خبر مع ذلك، ساحر -يديعوت

الساعة 10:36 ص|18 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: انجاز نتنياهو هذه المرة يفوق بكثير انجازه قبل سنتين وقبل ست سنوات، حين بالكاد نجح، وبثمن باهظ، في تشكيل حكومة. والانجاز هو له، وله وحده. وهو لم يسرق الانتخابات – بل انتصر فيها - المصدر).

الشعب قال كلمته: هذا ما هو جميل في الانتخابات الديمقراطية. يمكن للمرء أن يحب النتائج بقدر كبير أو قليل، برقص عاصف أو برأس منكس، ولكن لا يمكن رفضها. حتى لو تغيرت النتئائج هنا وهنا في اثناء الليل، فان نتنياهو سيكون رئيس الوزراء التالي. ونيته، في هذه المرحلة على الاقل، هي محاولة تشكيل حكومة ضيقة تقوم على أساس احزاب اليمين والاصوليين.

ليس لديه حاليا اغلبية، ولكن لديه زخم. الرجل الوحيد الذي يقف بينه وبين حكومة كهذه هو موشيه كحلون. وليس لكحلون سبب يدعوه الى الاسراع. فقد وقف أمس ليقضي الليل بالمشاورات. ويحتمل جدا أن يواصل التشاور هذا الصباح وفيما يليه من صباح. والضغوط التي ستمارس عليه ستكون شديدة. وهي ستأتي قبل كل شيء من جمهور المصوتين له الذين جاءوا في معظمهم من اليمين. كما أنها ستأتي ايضا من رفاقه في الليكود. ويعرف كحلون بان في حكومة ضيقة سيكون صعبا عليه جدا النجاح كوزير للمالية. فالاصوليون سيأتون الى الحكومة جوعى أكثر من أي وقت مضى؛ والمعارضة الاجتماعية القوية ستشد عليه من الخارج، وبينيت سيشد عليه من الداخل؛ ولكن الاساس، التوتر في العلاقات الخارجية لاسرائيل ستلقب بظلالها على الاقتصاد.

ليست هذه الحكومة هي ما أمل بها كحلون. وربما ايضا ليس لرئيس الوزراء هذا. ولكن الوضع الناشيء – صحيح بالنسبة للعينات من يوم امس – يقلص جدا مجال المناورة لديه. وظاهرا يمكنه أن يرتبط بهرتسوغ واحزاب اليمين: اما الاعداد فلا تؤيد هذا الخيار.

سيركز كحلون، على أي حال، على قائمة مطالبه من نتنياهو، بدء بالسكن ومرورا بالبنوك. عمليا، يمكنه أن يطلب ان يخضع الى إمرته كل القرارات الاقتصادية والاجتماعية. وكل وعد سيتلقاه سينص عليه في الخطوط الاساس وسيوقع في وثائق قانونية. وهو يعرف بان ما سيحصل عليه الان لن يحصل عليه بعد دقيقة من أداء الحكومة اليمين القانونية واستقرار الوزراء على جلد الظبي خاصتهم. ذات مرة صدق الوعد الشفوي لنتنياهو. مشكوك أن يحصل له هذا مرة اخرى. وتشكيل الحكومة ليس موضوعا ليوم – يومين. اضافة الى كحلون، فان للشركاء الاخرين ايضا ما يطالبون به – وهم لن يكونوا خجلين – لا ليبرمان ولا الاصوليين.

للحكومة الضيقة توجد فضائل لا بأس بها. فهي أكثر نجاعة، أكثر تأثيرا، واقل معاناة من الاضطرارات الداخلية. كما أن لها نواقص: العنصر الاصولي في مثل هذه الحكومة يبعد عنها جزءا كبيرا من الرأي العام. ولهذا فان الاصوليين يفضلون الجلوس في حكومات وحدة. فضلا عن ذلك فانه في عواصم الدول التي تتعلق باسرائيل بودها تشتبه بمثل هذه الحكومة مسبقا. رؤساء وزراء من اليمين، بمن فيهم نتنياهو اضطروا في الماضي الى سترات واقية من الوسط واليسار – شمعون بيرس مثلا او تسيبي لفني. وقد حمتهم السترات الواقية مرتين: مرة في الخارج، في مواجهة الحكومات الاجنبية ومرة في الداخل كذريعة جيدا في ضوء ضغوط مجموعات ضغط المستوطنين.

يتحدث نتنياهو الان كمن تنازل عن السترات الواقية من اليسار. فهو مقتنع بانه سيتدبر أمره وحده. والدليل: في غضون بضعة ايام، في حملة نشطة، نجح في أن ينعش من جديد يمين بيغن، ويدفع الناخبين ممن لم يرغبوا قبل اسبوع فقط ان يسمعوا عنه وعن الليكود بان يتوجهوا الى الصناديق وان يصوتوا لليكود. فهو الطفل العائد.

انجازه هذه المرة يفوق بكثير انجازه قبل سنتين وقبل ست سنوات، حين بالكاد نجح، وبثمن باهظ، في تشكيل حكومة. والانجاز هو له، وله وحده. وهو لم يسرق الانتخابات – بل انتصر فيها.

هل حكومة يمينية ضيقة ستنجح في صد النووي الايراني ومنع عزلة اسرائيل في الغرب؟ اشك جدا. ولكن حكمة الجماهير تقول ان نعم. وهذه الليلة، على الاقل هذه الليلة كان صوت الجمهور جليا.

الرئيس ريفلين سيقترح على أي حال على مندوبي الكتل ممن سيأتون اليه ان يحاولوا الارتباط معا في حكومة واسعة. في هذه اللحظة لا يبدو هذا واقعيا، لا من زاوية نظر نتنياهو، ولا من زاوية نظر المعسكر الصهيوني. واذا ما تعقدت المفاوضات فقط تطرح الفكرة من جديد، في هذه الصيغة أو تلك. والايام ستروي لنا.

لنتائج الانتخابات عدة بشائر طيبة يجدر بنا ان نقولها. خير كان ان قائمة كان الكهانيون جزءا منها لم تجتز نسبة الحسم على ما يبدو. خير كان أن احزابا كانت ذات مرة كبيرة عادت لتكبر. خير كان أن نسبة التصويت ارتفعت. خير كان أن كل هذا القدر الكبير من الشباب انخرطوا في النشاط عشية الانتخابات. وحتى من خاب أمله امس من النتائج لا ينبغي أن ييأس. فاليأس ليس خيارا.

ليكودي سابق صوت لكحلون ذكر لي أمس جملة قالها ذات مرة غاري لينيكر، لاعب المنتخب الانجليزي في كرة القدم، تجمل بشكل لا بأس به نتائج الانتخابات: « كرة القدم تلعب 90 دقيقة وفي النهاية المانيا تنتصر ».

نتنياهو سيبقى لولاية اخرى في البيت الدالف، المنشود، في شارع بلفور في القدس. النصر حلو. وليس غني عن البيان تذكير نتنياهو بالدرس الذي تعلمه على جلدتهم المنتصرون في كل الاجيال: خلف الزاوية ينتظر غرور المنتصر، والذي يأتي بعده العقاب. لقد راكم في السنتين الاخيرتين رواسب عاطفية كثيرة، والكثير جدا من الحسابات الشخصية. وهذه الشحونات  تثقل عليه قبل كل شيء آخر. « انا رئيس وزراء الجميع »، قال في ميدان رابين يوم الاحد. وعليه، فليكن كذلك.