خلال بحثنا الدائم عن طريقة لتحويل حياتنا نحو الأفضل، ننسى أنه – إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية – هناك دواء آخر في متناول أيدينا قد يحدث فرقاً كبيراً في حياتنا، وهو النوم، فإذا كان لديك عطلة لبضعة أيام خلال فترة الأعياد، فقد يكون الشيء الأفضل الذي يمكنك القيام به، هو العمل على إصلاح عادات نومك،
حيث أن العديد من الأشخاص يعانون من مشاكل سيئة للغاية في النوم، لدرجة دفعت مركز السيطرة على الأمراض (CDC) لاعتبار اضطرابات النوم “وباءً على الصحة العامة”،
ففي حين أن نسبة ضئيلة من الأشخاص يكفيهم الحصول على كمية قليلة من النوم ليكملوا يومهم بشكل طبيعي – وهؤلاء الأشخاص نادرون بشكل لا يصدق- فإن حوالي نصف الأشخاص لا يحصلون على ما يكفيهم من النوم، حيث أن حوالي 40٪ من الأشخاص ينامون لمدة أقل من المدة الموصى بها،
والتي هي سبع إلى تسع ساعات في الليل، لذلك فإن الحصول على المزيد من النوم قد يجعل حياتنا أفضل بكثير، وذلك عن طريق:
النوم السيئ يفسد يومك، وهذا أمر معروف لدى الجميع، ولكن مؤخراً استطاع الباحثون اثبات ذلك علمياً، فقد قاموا في إحدى الدراسات البارزة بتتبع 909 امرأة عاملة، ووجدوا أن عدم حصولهن على ما يكفي من النوم خلال الليل أثّر على سعادتهن بذات القدر الذي تؤثر فيه ضغوط العمل على السعادة.
عدم الحصول على القسط الكافي من النوم يخفّض من الرغبة الجنسية، ويمكن أن يجعل الذكور أكثر عرضة للمشاكل الجنسية، كما أن النوم في حد ذاته هو بمثابة ترميم للجسم، فهو يزيد من مستويات هرمون تستوستيرون، مما يعزز الدافع الجنسي لدى الرجال والنساء.
هناك سبب وجيه يجعل من مجلات اللياقة البدنية والمنتديات الرياضية تركز دائماً على أهمية النوم، فإذا كنت لا تنال ما يكفي من النوم، لن يكون بإمكانك بناء عضلات جسمك، وذلك لأن الجسم يقضي معظم فترة الليل (باستثناء مرحلة النوم المترافق مع حركة العين السريعة REM) للشفاء من الأضرار التي لحقت بخلاياه وأنسجته أثناء فترة الاستيقاظ عندما تكون عملية الأيض في أوجها، كما أنه في بداية الليل وأثناء النوم البطيء، يقوم الجسم أيضاً بفرز هرمون النمو، لذلك فإن قلة النوم، يمكن أن يرتبط أيضاً مع ضمور العضلات.
هذا الأمر لا يقتصر فقط على الأطفال، فالبالغين الذين يحصلون على قسط كافٍ من النوم، يكون أداؤهم في اختبارات الذاكرة على المدى القصير أفضل بكثير من أولئك الذين لا يحصلون على ما يكفي من النوم، ففي تجربة قام فيها الباحثون بالمقارنة بين مجموعتين في القدرة على تعلم مهارة جديدة، تبيّن أن المجموعة التي حصلت على ليلة نوم جيدة، أظهرت تحسناً في الأداء مع تكرار القيام بذات المهمة، بالمقارنة مع المجموعة الأخرى التي ظلت مستيقظة لأكثر من 30 ساعة متواصلة، والتي واجهت صعوبة أكبر في تحسين مهاراتهم، وذلك حتى بعد أن أتيحت لهم الفرصة لنيل بعض النوم.
إن القيادة في حالة النعاس مثل القيادة في حالة السكر، كلاهما يعتبران سبباً شائعاً للحوادث الخطيرة، حيث أن النعاس أثناء القيادة يعتبر المسؤول عن حوالي 100,000 حادثاً و حصول 1,500 حالة وفاة كل عام، وذلك فقاً لمؤسسة النوم الوطنية، كما أن 20% تقريباً من الإصابات الخطيرة التي تنجم عن الحوادث، يكون سببها سائق يعاني من الحرمان من النوم.
