خبر الحرب على البيت- معاريف الاسبوع

الساعة 10:46 ص|02 نوفمبر 2014

الحرب على البيت- معاريف الاسبوع

بقلم: يعقوب بار أون

(المضمون: خبير الشؤون الاسلامية د. هيلل كوهين يشرح اصل النزاع بين اليهود والعرب في الحرم على مدى التاريخ وحتى اليوم - المصدر).

 

الاغتيال الذي وقع الاسبوع الماضي بحق أمين جبل البيت ونشيط اليمين يهودا غليك، وأدى الى اغلاق النطاق المقدس امام المصلين اليهود والعرب على حد سواء في نهاية الاسبوع، رفع التوتر في القدس الى الذروة وأثار تخوفا شديدا من تفاقم الاضطرابات في المدينة. ولكن المؤرخ د. هيلل كوهين، 53 سنة، من سكان القدس، محاضر كبير في الجامعة العبرية، في دائرة الدراسات الاسلامية والشرق الاوسط، المختص في المجتمع الفلسطيني وفي موقفه من الصهيونية، يحاول أن يخفض مستوى اللهيب فيقول: "منذ زمن بعيد هناك توتر

 

بين اليهود وبين العرب في القدس، هناك امكانية لان ينفجر في موعد ما، ولكن في احيانا بعيدة فقط، يتسبب حدث ما باشتعال".

 

أتذكر ما حصل عندما حج ارئيل شارون الى الجبل في بداية العقد الماضي.

"واذا لم يحج الى الجبل؟ هل كان الفلسطينيون في حينه سيحصلون على دولة خاصة بهم ولن يثوروا؟ والدليل هو أن قسما كبيرا من احداث العنف في القدس في التاريخ الحديث هي على خلفية ما يحصل في جبل البيت (الحرم). فمثلا، في احداث 1929، التي كرست لها كتابي "1929- سنة الصفر في النزاع اليهودي – العربي" (اصدار كيتر)، بدأ التوتر في القدس حول مسألة صلاة اليهود في الحائط الغربي (المبكى) الذي يعتبره الفلسطينيون جزءا من نطاق الاقصى. وفي اوائل الانتفاضة الاولى أدت محاولة من اليهود لوضع حجر أساس للهيكل الثالث لمظاهرات مضادة فلسطينية عنيفة انتهت بموت 13 او 14 فلسطينيا".

من أين أهمية جبل البيت (الحرم)؟

"السؤال هو أهميته لمن؟ حسب التقاليد اليهودية، فان جبل البيت هو المكان الذي بدأ منه خلق العالم. ولاحقا في ذات المكان وقف ابراهيم في وقت لاحق امام تجربة القربان. اما من ناحية المسلمين، فأبونا ابراهيم كان بالفعل هناك، في المكان الذي اقيم فيه العالم، ولكن حسب القرآن لم يكن ابراهيم يهوديا حيث لم يكن في زمنه بعد الدين اليهودي ولم يعطَ التوراة بعد لشعب اسرائيل. وهم يرونه كابي الاسلام ويعتبرون أنفسهم كمواصلين للتقاليد الابراهيمية. وعليه فبرأيهم جبل البيت، او الحرم الشريف، كما يسمون الجبل، يعود لهم وهم اصحاب الحقوق في هذا المكان.

"عندما احتل العرب القدس في القرن السابع من البيزنطيين، بنوا فيه المسجد الاقصى. واذا كان محظورا على اليهود في عهد البيزنطيين السكن في القدس، فان العرب هم الذين سمحوا باستئناف الحاضرة اليهودية في القدس وجعلوا الحرم الشريف من جديد مكانا مقدسا. وذلك مقابل البيزنطيين الذين في زمنهم كان جبل البيت مكانا لاخلاء قمامة القدس، كي يظهروا سفالة اليهود. وعندما احتل الخليفة عمر بن الخطاب من ايديهم القدس، نظف جبل البيت، صلى فيه واقام مسجدا في المكان. وفي اعقابه، لم يمنع المسلمون اليهود من الصلاة في جبل البيت كجزء من جبهة مشتركة ضد المسيحية، الى أن حظروا ذلك ابتداء من القرن الثالث عشر".

من أودع في ايديهم الصلاحية للحظر والسماح؟

"لم تكن هذه مسألة صلاحيات. من ناحية المسلمين، عندما اخذوا الى ايديهم المكان الذي سار فيه ابراهيم، لم يعزوا لانفسهم شيئا لشخص آخر، لانهم يرون أنفسهم أنساله بقدر لا يقل عنا.

"وانضم الى حظر المسلمين رأي معظم المفتين في اليهودية بانه محظور الحجيج الى جبل البيت، ووجدوا في الحائط الغربي بديلا، مجازيا، لجبل البيت. حتى بداية الانتداب، في 1917، لم يكن جدال في هذا، ويهود قليلون فقط، بينهم موشيه مونتيفيوري، دخلوا رغم كل شيء الى جبل البيت، الامر الذي أثار غضبا شديدا

لدى المسلمين. وكفت هذه المسألة عن أن تكون ذات صلة في عهد الحكم الاردني، بين 1948 – 1967، وثارت المشكلة من جديد في اعقاب حرب الايام الستة، عندما انتقل جبل البيت الى يد اسرائيل".

