خبر المقاومة حياة.. عبد الله الشاعر

الساعة 07:50 ص|05 مارس 2015

عبد الله الشاعر

خطر ببالي سؤالٌ مرّ لم يزل يوغل في القلب طعناً ، وفي النفس جلداً ، وفي الضمير وجعاً .

تُرى هل تسبب الرضاعة من تنوفا وأخواتها الإسرائيليات  أُخوّة في الرضاعة يترتب عليها ما يترتب على أخوّة الدمّ ؟

 

ربما يبدو السؤال غريباً ، لكن صدقوني إنه واقعيّ ، لاسيما ونحن نشاهد الاعتداءات المتكررة على  حليبنا المقدس، والتنكّر للأرحام ، والسطو على أحلام أمعائنا في التخلص من كل ما هو (وطنيٌّ ) يفيضُ غشّاً ، ورداءةً ، ( وقلّة أصل ) !!!

 

كما يقاطع بعضنا أخواته فور مطالبتهنّ بنصيبهنّ من تركة الآباء، تحاول السلطة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بدافع الضغط على أولياء الأمر لعلهم يعيدون لها نصيبها مما تمّ سرقته من الفلسطينيين تحت عناوين الضرائب !! مع كل حَرَدٍ سياسيّ يتم ابتزاز السلطة في لقمة عيشها، فتسارع السلطة لاستعراض فحولتها على تنوفا وغيرها ، فيما يظل الموظف الفلسطيني تحت رحمة الاتفاق أو مراقبا لهذا الخلاف على التَرِكَة .

 

بعد كل الافتراءات ( الوطنية ) يكتشف الموظف الفلسطيني أنه تابعٌ ماليّاً لوزارة الابتزاز الإسرائيلي ، وأن استقراره النفسيّ مرتبطٌ بالولاء المطلق لمنطق الاستبداد، وأي محاولة للاعتراض على التغوّل يقابلها الحصول على صكوك الحرمان الاقتصاديّ!!!

 

جميلٌ، بل واجبٌ على الشعوب المحتلَّة أن تقاوم محتليها بكل السبل، وفي مقدمتها مقاطعة منتجاتهم التي تُحوّل المواطن إلى سوق استهلاكيّ ، لكن الأوجب ألّا نُلقم المجهول ماضينا الأغرّ، وواقعنا التائه، وأحلامنا التي تقزّمت حتى غدت مجرد راتبٍ وعائدات ضرائب.

الأوجب يقع على عاتق السلطة، وألّا تكون المقاطعة ردة فعل آنية ، يكون فيها الكيان الغاصب معتديا أثيما ، ثم سرعان ما يصبح وليّا حميما !!

المقاطعة تبدأ في تعميق الحواجز النفسية بيننا وبينهم....في ترسيخ ثقافة الرفض لكل أذرعهم التي تمتد إلى عقولنا لغسلها ، وإلى ضمائرنا لتطويعها ، وإلى نفوسنا لإذلالها ، وإلى جيوبنا لسرقتها ، وإلى كرامتنا لهدرها.


المقاطعة تبدأ في تحطيم كل أصنام الاتفاقيات التي جعلت منا عبيدا، وصادرت أحلامنا في التحرر والاستقلال  ، وتركتنا تحت رحمة محتلٍّ لا يعرف غير الابتزاز والمصادرة . أن يتم صرف الأنظار عن اتفاقية جلبت كل هذا الاستعباد للمستهلك الفلسطيني، وتركته في مهب التنافس المتوحش على أمعائه وجيوبه، واستعراض الفحولة الوطنية على شحنة ألبانٍ هنا أو مواد غذائية هناك هي محاولة بائسةٌ سرعان ما تزول ويطارد فاعلوها بتهمة الإرهاب .  إن كيانا أنشئ ليكون طفيليا لن يستطيع الفطام عن التطفل ...وإن كيانا أسس على التبعية لن يكون مستقلا في شيء !!!

 

لا بدّ من الانعتاق من الدجل السياسي أولاً ، ومن الارتهان والتخبط وردات الفعل الآنية ثانياً .

 

فلا يصح بحال أن تعتاش السلطة على أموالٍ مرهونة بحسن النوايا ، ثم تمارس دور الفقير المتكبر ، والشحاذ المغرور !!  لا بدّ من ترسيخ قيم التحرر من الاحتلال ، وتجاوز كل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي جعلت منا عبيدا وطنيين، وسلطة تحرر مفاتيح رزقها بيد أعدائها ، وشعباً يعيش تحت رحمة غاصبٍ يسرق منه الأموال ثم يبتزه في شروط إعادتها.

 

الرفض حياة وليس موجة غضبٍ عابرة ، وفي السياسة ثوابت ليس بوسع المرء تجاوزها ، ومن يرضع من حليب تنوفا فلن يحنّ لغير البقرة الإسرائيلية المقدسة !

 

المقاومةُ واجبةٌ ، لكنها حين تتقزّم  كردة فعلٍ  آنيٍّ فإنها لن تكون أكثر من عبثٍ طفوليّ في معركة مصيرية .