خبر المشاريع الصغيرة بغزة..خسائر بالجملة و الديون زيادة.. من المسؤول؟

الساعة 10:17 ص|10 فبراير 2015

فلسطين اليوم

يلجأ العديد من المواطنين، و خصوصاً من فئة العمال و الخريجين، الذين لا يجدون فرص عمل في قطاع غزة الى التفكير بعمل مشاريع صغيرة قد تساهم في سد حاجاتهم و عائلاتهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع، في ظل الحصار المحكم الذي تفرضه « اسرائيل » على القطاع منذ عدة سنوات.

و يضطر هؤلاء المواطنين لبيع بعض الممتلكات لديهم، أو اللجوء الى مؤسسات الاقراض المنتشرة في قطاع غزة بشكل كبير، لتمويل هذه المشاريع، حيث يواجهون صعوبة في تنفيذ هذه المشاريع بسبب الحصار، والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعطل الحياة بكل مجالاتها، إضافة إلى العشوائية في تنفيذها، الأمر الذي يتسبب في تبديد حلم النجاح لهذه المشاريع، بل تحولها الى عبئ جديد على كاهل اصحابها، لما تكبده لهم من خسائر و ديون أخرى.

« وكالة فلسطين اليوم الاخبارية » تطرقت الى هذه المشكلة، و تحدثت مع عدد من المواطنين الذين قاموا بتنفيذ عدد من المشاريع الصغيرة في قطاع غزة، و باءت بالفشل، و عادت عليهم بخسارة فادحة.

المواطن عبد الرحمن غنيم، 37 عاماً و يعيل أسرة مكونة من 7 أفراد قال: « لجأت للاقتراض من دائرة التمويل الصغير في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، و قمت بفتح محل لبيع الدواجن، و لقي المحل في بداية الأمر اقبالا جيداً، و لكنه ضعف بعد عدة أشهر بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، و تراكم الديون ».

و أضاف: « بعد عدة أشهر لم استطع الاستمرار في المحل، بسبب ضعف الحالة الشرائية في المحل، ما شكل عائقاً أمامي حتى في سداد اقساط القرض الذي اقترضته من المؤسسة ».

حال غنيم لا يختلف عن حال المواطن ابراهيم النجار، 27 عاماً و يحمل شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسوب، الذي قال بأنه حصل على قرض، قيمته 7000 دولار، لإنشاء مشروع لبيع اجهزة الحاسوب و لوازمه.

و أشار الى أن المحل لم يدم أكثر من 4 شهور لأن تكلفة انشاءه فاقت قيمة رأس المال الذي حصل عليه من خلال القرض، كما أن حالة الركود كانت عامل اساسي في فشل المشروع، و انهاءه بعد وقت قصير من اقامته.

و أوضح النجار بأن اجرة المحلات التجارية المرتفعة في الوقت الراهن تشكل عاملاً اضافياً و تحدياً كبيراً أمام أصحاب المشاريع الصغيرة في قطاع غزة، حيث يتراوح ثمن اجرة المحل في اماكن حيوية من 3000-5000 دينار سنوياً.

من ناحيتها دعت المواطنة أم محمد، 34 عاماً الحكومة و المؤسسات الأهلية لدعم هذه الفئة من المواطنين الذين يبحثون عن فرصة للعمل من خلال اقامة مشاريع صغيرة تمكنهم من العيش بكرامة، في ظل غياب فرص العمل في كافة المجالات.

و قالت: « زوجي كان يعمل في الاراضي المحتلة قبل الحصار، و بعد توقفه عن العمل، ساءت الاوضاع المادية لأسرتي المكونة من 8 أفراد ».

و تابعت تقول: « قمت ببيع مصاغي الذهبي و جمعت ثمنه و قمت بالاقتراض من احد المؤسسات التمويلية، و ساعدت زوجي في افتتاح محلاً لبيع الهدايا ».

و أشارت الى أن حالة الركود في أسواق قطاع غزة حالت دون نجاح هذا المشروع، الأمر الذي زاد من الديون التي تراكمت عليه، و لم استطع سدادها، و لا أزال احاول انقاذه من خلال الاقتراض من هنا و هناك، لكن بلا جدوى.

من ناحيته عزا المحلل الاقتصادي، أمين أبو عيشة حالات الفشل للمشاريع الصغيرة في قطاع غزة الى كون القطاع بيئة غير مستقرة سياسياً و اقتصادياً، و يعاني من نقص في السيولة.

و أوضح أبو عيشة في حديث لـــ « وكالة فلسطين اليوم الاخبارية » بأن أي مشروع له عوامل فشل و نجاح، و أن عوامل النجاح تعتمد على وجود ادارة و موظفين قادرين على ادارة أي مشروع، و أن غياب السيولة هو احد العوامل الرئيسية لفشل أي مشروع، لافتاً الى أن الحصول على السيولة النقدية من البنوك عملية صعبة، نظراً لكثرة الشروط المطلوبة، و الحاجة الى كفلاء محددين ، و ارتفاع قيمة الفائدة على القروض، و غير ذلك..

و أكد بأن المشاريع الاقتصادية الصغيرة في الدول النامية تعتبر اساساً للتنمية الاقتصادية، و بدونها لا يمكن انجاز أي تقدم، او اجراء اصلاحات في البنى التحتية و الاقتصادية، و لكنها غيبت في قطاع غزة، و لم توجد الا بمبادرات ذاتية من اشخاص يحاولون ايجاد فرص عمل.

مشيراً الى أن  الحكومة يقع عليها جزء من المسؤولية عن فشل أي مشروع، و لا سيما وزارات الاقتصاد و العمل  بسبب عدم وجود الدعم اللازم لأصحاب المشاريع الصغيرة، بل بدلاً من ذلك، فإنها تقوم بفرض الضرائب عليهم، و تتعامل و كأنها شريكة لهم في هذه المشاريع.

و لفت الى أن غياب اللوائح و القوانين في قطاع غزة تجعل من احتمالات الضعف لأي مشروع أكثر من حالات النجاح، داعياً المقبلين على انشاء أي مشروع اقتصادي بأن يقوموا باعداد « دراسة جدوى اقتصادية » قبل الشروع في تنفيذه، لأن من شأن ذلك أن يقلل من احتمالات المخاطرة و الفشل.

و أضاف أن دراسة متطلبات السوق عاملاً مهماً من عوامل انشاء مشروع اقتصادي ناجح، و أن الاعتماد على البيع الآني، و التوفيق بين الربحية و السيولة من شأنه منع حدوث أي خلل، كما إنه يسهم في استمرار المشروع دون اللجوء الى الديون او الحاجة لضمان بنكي.

يشار الى أن الاحصائيات تحدثت عن نسبة البطالة في قطاع غزة، حيث كانت قبل الحرب 41% ، وكان هناك أكثر 180 ألف عاطل عن العمل ، و أن هناك توقعات بأن تتجاوز معدلات البطالة نسبة 50% وأن يتجاوز عدد العاطلين عن العمل 210ألف عامل خصوصاً بعد العدوان الصهيوني على القطاع .