خبر اختبار حدود حماس .. اسرائيل اليوم

الساعة 09:45 ص|26 ديسمبر 2014

بقلم : د. رؤوبين باركو

(المضمون: إن العملية الاخيرة لحماس تهدف الى تذكير العالم بوجودها. في حين تخشى جدا من التصعيد العسكري - المصدر).

اطلاق النار الذي نفذته وحدة القناصة في حماس من منطقة القرارة بالقرب من عبسان في غزة باتجاه قوة الجيش الاسرائيلية بالقرب من الجدار جنوب كيسوفيم أدى الى اصابة أحد الجنود اصابة بالغة. ولكن حماس دفعت ثمنا كبيرا لذلك. هذا الاختبار للحدود تسبب في مقتل قائد وحدة القناصة واصابة مسؤول أعلى منه. النار الفورية للجيش من الارض والجو كانت انذارا اسرائيليا واضحا – سياسة اسرائيل تجاه التنظيم القاتل هي عدم التحمل. مثل اطلاق النار في بداية الاسبوع فان المحاولات الفلسطينية المتقطعة واجهت ردا فوريا ومؤلما من اسرائيل.

حماس التي تُظهر اللامبالاة تعتبر نفسها سيادة مسؤولة عن مواطنيها وملزمة بالرأي العام الداخلي في القطاع وتهتم بحاجاته. لذلك فان حماس معرضة للاصابة وقابلة للردع مثل أي قيادة تريد البقاء. صحيح أن حماس تستمر في تطوير قدرات القتل لكن زعماءها شعروا أنهم لا يريدون فتح مواجهة جديدة من العنف.

المؤشرات تقول إن حماس لا تريد التصعيد. والواقع الجديد اضطر المنظمة الى استيعاب حجم الضربة التي أنزلتها اسرائيل. وهي غير مستعدة لمواجهة عسكرية اخرى حتى اذا أراد زعماء حماس التغاضي عن الألم الذي يعانيه مواطنو غزة الذين تم اخلاءهم من مناطق الدمار التي كانت في يوم من الايام بيوتهم، وتأخذ حماس في حسابها التفوق المطلق للجيش الاسرائيلي والسياسة غير المتحملة.

أحد اسباب ذلك أن حماس تعاني من ضائقة اقتصادية. تم اعطاء وعود بمليار دولار لاعمار القطاع، لكنها لم تصل. الشتاء يضرب بدون رحمة في المناطق التي أُخليت ولا أحد في المنظمة يريد زيادة الكارثة. والتفضيل هو عدم التضييق على مرور المنتوجات الزراعية من غزة الى الضفة ودخول الشاحنات المحملة بالاسمنت والحديد من اسرائيل التي يفترض أن تساعد في اعادة اعمار الانفاق وبيوت المواطنين التي دمرتها عملية الجرف الصامد.

تفاؤل حقير

ستضطر حماس الى قياس تأثير الصراع مع السلطة الفلسطينية وهذا جزء من نظام الترويض لاعمالها. وما زال نشطاءها ينتظرون بأيد ممدودة اموال الدعم والرواتب. لم تسلم المنظمة بالاتفاق الذي فرض عليها بوساطة مصرية، هذا الاتفاق الذي وضع السلطة الفلسطينية كعنوان رسمي للقطاع.

في الدول العربية والغرب يعتبرون هذه السلطة التي يفترض أن تقوم بتوزيع اموال الاعمار وتحافظ على المعابر. تفجير بيوت مسؤولي فتح في القطاع وتفريق مظاهرة في ذكرى مرور عشر سنوات على موت ياسر عرفات، هذه الاحداث عادت وأكدت الشرخ بين حماستان وبين رجال أبو مازن. وعدم الوفاء بالشروط يمنع السلطة الفلسطينية من العمل بالشكل المطلوب، والنتيجة تعويق تدفق اموال المساعدة بشكل شبه كلي.

ورغم وضع حماس إلا أنها متفائلة في هذه الايام حيث يفترض دخول الهواء الى مخابيء قيادة التنظيم. يكشف المصريون في الآونة الاخيرة عن مرونة حيث فتح معبر رفح في الاتجاهين، ويبدي الايرانيون استعدادا علنيا للمساعدة على تسليح حماس، وفي ظل الحرب ضد الارهاب الاسلامي لداعش والقاعدة تم اخراج حماس من قائمة التنظيمات الارهابية في الغرب.

تقوم اوروبا بتشجيع حماس. اوروبا التي نشأ فيها القتلة النازيون تتعامل بتفهم مع اعمال القتل ضد المواطنين اليهود في اسرائيل وتمنح هذه المنظمة الكلمة الرومانسية "مقاومة" و"منظمة تحرير" بدلا من منظمة ارهابية.

قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الملتزمة في ميثاقها بالبند السابع بالقضاء على يهود العالم ككل، في مقابلة مع "الجزيرة" خلال عملية الجرف الصامد إن صراع المنظمة ضد الاحتلال الاسرائيلي يشبه صراع الاوروبيين ضد النازية. هذه المقارنة المرفوضة نسي أن يقول فيها مشعل إنه لا يوجد ولو جندي اسرائيلي محتل واحد في منطقة القطاع. فقد انسحب الجيش الاسرائيلي من غزة بشكل أحادي في 2005.

طريق مسدود

بعض المتغيرات في المحيط الاقليمي والدولي لا تبشر بالخير لمنظمة الارهاب الاسلامية، وقد تتسبب باحداث تغييرات في نشاطها في المستقبل. في الوقت الذي تتعزز فيه مكانة السلطة الفلسطينية في الساحة الدولية حيث تقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب فان مكانة حماس وتأثيرها يتراجعان شيئا فشيئا.

يمكن الافتراض أنه على الرغم من اخراجها من قائمة الارهاب فان مكانة حماس ستتراجع كلما زادت اعمال داعش في العراق وسوريا حيث أن المهاجرين الاسلاميين العائدين من العراق وسوريا سيبثون الرعب في دول الغرب.

إن طريق حماس للتسلح والتمويل في حدود سيناء تصل الى طريق مسدود وسبب ذلك الخطوات المصرية على خط فيلادلفيا والضربات العسكرية التي توجهها مصر تجاه المنظمة الارهابية أنصار بيت المقدس في سيناء، وهي منظمة قدمت الولاء لداعش. وسيتعامل المصريون هكذا مع أي تنظيم يعتبر من ولاة الاخوان المسلمين أو يسعى الى زعزعة الهدوء في المنطقة.

تنظر حماس ايضا بقلق الى المصالحة التي تمت بين قطر ودول الخليج ومصر، الامر الذي سيؤثر سلبا على نشاط ومستقبل المنظمة التي دُفعت الى الهامش. الجبهة الموحدة التي ولدت بين الدول العربية ومنها دول الخليج توجه قوتها باتجاه الخطر الحقيقي – ايران.

ومع ذلك ومن اجل فهم الاستفزازات الكلامية للمنظمة المنسحقة اقتصاديا وعمليا فهي تريد تذكير اسرائيل بوجودها. ضعف المنظمة الداخلي يسمح لمنظمات محيطة راديكالية واسلامية بالطبع بمحاولة القيام بعمليات.

من هذه الناحية فان الرد الاسرائيلي المؤلم الذي يعتبر حماس المسؤولة الوحيدة عن هذه العمليات يمنعها من التملص. ونزع سلاح حماس ومحاكمة زعمائها اضافة الى شركائها في السلطة الفلسطينية خلال عملية الجرف الصامد هما شرط التقدم في المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين على المستوى السياسي.