خبر مميزات الحرب الدينية- هآرتس

الساعة 09:55 ص|19 نوفمبر 2014

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: منسوب العمليات والاحداث نجح في زعزعة الشعور الشخصي بالامن في القدس بشكل كامل - المصدر).

المخربان اللذان نفذا عملية أمس لم يكونا معروفين كأعضاء في منظمة ارهابية فلسطينية، وأخذ المسؤولية من قبل الجبهة الشعبية لم يكن صحيحا (رغم أن الاثنين من عائلة أحد قياديي الجبهة)، واذا كانت هناك منظمة يمكن أن ننسب لها العملية بطريقة غير مباشرة فهي تنظيم داعش. المخربان لم يكونا اعضاءً في داعش، الذي ينشط في سوريا والعراق، لكن يبدو أن العملية تمت بايحاء من التنظيم، كنوع من التقليد.

هذه العملية كانت على خلفية ايديولوجية دينية، نابعة من كراهية كبيرة لليهود. الهجوم كان على هدف ديني واضح، وتم اختيارها بعناية من أجل إحداث هزة قصوى.

 

حتى لو لم يعمل المخربان باسم منظمة، مثل من سبقوهم في موجة الارهاب التي قتلت عشرة اسرائيليين في أقل من شهر، فان المجزرة في الكنيس تم اختيارها بعناية ويمكن أنه تم جمع معلومات مسبقة. هذا ليس عملا جاء بدون تخطيط، وتعبيرا عن الانفعال مثلما حدث في عمليات الدهس والطعن الاخيرة. يوجد هنا شيء مشترك بين المخربين وبين الفلسطيني الذي أطلق النار على يهودا غليك في القدس. فهناك ايضا كانت العملية مخططة نسبيا.

 

هنا يدخل موضوع تأثير داعش، كنمط عمل فعال ويثير الخوف – مثل قتل الجندي البريطاني الذي قُطع رأسه في الشارع في لندن في أيار العام الماضي، أو العملية التي حدثت في المتحف اليهودي في بروكسل في أيار هذا العام، التي نفذها مسلم فرنسي عاد من سوريا بعد أن قاتل في صفوف التنظيم الجهادي.

 

حكومة اسرائيل من ناحيتها ساهمت في العنصر الديني في الصراع بقلة الحيلة التي أظهرتها في وجه محاولات اليمين هذا العام لتغيير الوضع الراهن فيما يتعلق بصلاة اليهود في الحرم. الصراع حول الاقصى يقدم مبررا مناسبا لمنفذي العمليات الاخيرة. والخوف يزداد الآن من أن تلبس موجة الارهاب الجديدة ملابس الحرب الدينية.

 

ليس هناك داعٍ لقول ما يعنيه الامر من خطورة. فعندما يحرق اصوليين المساجد في الضفة الغربية فان الساحة السياسية في اسرائيل وكذلك الحاخامات ورجال الدين يستنكرون ذلك. جباية الثمن من قبل الفلسطينيين أصعب بكثير. موجة العمليات الاخيرة لم تتحول الى ظاهرة تشمل المظاهرات الكبيرة في جميع أنحاء الضفة، ولكن منسوب الاحداث، عملية أو اثنتان في الاسبوع، يبقي الصراع في الوعي، وقد نجح في زعزعة الاحساس بالأمن الشخصي في القدس.

 

ليس من الغريب اذا تبين أن أحد المخربين أو من ساعدهما يعرف الحي الحريدي في غرب المدينة. والنتيجة التي لا يمكن تجاهلها هي التشكك من قبل الاحياء اليهودية تجاه العمال الفلسطينيين وزيادة رقابة الشرطة. القدس بعد العمليات تعود الى الشعور بالايام الصعبة والدامية من الانتفاضة الثانية.

 

إن صعوبة مواجهة اسرائيل للوضع الامني مسألة واضحة وبارزة، ليس فقط لأن الفلسطينيين في القدس يتحركون بحرية بل ايضا لأنه لا توجد للشرطة سيطرة على الأحياء خارج جدار الفصل، والمعلومات الاستخبارية قليلة فيما يتعلق بالمخربين الافراد الذين لا ينتمون لمنظمات في القدس. هذه ليست ظاهرة جديدة، فقد برزت في سلسلة عمليات الجرافة ومذبحة مدرسة مركز الحاخام في القدس في عام 2008.