تشير العديد من الدراسات، أن الأشخاص الذين ينالون قسطاً أقل من النوم يكونون أكثر عرضة للسمنة، حيث وجدت إحدى الدراسات التي قامت بتتبع 500 شخصاً لمدة 13 عاماً، أن الأشخاص الذين ينامون لأقل من سبع ساعات في كل ليلة بشكل دائم، كانوا أكثر عرضة لاكتساب الوزن بـ 7.5 مرة، ويعتقد الباحثون بأن هذا يحدث نتيجة لحدوث تغيرّات هرمونية يسببها الحرمان من النوم.
يعتبر داء السكري من النوع 2 أحد الأمراض المرعبة التي تؤدي إلى الإصابة بالسكتات الدماغية أو إلى بتر الأطراف أو العمى أو تلف بعض الأجهزة الحيوية، وهذا لا يقتصر فقط على الأشخاص المصابين بالسمنة، لذلك فإذا كنت نحيفاً ولكنك لا تحصل على ما يكفي من النوم، فإن هذا خطر السكري لا يزال يحدق بك، حيث أن الأشخاص البالغين بشكل عام يفقدون قدرتهم على السيطرة على نسبة السكر في الدم بدون الحصول على القسط الكافي من النوم، وذلك مقارنة مع البالغين الذين ينامون من سبع إلى ثماني ساعات كل ليلة.
إن الأشخاص الذين ينامون لمدة أقل من المدة الموصى بها، يكونون أكثر ميلاً لتطوير أعراض الاكتئاب والقلق، حيث تظهر الدراسات أن قلة النوم لها تأثير سلبي قوي جداً على الحالة المزاجية، وهذا مؤشر قوي على أن النوم الكافي يمكن أن يساعد على تحسين الحالة المزاجية.
تظهر بعض الأبحاث أن قلة النوم، ترتبط مع الإصابة بمشاكل جلدية مزمنة، كما وجدت الدراسة التي تم نشرها في مجلة (Clinical and Experimental Dermatology) أن الأشخاص الذين ينامون جيداً يشهدون تحسناً ملحوظاً في أمراضهم الجلدية بعد جلسات العلاج بالضوء، وكذلك يتعافون بشكل أسرع بعد إزالة الضمادات عنهم، كما أن الأشخاص الذين ينامون كثيراً تكون علامات الشيخوخة لديهم أقل.
عندما يكون الأشخاص متعبين، تختلف الطريقة التي يتخذون فيها القرارات المالية، فبدلاً من محاولة التقليل من الخسائر، فإنهم يبدؤون بالتطلع لتحقيق المكاسب الكبيرة المحفوفة بالمخاطر، وهذا يعتبر أيضاً سبباً وجيهاً للتأكد من أخذ قسط كافٍ من النوم قبل القيام بأي عملية شراء كبيرة.
أظهرت الإحصائيات بأن الأشخاص الذين لا ينالون ما يكفي من النوم، يكونون أكثر استخداماً لموارد الرعاية الصحية بنسبة 11٪ من الأشخاص الذين ينامون جيداً.
وفقاً لمعهد الطب، فإن مشاكل النوم ترتبط مع تعاطي الكحول، حيث أن المراهقين الذين يعانون من مشاكل في النوم يكونون أكثر عرضة لتطوير مشاكل مرتبطة مع إساءة استخدام الكحول، وذلك يرجع تبعاً لاعتقاد الباحثين إلى أن تعطيل إيقاع الساعة البيولوجية يسبب تغيّرات في نظام المكافأة في الدماغ، وهذا بدوره، يجعل هؤلاء المراهقين أكثر عرضة للانخراط في السلوكيات المحفوفة بالمخاطر وتطوير اضطرابات ناجمة عن تعاطي الكحول.
إن البقاء في حالة الاستيقاظ لفترة طويلة جداً يمكن أن يسبب ثقلاً في اللسان، وتكرار في استخدام الكلمات، وتباطؤاً في نبرة الحديث، لذلك تأكد من الحصول على بعض الراحة قبل القيام بإجراء أي عرض لأي مشروع مهم.
