خبر ديمقراطية وبطيخ -هآرتس

الساعة 09:25 ص|04 نوفمبر 2014

ديمقراطية وبطيخ -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: الجمهور المصري يؤيد بشكل واسع الاعمال التي يقوم بها الجيش ضد البدو، ولكن اعتبار هؤلاء البدو أعداء من شأنه أن يضر بجهود الحرب على الارهاب - المصدر).

 

"لا يخرج أي كلب للمظاهرات في الجامعة أو في أي مكان آخر، وليحرق كل من يرفع علم حقوق الانسان. يجب محاكمة زعماء الارهاب محاكمة عسكرية. لا أريد محاكمة عادلة. أنا أريد رؤية جثث ودماء"، هذا ما قاله احمد موسى، مقدم برنامج "على مسؤوليتي" في قناة "صدى البلد" المصرية، بعد العملية التي قتل فيها 30 جنديا مصريا قبل نحو عشرة ايام. "ديمقراطية وبطيخ لن تنفع هنا"، حذر الصحفي الناصري مصطفى البكري. أما الجنرال السابق محمد مختار قنديل فقد اتهم سكان سيناء بأنهم متعاونون مع الارهاب ولا يساعدون الجيش.

 

وعندما سألت مقدمة البرنامج التلفزيوني اذا ما كانت العمليات العسكرية ضد المواطنين في سيناء ستتسبب بضحايا، أجاب: "الضحايا ضحايا، ماذا نفعل عندما يموت رجالنا". وفي رد على اقتراح استخدام سلاح الجو لقصف رفح سألت مقدمة البرنامج اذا ما كان من الافضل التوجه بداية الى المواطنين فأجاب الجنرال الذي يهتم الآن بالابحاث الاستراتيجية: "وكيف سنقوم باخلائهم؟ اذا خاف المواطنون على حياتهم فسوف يتركون لوحدهم. عندما يعرف كل واحد أنه قد يصاب من القصف الجوي ويهدم بيته فانه سيترك لوحده". في هذا الجو المشحون والغاضب الذي تسببت فيه العملية الصعبة منذ انتخاب الجنرال عبد الفتاح السيسي، فان قلة قليلة قادرة على انتقاد المنطقة الفاصلة بين غزة وسيناء، وانتقاد الاخلاء المتوقع لـ 1100 عائلة وهدم نحو 800

 

منزل. هذه المنطقة الامنية تعتبر الآن ليس فقط حلا ضروريا وفوريا لمشكلة الارهاب بل لاظهار التصميم لدى السيسي لمحاربة الارهاب في جميع أنحاء مصر.

 

الحديث هنا ليس عن اختراع جديد، فقد أقامت مصر هذه السنة جدارا واقيا حول العريش على طول 7 كم من اجل منع دخول السيارات المفخخة الى المدينة. المنطقة القريبة من غزة يسيطر عليها الجيش منذ عام، حيث توصل الى نتيجة فحواها أن تطهير المنطقة من المواطنين حتى عمق 500 متر يمكنه منع التسلل من سيناء الى القطاع وبالعكس. الجيش يحظى في الوقت الحالي بتأييد جماهيري واسع، ينبع من حقيقة أنه في كل اسبوع تقريبا تحدث عملية ارهابية في قلب العاصمة القاهرة، وفي كل يوم تقريبا تتحدث قوات الامن عن الكشف عن مخازن سلاح ومتفجرات واعتقال نشطاء ارهابيين.

 

ولكن البدو الذين يفترض أن يساعدوا الجيش في شمال سيناء، يتلقون صفعة على وجوههم. صحيح أن الحكومة المصرية مستعدة لتعويض من يترك منزله في المنطقة العازلة، وقد قالت أنها ستدفع 300 جنيه مصري (41 دولار) لكل شخص لمدة ثلاثة اشهر، ولكن يتضح الآن للمُخلين أن سكان العريش التي تم نقلهم اليها، يطالبون بأجرة بيت تبلغ نحو 1000 جنيه مصري، وأن أجرة النقل من بيتهم القديم الى المدينة تبلغ الى مبلغ مشابه. من لا يريد اخلاء بيته يتم اخلاءه بالقوة من قبل الجيش ومن غير تعويض.

 

ومن خلف هذه المشاكل الفورية التي تغضب سكان سيناء، حيث أن 45 بالمئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، توجد مشكلة جذرية: الحكومة المصرية تعاملت قبل الثورة وبعدها مع بدو سيناء كنبتة غريبة في أحسن الاحوال، وكطابور خامس في اسوأ الحالات. منذ عام 1995 عند اقامة سلطة تطوير سيناء في عهد مبارك فان الحكومة المصرية تنشر معطيات حول مبالغ تم استثمارها وخطط مستقبلية لسكان سيناء. وعمليا لم يحصل أي شيء. والسكة الحديدية التي كان يفترض أن تصل بين مدن القناة والعريش توقفت بعد 100 كم، قناة السلام التي تم التخطيط لها قبل 10 سنين وبدأت العمل فقط عام 2012 تستطيع ايصال المياه لـ 400 ألف دونم، لكن جزءا بسيطا منها أعطي للبدو. في ميزانية هذا العام أعطت الحكومة 9 ملايين جنيه فقط لبناء

 

البيوت الجديدة في شمال سيناء. المصانع التي وعد بها الرئيس المخلوع مرسي، والتي وعد بها الرئيس الجديد، بقيت على الورق، وحتى الخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء تصل بشكل متقطع.

 

اقامة المنطقة الامنية العازلة ليست اختراعا مصريا. فقد انشأت اسرائيل منطقة الحزام الامني داخل غزة، تركيا أقامت جدارا امنيا بينها وبين سوريا، وفي قبرص يفصل الجدار والمنطقة العازلة بين قسمي الجزيرة. ولكن في جميع هذه الاحوال فان الفصل هو اعتبار الطرف الثاني عدو وليس مواطنا في الدولة. إن مشروع الفصل المصري مختلف، لأنه يعتبر سكان شبه جزيرة سيناء، ولا سيما اولئك الذين يسكنون قرب غزة، أعداء رغم أنهم مواطنون مصريون. هذه الاستراتيجية من شأنها أن تعمق العداء بين البدو وبين الحكومة، وأن تضر بجهود محاربة المنظمات الارهابية في سيناء.