خبر سر نتنياهو -يديعوت

الساعة 10:58 ص|22 مارس 2015

فلسطين اليوم

انه الاقتصاد، يا غبي

بقلم: سيفر بلوتسكر

 (المضمون: اليسار وعد الناخبين « بتحول »: تغيير محرك دولة اسرائيل. ولكن معظم الناخبين لم يرغبوا بالتحول الاقتصادي ولا بمحرك جديد للدولة. فهم راضون عما يوجد ومستعدون لان يكتفوا بتصليحات لهيكل السيارة وطلائها - المصدر).

          لن يكون صعبا على المؤرخ السياسي في المستقبل أن يحلل ويفسر نتائج الانتخابات في اسرائيل 2015: فهو سيتوجه الى الحقائق. وسيتعرف من الاحصاءات على أنه في السنوات الستة لولاية الحكومتين برئاسة الليكود تحسن الوضع الاقتصادي للاسرائيليين. فقد اختفى التضخم المالي، تقلصت البطالة وارتفع بمعدل واضح مستوى معيشة اقتصاد العائلات، حتى في العشريات الدنيا.

          وهذه هي المعطيات التي ستكون تحت تصرفه: في 2009 كانت هناك سيارة واحدة لكل عائلة ثانية في العشرية الرابعة، في 2013 قفزت الملكية على السيارات الخاصة الى 61 في المئة من العائلات في ذات العشرية (دخل شهري متوسط بنحو 9 الاف شيكل للعائلة). في 2009 كان لدى 66 في المئة من العائلات في العشرية الرابعة هاتفان متنقلان، اما في 2013 فكان هذا لـ 72 في المئة. أجهزة تكييف الهواء كانت في 2009 في شقق 74 في المئة من العائلات من العشرية الرابعة – وصارت في 86.5 في المئة من شققهم في 2013. واخيرا فان نصيب العشرية الرابعة من كعكة المداخيل الصافية لكل العائلات ارتفع من 6.4 في المئة الى 7 في المئة.

          وحتى الوضع الاقتصادي للعشرية الدنيا، كما سيكتشف الباحث في المجتمع الاسرائيلي، قد تحسن: من 2009 حتى 2013 اتسع نصيبها في كعكة المداخيل من 2.4 في المئة الى 2.7 في المئة. معدل العائلات الفقيرة مع سيارات ارتفع من 24.5 في المئة الى 31.5 في المئة، مع هاتفين متنقلين ارتفع من 50 في المئة الى 58 في المئة، ومع تكييف للهواء في الشقة ارتفع من 42.4 في المئة الى 62.5 في المئة. اوه، اوه، سيقول لنفسه الباحث، هذا زخم مثير للانطباع في مستوى المعيشة .

          ومن مصادر احصائية اخرى سيتلقى المؤرخ معطيات عن استثمار كبير في البنى التحتية تربط بين بلدات المحيط ووسط البلاد وعن ارتفاع حاد في قيمة املاك الجمهور الذي يسكن هناك. ومن كل هذا سيستنتج الاستخلاص الوحيد اللازم: الاسرائيليون صوتوا في صالح استمرار ولاية حكومة برئاسة نتنياهو لاسباب اقتصادية. يمكن ان يتذكر شعار الانتخابات الشهير والمظفر للحزب المحافظ البريطاني في 1959: « لم يسبق أن كان لكم خير كهذا ».

          بالمقابل، سيجد المؤرخ صعوبة في فهم لغز الخطاب الذي نشأ في اسرائيل بعد الانتخابات، الخطاب المحمل بمحاولات شرح نتائجها بكل عامل آخر غير الاقتصادي – المستند الى الحقائق. وسيفاجأ في أن يقرأ بان اليسار والوسط خسرا الانتخابات لان وضع الناخبين موضوعا لم يكن أسوأ أبدا. ولكنهم، الناخبين، إما كذبوا على أنفسهم، أو صوتوا من البطن، او استسلموا للتحريض القومي المتطرف، أو ساروا كالقطيع الطائع خلف المشاعر الطائفية، او ارادوا معاقبة حزب العمل الذي لم يكن في الحكم 15 سنة أو أردوا تلقين درس لـ « دولة تل ابيب » – واغلب الظن لكل هذه الدوافع غير العقلانية معا. وفقط ليس لانهم كناخبين عقلانيين تماما ارادوا أن يضمنوا حكم الليكود بشكل عام وحكم رئيس الوزراء بشكل خاص، لان هؤلاء أحسنوا لهم اقتصاديا.

          وسيسأل نفسه مؤرخ السياسة الاسرائيلية (وانا ايضا اسأل الان) لماذا يتعين علي أن الجأ الى نظريات المؤامرة عن « الطغمة الحاكمة »، نظريات ما بعد الماركسية عن « الوعي الزائف »، أو نظريات ما بعد الحداثة عن « سياسة الهويات »، عندما تتحدث الحقائق عن نفسها بصوت واضح وجلي؟ اليسار وعد الناخبين « بتحول »: تغيير محرك دولة اسرائيل. ولكن معظم الناخبين لم يرغبوا بالتحول الاقتصادي ولا بمحرك جديد للدولة. فهم راضون عما يوجد ومستعدون لان يكتفوا بتصليحات لهيكل السيارة وطلائها. وحتى حزب كلنا لموشيه كحلون بدا له ثوريا اكثر مما ينبغي. فليكن وزيرا، ولكن لدى بيبي.

          حان الوقت لان تكف احزاب المعارضة عن اتهام الناخبين بهزيمتها وبتدأ باتهام نفسها ولا سيما تركيزها المغلوط على الموضوع الاقتصادي. وبدلا من الصراخ « الوضع سيء/سيء »، كان يمكن لليسار ان يقول الحقيقة للجمهور: « صحيح ان الان الحال جيد لكم، ولن سياسة نتنياهو حيال الفلسطينيين تؤدي بالضرورة الى قيام دولة ثنائية القومية، سيكون الحال فيها عليكم وعلينا سيئا، سيئا جدا. مخيفا حقا ».