خبر في ميل تراجع- معاريف الاسبوع

الساعة 10:46 ص|30 ديسمبر 2014

في ميل تراجع- معاريف الاسبوع

بقلم: شلومو شمير

(المضمون: بكلتي يديهم أبعد الفلسطينيون احتمالات استئناف المسيرة وجعلوا موضع هزء مشروعا يدعو الى تسوية نهائية في غضون سنتين. اذا كانت واشنطن تحتاج الى تشجيع آخر على استخدام الفيتو على المشروع الفلسطيني، فقد وفره التوجه الى الكرملين - المصدر).

 

اذا ما تحقق بالفعل اعلان صائب عريقات ورفع الفلسطينيون مشروع قرارهم الى مجلس الامن، فستكون هذه بداية نكبة سياسية لقيادة السلطة الفلسطينية – مصيبة جلبها ابو مازن وزملاؤه على أنفسهم.

 

ليس واضحا متى سيجري التصويت في المجلس على مشروع القرار الفلسطيني الذي يتضمن جدولا زمنيا وتاريخ موعد لانسحاب اسرائيلي كامل، ترسيم الحدود واقامة دولة فلسطينية. في مقر الامم المتحدة في نيويورك تسود التقديرات بان الفلسطينيين سيكتفون بتوزيع مشروعهم على اعضاء المجلس وبالتغطية الاعلامية المتوقعة للخطوة في العالم، ولكنهم لن يطلبوا التصويت.

 

في مثل هذه الحالة ايضا، فان التوجه الى مجلس الامن معناه ان القيادة الفلسطينية تجر النزاع الى جدول أعمال المجلس وهكذا تمنح الامم المتحدة حضورا مركزيا كجهة يمكنها برأيها أن تحقق التسوية. ومع أن مجلس الامن هو الجهة الوحيدة في الامم المتحدة التي تملك صلاحيات فرض قراراتها بالقوة، الا ان هذه الصلاحيات فرغت من معناها العملي في السنوات الاخيرة.

 

منذ اندلاع الحرب الاهلية في سوريا وعلى مدى ثلاث سنوات ونصف قتل في اثنائها نحو 200 ألف شخص، لم يسارع المجلس الى نشر شجب لنظام الاسد الدموي. وقرر الفلسطينيون ايداع تحقيق تطلعاتهم في ايدي مجلس الامن الذي أبدى عجزا مطلقا في مواجهة السياسة العدوانية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولم يرد على الاطلاع على ضمه شبه جزيرة القرم. وهم يعلقون آمالا

 

على مجلس ينظر فيه مندوبوه بذهول الى وحشية مقاتلي "الدولة الاسلامية" وقتل الاف الابرياء دون أن يكونوا قادرين على عمل شيء.

 

من ناحية تطلعات الشعب الفلسطيني، فان التوجه الى مجلس الامن معناه تراجع استراتيجي في مساعيه لتحقيق مصالحهم. والسؤال لم يعد اذا كان ابو مازن شريكا في السلام. فالتواجد الصاحب والاستفزازي الذي يبديه رئيس السلطة مؤخرا في الجبهة الدبلوماسية في نيويورك والذي وجد تعبيره في التوجيهات والتعليمات التي اطلقها لمندوبه في نيويورك رياض منصور، يثير سؤالا اكثر خطورة: هل فقد ابو مازن المنطق تماما؟ هل هو مؤهل على الاطلاق لقيادة شعب يتطلع الى الاستقلال؟ سؤال مرافق لا يقل خطورة هو هل انغلقت احاسيس اولئك الذين ينتمون الى قيادة السلطة؟ هل فقدوا القدرة على تمييز ما هو جيد لمصالح الشعب الفلسطيني وما هو ضار؟ دليل على فقدان الصواب في القيادة الفلسطينية هو توجهها الى موسكو بطلب المساعدة لاقرار مشروع القرار في مجلس الامن.

 

اذا كانت واشنطن تحتاج الى تشجيع آخر على استخدام الفيتو على المشروع الفلسطيني، فقد وفره التوجه الى الكرملين. وفي اسرائيل يتركز القلق على مسألة كيف سترد القوى العظمى الغربية على مشروع القرار الذي وزعه الفلسطينيون بين اعضاء مجلس الامن. ولكن في المقر الرئيس للامم المتحدة في نيويورك يتابع السفراء، الدبلوماسيون والمحللون بعجب النشاط الحثيث الذي ألم بالممثلية الفلسطينية. كما أن جهات تتماثل كعاطفة على القضية الفلسطينية تتثائب في مواجهة ما وصفه البعض بانه "يقظة متهورة".

 

يمكن لنا أن نفهم خيبة الامل التي يشعر بها ابو مازن في ضوء سنوات من الجمود في المسيرة، ولكن هذا كله لا يبرر الجهد المهووس لتجنيد مجلس الامن كرافعة لتحقيق اقامة الدولة الفلسطينية، في الوقت الذي توجد فيه مكانة المجلس في درك أسفل غير مسبوق وأصبح ساحة مناكفة بين الولايات المتحدة وروسيا مثلما في الحرب الباردة. بكلتي يديهم أبعد الفلسطينيون احتمالات استئناف المسيرة وجعلوا موضع هزء مشروعا يدعو الى تسوية نهائية في غضون سنتين.