خبر اختبار السلام لنتنياهو-هآرتس

الساعة 09:40 ص|03 سبتمبر 2014

بقلم: يهودا بن مئير

(المضمون: نجح بنيامين نتنياهو في امتحان الحرب باعتباره قائدا عسكريا أعلى لكنه ما زال مقصرا في امتحان السلام فعليه أن يبادر الى فعل يحاول انهاء الصراع الدامي - المصدر).

يصعب على كثير من مواطني الدولة لسبب ما أن يقولوا إن اسرائيل انتصرت في المعركة على حماس وإن كانت انتصرت حقا، فهناك ظاهرة تتكرر وهي ميل اليهود الى أن يعرضوا كل نصر على أنه هزيمة وميل العرب على أن يعرضوا كل هزيمة على أنها نصر.

ينبع عدم الاعتراف بانتصار اسرائيل في المواجهة مع حماس من التوق الى اسقاطها وتصفية الحساب معها مرة واحدة والى الأبد. والسؤال الذي يحلق في فراغ الخطاب العام هو كيف لم ينجح أقوى جيش في

الشرق الاوسط في أن يهزم 20 ألف مقاتل في منظمة ارهابية. ويشير مجرد عرض السؤال الى عدم فهم اساسي للواقع والى خطأ تصوري مزدوج.

الخطأ الاول هو عدم فهم الفرق بين مواجهة عسكرية بين دول ومواجهة عسكرية مع منظمة ارهاب. ففي داخل سيناء أو في المناطق المفتوحة في هضبة الجولان يستطيع الجيش الاسرائيلي في الحقيقة أن يهزم جيشا فيه 200 ألف مقاتل؛ لكن الامر يختلف تماما بالنسبة لمواجهة مخربين يعملون من داخل سكان مؤيدين لهم يبلغ عددهم مليوني نسمة تقريبا. قتل 21 ارهابيا لا 20 ألفا، قتلوا 3 آلاف امريكي تقريبا من مواطني أقوى دولة في العالم وضربوا قدس أقداس جهاز الامن الامريكي – وزارة الدفاع، ولم تهزم الولايات المتحدة القاعدة الى اليوم.

والخطأ الثاني وهو اكثر جوهرية وخطرا هو في عدم الاعتراف بأن حماس ليست المشكلة الاساسية بل غزة، لأننا اذا اسقطنا حماس وقتلنا آخر رجالها فستنشأ منظمة ارهاب اخرى. وغزة ايضا هي فقط أعراض المشكلة الجذرية وهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني واستمرار الحكم الاسرائيلي لثلاثة ملايين فلسطيني. إن هذه الارض ليست محتلة – فهي في الحقيقة وطن الشعب اليهودي – لكن الشعب الفلسطيني الذي يسكن في جزء منها يرى نفسه يعيش تحت سلطة احتلال. والصراع هو أخطر تهديد وأهم تحد يواجه دولة اسرائيل.

إن الامتحان الأكبر في عصرنا لكل رئيس وزراء في اسرائيل ينقسم الى اثنين باعتباره قائدا عسكريا وصانع سلام. وقد كانت عملية الجرف الصامد وهي معركة طويلة قاسية أول امتحان لنتنياهو باعتباره قائدا عسكريا. وفي هذا الامتحان من بدايته الذي حاول فيه أن يمنع القتال – كما تقتضي مسؤوليته عن الشعب وعن جنوده – حتى نهايته حيث عمل في تصميم على انهائه، ثبت رئيس الوزراء للامتحان ثباتا يثير التقدير فلم يتلوى ولم يستسلم للضغوط. وقد تجاهل الضجيج في الخلف وبقي مخلصا لتصوره الاستراتيجي الاساسي وهو تحديد اهداف محدودة يمكن احرازها بالعملية مع مضاءلة الخطر على حياة جنودنا الى أدنى قدر. وحظي بدعم مطلق من وزير الدفاع وبنصيحة طيبة مقدرة من رئيس الاركان الذي يبدو أن بن غوريون كان يفكر في قادة مثله حينما قال: لتعلم كل أم عبرية أنها أسلمت مصير أبنائها للقادة الذين يستحقون ذلك.

وكانت انجازات نتنياهو في امتحان صانع السلام محدودة الى الآن. وقد نشأت الآن فرصة نادرة للتقدم من هذا الهدف ولاستغلال الافق السياسي الجديد الذي تحدث عنه، إن معظم المسؤولية عن عدم احراز السلام ملقى على الفلسطينيين. لكن توجد امور كثيرة يستطيع نتنياهو أن يفعلها كي يُحسن احتمال التسوية وأمور كثيرة يستطيع تجنب فعلها كي لا يضر باحتمال التسوية، والامر مصحوب بأخطار سياسية عليه لكن هذه هي المسؤولية العليا لرئيس الوزراء. فهلم نأمل أن يتسامى الى عظم الساعة في السعي الى وضع حد للصراع الدامي كما تسامى الى عظم الساعة في الحرب.