترضي ولعهم وشغفهم الكبير 
إيليت-جروب

النخبة

في شقٍ آخر من الإبداع الغزي نجد  »Elite Group« والتي تعني النخبة باللغة العربية، هذا المشروع الإعلامي الإعلاني المختص بإنتاج الأفلام والتصوير والخدمات الإعلانية حيث اجتمع فيه حقاً نخبة من الشباب المتمرس الشغوف الذي يسعى لتحويل الساحة الإلكترونية إلى جنّة كبيرة من خلال الأفكار المبدعة في التصوير سواء الفوتوغرافي أو تصوير الفيديو.
 

وعن مشروعهم يتحدث رمضان الأغا لـ »فلسطين اليوم الإخبارية« قائلاً: إن إيليت جاءت لتصنع الفرق، فنحن جميعاً يعلم أن الساحة الإعلامية والدعائية تكتظ بالشركات، لكن ما يميزنا أننا نسعى لشيء نحبه، ونفعل ما تمنينا دوماً، رغم قلة الفرص والإمكانيات لكننا دوماً ما كنّا نوجد البديل الذي قد يفوق ما يتم استخدامه أحياناً.

وتابع: لقد صنعنا معدات تصوير يدوية، واستديو مصغر بأسلوب غريب وجذاب وشاركنا في الكثير من الأعمال وما زلنا نخطط للكثير، ذلك الذي سيفاجئ الساحة الفنية والإعلامية بإذن الله »

يسترسل الأغا  شارحاً فكرة مشروعهم مبيناً أن هذا المجال لا توجد به قواعد لمن يريد أن يبدع، لذلك يبذلون اليوم كل الجهد ويوفرون المصاريف اللازمة مما يتوفر بحوزتهم لأنهم واثقون أن مشروعهم سيوفر لهم فرص عمل وفرص إبداع ترضيهم وترضي ولعهم وشغفهم الكبير في هذا المجال.

ويؤكد الأغا، أن التغيير الذي يطمحون له سيكون في الجانب الفني والجانب الثقافي والتعليمي والسياسي على حد سواء، من خلال تقديم منتجات بروح شبابية وبثقافة ووعي عاليين.

غزة التي عرفت دوماً طعم الحرب والألم، تعرف جيداً طريق الإبداع والتميّز، فهي تمتلك كل المقومات والطاقات القادرة على التفكير، فغزة المحاصرُ أهلها جغرافياً، لا تحدّ أفكارها حدود ولا يُلجم شبابها عائق، وكل ما يحتاجه هؤلاء الشباب فقط الفرصة.