التطهر بمعونة بقرة

وعلى حد قول د. كوهين، فان الفتوى اليهودية ضد الحجيج الى الحرم تنبع من "اسباب قواعد القدسية والطهارة، وليس اسبابا سياسية. من أجل الدخول الى المكان المقدس من ناحية الشريعة يجب ان يكون المرء طاهرا. وحسب الشريعة، فاننا كلنا في هذا الجيل دنسين أموات". حسب د. كوهين، "بمعنى كل من دخل في اي مرة الى مقبرة، مثلا، محظور عليه ان يدخل الى المكان المقدس، الا شريطة أن يكون رماد بقرة حمراء تنثر على من يحج الى الحرم وعندها يكون طاهرا. ولما كان ليس هناك بقرة حمراء في هذا الجيل، فلا يمكن التطهر ولهذا فمحظور الحجيج الى الحرم".

 

عندما يحج غليك وباقي امناء جبل البيت، المحافظين على التقاليد، الى الحرم، أفلا يعرفون هذا؟

"هم يعرفون هذا تماما، ولكن يعتمدون على حل شرعي بموجبه يتعلق الحظر فقط بقيام الهيكل الذي لم يكن معروفا مكانه الدقيق، ولكن برأيهم مسموح لهم الحجيج الى مناطق اخرى من جبل البيت، بعد الغطس في المغطس. أما الى النطاق المقدر الضيق للهيكل لا يحجون".

هل حكومات اسرائيل اخطأت حين لم ترتب الامر بعد حرب الايام الستة؟

"عندما احتل جبل البيت في 1967، كان جنديا اسرائيليا هو الذي رفع علم اسرائيل على قبة الصخرة، ووزير الدفاع موشيه دايان أمر بانزاله تخوفا من اغضاب العالم الاسلامي. هناك من يعتقد بانه لو كانت اسرائيل فرضت سيادتها على جبل البيت، لكان الوضع مختلفا. يحتمل أن نعم، يحتمل أن لا. قرار آخر لدايان كان ابقاء الادارة على جبل البيت في يد الاوقاف الاسلامية، التي لها الحق في مرابطة حراس فيه، يشرفون على الا يحج اليهود الى الحرم والا يصلون في المكان".

ويضيف د. كوهين بان "عمليا اذا كان اليهود يحجون الى جبل البيت فان هذه بشكل عام خطوة تظاهرية كي يظهروا باننا نحن ايضا هنا ومن حقنا أن نصلي في هذا المكان. ويشعر امناء جبل البيت بالاهانة بانه حتى تحت سيادة اسرائيلية لا يسمح لهم بالصلاة هناك".

هل الاردنيون لاعب اضافي في الملعب؟

"تخضع الاوقاف لنفوذ اردني قوي، حيث توجد صراعات قوى بين السلطة الفلسطينية وبين الاوقاف والحركة الاسلامية".

ماذا سيحصل برأيك في المستقبل؟

"ليس هناك ما يدعو اليهود الى التنازل عن حقهم في الصلاة في جبل البيت، ومن جهة اخرى ليس هناك ما يدعو المسلمين الى ان يسمحوا لهم بذلك. هذه حالة تعادل وحالة علاقات قوى، يشترط في ذلك أن يكون من هو الاقوى في الزمن المعين. في النزاع بكل فروعه ليس هناك طرف يجد نفسه مستعدا لان يتنازل".

 

في الماضي نقل عنك قولك: "حتى الامبراطورية الرومانية تعاظمت الى ان انهارت" فهل هناك احتمال بان هذا ما سيحصل في القدس ايضا؟

 

"اعتقد أن قادة دولة اسرائيل ليسوا واعين لما يحصل في محيطهم، وهم لا يتصرفون بحكمة في العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين، الامر الذي ليس في صالحنا. نحن نتحكم بالفلسطينيين ونمنع عنهم قسما هاما من حقوقهم على فرض أن الامر سيتدبر من تلقاء نفسه، حين نفعل شيئا ما آخر فينجح، ولكن هذا لم ينجح حتى الان، مثلما تظهر قصة الصهيونية. زعمي هو أن في مرحلة ما ستصل هذه النجاحات الى الاستنفاد. أخشى أننا قريبون جدا من هذه المرحلة، في كل ما يتعلق بجبل البيت وتوسيع السيطرة اليهودية على الارض في يهودا والسامرة. فهم يقولون اننا بنينا بؤرة اخرى واعطينا للمجلس الاقليمي هذا او ذاك الاف الدونمات الاخرى وسيكون الامر على ما يرام. ولكن احساسي هو أن هذا البالون الذي ينفخ أكثر فأكثر الى أن ينفجر لنا في الوجه أخيرا. "لمنع هذا لعل من المجدي لنا حقا أن نفهم الجانب الاخر والوصول معه الى تسوية؛ والا نخرج من فرضية اننا نستحق كل شيء، وان كل ما نعطيهم اياه هو تنازل. اذا لم نفهم بانهم أصحاب حقوق مثلنا، فان كل ما يتبقى هو مثابة تعديلات تجميلية".