خبر من « الجرف الصامد » إلى حافة الهاوية / عبد الرحمن شهاب

الساعة 11:51 ص|20 يناير 2015

ربما كانت أحد الأسباب الدافعة لتسمية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014 بـ « الجرف الصامد » هي الرغبة الشديدة للتوقف عند نهاية الجرف وبالضبط على حافة الهاوية، إلا أن صمود المقاومة من جهة، ورغبة أصدقاء إسرائيل الشديدة لضرب المقاومة وإنهاكها حتى آخر جندي صهيوني من جهة أخرى؛ كانا عاملين مهمين في تواصل الحرب وخروجها عن صمود الجرف وسقوطها الى الهاوية ودخولها مرغمةً الى حرب استنزاف مع المقاومة.

 

لكل انتخابات حربها أم لكل حربٍ انتخاباتها

لقد كتبنا في « مركز أطلس » قبل ثلاث أسابيع تقديراً للموقف الإسرائيلي بعنوان « لكل انتخابات حربها »، وهذا يعود لمعرفتنا بهذا العدو الذي عودنا أن لكل انتخابات حربها التي تعمل على إعادة الموضوع الأمني للحملات الانتخابية؛ الأمر الذي يخدم المتطرفين التواقين الى أصوات من المجتمع الجانح دوماً نحو معاداة المحيط، ولكن هناك انتخابات قد تكون هي نتيجة الحرب، تبدأ حملتها بسن السكاكين لسلخ من فشلوا في تحقيق أهداف الحرب.

نتنياهو المعروف عنه حذره الشديد وقرارته التي يعتمد في اتخاذها على نظرية العقلانية السياسية، والذي يدرك جيداً – كما عبر أكثر من مرة في تصنيفه للتهديدات التي تواجه إسرائيل – أن تهديد حزب الله يأتي في المرتبة الثانية بعد إيران، يليه في المرتبة الثالثة الصراع الدائر في سوريا، في حين يأتي تهديد قطاع غزة في المرتبة الرابعة.

ربما يدور الآن في خلد نتنياهو ما دار سابقاً في خلد السيد حسن نصر الله أثناء حرب لبنان الثانية، والذي صرح به عندما قال « لو كنت أعرف أن العدو الصهيوني مجنون لهذا الحد وغير عقلاني لما أقدمت على خطف الجنود »، زعيم حزب الله كان يريد من عملية خطف الجنود التي نفذها الحزب يومها أن تكون عملية نظيفة بالمعنى العسكري، ولكن (لسوء الطالع) بالحسابات العسكرية قتل فيها ثمانية جنود إسرائيليين؛ الأمر الذي لم يبقِ أمام أولمرت خياراً سوى القيام بعملية عسكرية واسعة تدحرجت الى ما سمي « حرب لبنان الثانية ».

نتنياهو الذي يقف الآن في الطرف المقابل، والذي أراد أن يوجه ضربة « نظيفة » بالمعنى العسكري الى حزب الله وسوريا، أخطر تهديدين يمكن اللعب معهما في هذه المرحلة في أجواء الانتخابات، وكما صرح يوآف غالنت قائد المنطقة الجنوبية سابقاً، والذي انضم الى حزب « كلنا » الجديد بقيادة موشي كحلون أن « نتنياهو أراد ان يدخل عنوة الموضوع الأمني الى الحملة الانتخابية بعد أن طغى عليها الموضوع الاجتماعي والاقتصادي ».

ولكن على حد تقديرنا؛ لم يكن نتنياهو يرغب أن تكون نتيجة هذه العملية بهذا الحجم موجعة الى حزب الله، مثلما لم يرغب حسن نصر الله عندما قام بخطف الجنود صيف 2006 ان تكون النتائج حينها موجعة لأولمرت الى الحد الذي يستدعي رداً عسكرياً متناسباً.

قد يكون الأمر في هذه المرحلة متشابها مع صيف 2006 إذا لم يتم السيطرة على الأوضاع على الحدود الشمالية لفلسطين، والتي قد تكون عاقبتها حرب نهايتها انتخابات تودي بمستقبل نتنياهو السياسي، ويبدو ان سوء الطالع نفسه يتكرر على الجبهة المقابلة ويتورط نتنياهو بمقتل جنرال إيراني تمثل بلاده التهديد الأول وقائد من حزب الله يمثل التهديد الثاني، والذي ينظر إليه بأنه لم بنفذ تهديده بالانتقام لمغنية الأب، وعلى أرض سوريا التي تمثل التهديد الثالث.

 

رغبة واسعة للسيطرة

إن التوقعات برد موجع من حزب الله كما صرح العديد من قادة الحزب، وحتى الرد المدروس والمحسوب والمسيطر عليه مثلما يتوقع كثيرون؛ قد يجر منطقة الشام والعراق في دوامة عنفٍ جديدة تقلب الطاولة على رأس كل المخططين لمستقبل هذه المنطقة، الأمر الذي ربما يدفع بعض الأطراف التي كانت تدير الفوضى بالوكالة من خلف الكواليس، قد يدفعها هذا الأمر الى الدخول علناً في تلك المواجهة مثل إيران أو روسيا أو حتى تركيا، ليضمنوا أن تبقى الأمور تسير هناك لصالحهم.

هذا ربما ما لم يرغب به نتنياهو عندما قام بهذه الضربة لحزب الله ولسوريا، وهذا أيضاً ما لا يرغب به حزب الله، وهو يبحث الآن عن طريقة للرد على إسرائيل وكسب ماء الوجه، متأملاً بعقلانية عدوه بأن تسمح له باستعادة كرامته.