على الرغم من أن الأطباء ليسوا متأكدين عن السبب الذي يقف وراء حدوث هذا، إلّا أن العديد من الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين لا ينامون بما فيه الكفاية هم أكثر عرضة للمعاناة من الصداع النصفي، كما أن سوء نوعية النوم أيضاً ترتبط مع التعرض بالإصابة بالصداع النصفي، كما أن 36-58٪ من الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم يستيقظون مع آلام في الرأس.
يصعب على الشخص المتعب التركيز بشكل جيد على أي شيء، وهذا يمكن أن يؤثر سلباً على كل من العمل والحياة الشخصية، وبحسب الباحثين فإن الأشخاص الذين ينامون لساعات أقل من الموصى بها، يجدون صعوبة بأداء المهام التي تتطلب التركيز بشكل خاص، لذلك إذا كنت ترغب بالتركيز، تأكد من حصولك على قسط كافٍ من الراحة.
إننا نرتكب أخطاء أكثر عندما لا نحصل على القسط الكافي من النوم، حيث وجدت دراسة قام بها باحثون من هارفارد أنه إذا ما تم تخفيض الساعات التي يعمل فيها الأطباء المقيمين إلى 63 ساعة أسبوعياً، فإنهم سينالون قسطاً أكبر من النوم وهذا سيقلل من عدد الأخطاء الطبية الخطيرة التي يمكن أن يرتكبوها، حيث أن المجموعة التي حُرمت من النوم خلال الدراسة، قامت بارتكاب أخطاء خطرة أكثر بـ 22٪ من المجموعة الثانية التي نالت قسطاً كافياً من النوم.
إن أعيننا تصاب بالتعب إذا لم نحصل على القسط الكافي من النوم، وكلما ازدادت الفترة التي يبقى فيها الشخص مستيقظاً، ازداد خطر التعرض لحدوث أخطاء في الرؤية، وذلك ابتدءاً بالرؤية النفقية ووصولاً إلى الرؤية المزدوجة، حتى أن قلة النوم قد تصل في نهاية المطاف للإصابة بالهلوسة.
إن عدم نيل ما يكفي من النوم يضعف الجهاز المناعي، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالزكام، حيث بيّنت دراسة تم فيها تعريض 153 شخصاً لفيروس البرد، بأن الذين ينالون ينامون أقل من سبع ساعات كل ليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس بثلاث مرات تقريباً.
إن الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات الليلية- أي الذين لا ينامون بما فيه الكفاية – من المرجح أن يواجهوا بعض المشاكل الصحية الخطيرة، حيث وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص هم أكثر عرضة لتطوير سرطان القولون والثدي.
عندما لا ينام الشخص بما فيه الكفاية، يصبح أكثر تعرضاً للتقلب العاطفي وتصبح إثارة أعصابه أكثر سهولة، حيث تستثيره أتفه الأشياء وتجعله ينفجر ويستشيط غضباً، وذلك وفقاً لدراسة بيّنت أن الحرمان من النوم يقوم بتضخيم المشاعر السلبية الناجمة عن الأشياء الصغيرة.
إن عدم الحصول على القسط الكافي من النوم يجعل الأشخاص أكثر حساسية للألم، حيث تظهر الاختبارات أن إبقاء الأشخاص مستيقظين طوال الليل يجعلهم يشعرون بالألم بشكل أكبر، وهناك أدلة أخرى تفيد بأن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يسبب تداخلات في عمل بعض الأدوية المخففة للآلام.
على الرغم من أن الباحثين وجدوا أن قوة الإنسان لا تتأثر بالضرورة مع عدم الحصول على القسط الكافي من النوم خلال الليلة، إلّا أنهم وجدوا أن ردود الفعل للأشخاص الذين تم حرمانهم من النوم ليلاً كانت أبطأ من غيرهم، وبحسب الباحثين فإن هذا قد يكون راجعاً إلى تضاؤل القدرة على استخدام المعلومات لاتخاذ القرارات.
وجدت إحدى كبرى الدراسات أن النوم لمدة خمس ساعات أو أقل ليلاً مرتبط مع زيادة بنسبة 45٪ في خطر الإصابة بالنوبات القلبية، حيث أن قلة النوم تزيد من ضغط الدم لدى الأشخاص، وحتى الشباب الأصحاء الذين لا ينالون قسط كافياً من النوم حتى ولو لليلة واحدة فقط، يظهرون تغييرات مؤقتة كبيرة في نبضهم.