 

عملية أمس ارتبطت بالاشاعة حول قتل سائق "ايغد" في القدس في يوم الاحد ليلا، رغم أن الشرطة ونتائج التشريح أكدت على أن هذا انتحار، الفلسطينيون مقتنعون منذ اللحظة الاولى

 

أن هذا قتل على خلفية قومية من قبل اليهود. الاعلام في الضفة يؤدي دوره، وقد أعلن في أكثر من مرة بأن السائق قُتل، وهذا ما أجج الوضع في الضفة والقدس.

 

وكما هو متوقع فان القيادة الاسرائيلية ردت على عملية أمس بخطوتين روتينيتين: اجتماع أمني للتشاور وتصريحات تتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمسؤولية المباشرة عن القتل. وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتس قال إن "يد المخربين تُمسك بالبلطات إلا أن الصوت هو صوت أبو مازن".

 

مخزون الردود الامنية لاسرائيل استُنفد. اضافة الى تسريع اجراءات هدم منازل المخربين في القدس الشرقية فان تواجد الشرطة مكثف في المدينة. وعلى ضوء استمرار العمليات سيكون من الصعب على رئيس الحكومة نتنياهو تنفيذ وعوده للملك عبد الله خلال القمة الثلاثية في الاسبوع الماضي بأن يُسهل على الفلسطينيين في القدس الشرقية. لا يوجد ثمن للكلام حيث أنه على أبواب الانتخابات يستطيع الوزراء التسابق فيما بينهم بالقاء اللوم والاتهامات ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).

 

الرئيس الفلسطيني اخطأ عندما بعث برسالة تعزية لعائلة مطلق النار على غليك، الذي قُتل في اليوم التالي على يد الوحدات الخاصة. السلطة الفلسطينية لعبت بالنار في تصريحاتها حول الحرم، لكن الاجهزة الامنية في اسرائيل تُجمع على أن القيادة الفلسطينية لا تشجع الارهاب حاليا، لا سيما في الضفة الغربية. رئيس "الشباك" يورام كوهين وضع الامور في نصابها أمس في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست بعد العملية: "عباس لا يشجع الارهاب حتى من تحت الطاولة"، قال لاعضاء الكنيست.

 

التصريحات الحادة من الوزراء لا تخدم تحسين الوضع. وعلى الرغم من أن الاجهزة الامنية الاسرائيلية تحاول التصرف بحذر، إلا أن العمليات مضافا اليها التصعيد السياسي (ما زالت السلطة تستعد للتوجه الى مجلس الامن في الشهر القادم) من شأنهما زيادة التدهور في المناطق الى انتفاضة وتكون أكبر من موجة الارهاب الخطيرة والقاتلة التي ضربت القدس وتل ابيب وغوش عصيون في هذا الشهر. وقد تنضم الى عمليات الذئاب الفردية شبكات ارهاب منظمة أكثر. وفي العمليات الاخيرة قُتل الكثير من المواطنين الاسرائيليين – ثمانية ومعهم ضابط حرس حدود وجندي – وهذا العدد أكبر من المواطنين الذين قتلوا في الحرب على غزة.

 

الامر المشترك بين كوهين وقيادة جيش الدفاع، رغم الصراع بينهم في الاسبوع الماضي، هو الخشية من أننا نسير في اتجاه التصعيد الشامل. رجال الامن متشائمين أكثر من السياسيين. نتنياهو وقادة اليمين يسوقون منذ فترة طويلة فكرة أن اسرائيل يجب أن تركز على ادارة الصراع مع الفلسطينيين، بسبب غياب أفق الحل السياسي في السنوات القادمة. حتى وإن كانوا صادقين في تشخصيهم بأن القيادة الحالية للسلطة لا تستطيع التوصل الى اتفاق نهائي، فان موجة العمليات تثبت أن هناك ثمنا لابقاء الوضع الحالي. في رأي الفلسطينيين لا يوجد هنا وضع قائم – ليس باستمرار الاحتلال، ولا بالبناء في المستوطنات وبالتأكيد ليس بالنشاط المتواصل لحركات اليمين حول الحرم. في هذه الظروف فان العمليات ستستمر وفقط من شأنها أن تتصاعد.