خبر الولد الطيب في الحي - معاريف الاسبوع

الساعة 03:26 م|29 أغسطس 2014

ترجمة

الولد الطيب في الحي - معاريف الاسبوع

بقلم: اللواء احتياط اليعيزر (تشايني) مروم

(المضمون: لقد انتهت المعركة على ما يبدو، وسقط حلم التجريد من السلاح. وبقيت دولة اسرائيل مع اصابة اشكالية في قدرة الردع ستؤثر على مكانتها وامنها في الشرق الاوسط - المصدر).

المعركة العسكرية انتهت. ودخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ ومعها اعلانات النصر من الطرفين. وخرج زعماء حماس لاول مرة من الخندق وهذا دليل على أن اسرائيل وافقت على منحهم الحصانة. بعد خمسين يوما من القتال يظهر مسؤولو حماس تحت الشمس في الهواء الطلق ويطلقون تصريحات النصر نحو الجمهور في غزة ونحو اسرائيل. وقد نجو من الغارات الشديدة لسلاح الجو الاسرائيلي،  وبقوا حكاما لغزة وهم محصنون الان برعاية وقف النار من هجمات الجيش الاسرائيلي. لا ريب أن هذه صورة انتصارهم، مهما كانت بائسة، على خلفية دمار غزة. من ناحيتهم هذا انتصار عظيم على قوة عظمى اقليمية، هي اسرائيل.

ان انهاء القتال هو الزمن السليم لحساب النفس حول نتائج الانجازات والاخفاقات. وستكون غير قليل من الامور التي ينبغي ان تقف قيد الاختبار في مرآة الزمن، ولكن هناك بضعة امور ينبغي اختبارها منذ الان.

لقد اديرت المعركة من الكابنيت الذي عقد على عجل مرات عديدة، أجرى مداولات طويلة وكثيرة لدرجة الاستنزاف وعانى من التخريبات السياسية والتسريبات وانعدام الوضوح في القرارات الاستراتيجية.

ان الحرية السياسية التي منحت لدولة اسرائيل جدير بان يعزى للادارة السلمية التي سمحت بالمعركة الاستمرار. فرغم الوحدة في الشعب والتأييد من جانب المعارضة (صفر انتقاد تقريبا)، حصلنا على كابنيت – المؤسسة العليا التي تدير الدولة – منقسما، وبل واحيانا متنازعا، وبصفته هذه ينشر الغسيل الوسخ على الملأ. لا غرو ان في هذا الوضع كانت القرارات اشكالية. جدير جدا أن نراجع اساسا جودة المداولات في الكابنيت: بالفعل عددها  وطولها كبيرين، ولكن من المهم الفهم اذا كانت بالفعل ضرورية وماذا كانت جودتها ونتائجها.

الثلاثي البيبي (بيبي، بوغي، بيني) أعطى في بداية المعركة احساسا طيبا جدا في أن كل شيء تحت السيطرة ويتم بتفكر وان استخدام القوة يتم بشكل متوازن. وكلما مرت الايام طافت الاسئلة حول الاتجاه، الاستراتيجية والقرارات. يجدر بادارة المعركة أن تخضع لتحقيق معمق، ولا سيما من أجل المستقبل. فنحن بانتظارنا المزيد من الاحداث من هذا النوع، على أمل ان يكون هذا في المستقبل غير القريب.

يستند الفهم الامني الاستراتيجي لدولة اسرائيل الى ثلاثة مبادىء: الردع، الانذار والحسم. واضيف اليها مبدأ الدفاع الذي تجسده القبة الحديدية اكثر من أي شيء آخر.

فالفهم يقوم على اساس الردع الذي يمنع اعداءنا من مهاجمتنا في الايام العادية ولكن عندما ينهار هذا نجند الاحتياط وننتقل الى الهجوم، بهدف نقل القتال الى الطرف الاخر بسرعة واستعادة الردع ومعها الهدوء ايضا. وفي اساس الفهم تقبع الرغبة في تقصير المعركة قدر الامكان امتناعا عن استنزاف الجبهة الداخلية.

في هذه المعركة قررت اسرائيل استعادة الردع عبر حملة عسكرية يمكن وصفها كدفاع هجومي (قيد بتدمير الانفاق) ترافق كل الطريق بغارات جوية وبحرية. أما الانسحاب احادي الجانب للجيش الاسرائيلي بعد تدمير الانفاق فقد جر اسرائيل الى الخطة الثانية، تلك التي تخرج عن فهم الامن وغايتها نقطة خروج استراتيجية للمفاوضات مع حماس – منظمة ارهاب اجرامية بادرت الى الحرب وجرت اسرائيل اليها.

وكانت المرحلة التالية التصرف عبر وقفات للنار خرقت الواحدة تلو الاخرى من حماس ووضعت دولة اسرائيل في ضوء سخيف بل واحيانا مهين. اما المفاوضات غير الناجحة في القاهرة فأدت الى حرب استنزاف وضعت فيها منظمة ارهابية صغيرة واجرامية معظم دولة اسرائيل على اقدامها، مست بشدة بحياتها اليومية، باقتصادها وبصورتها وحملت اسرائيل العظيمة والقوية على الموافقة على وقف للنار وترتيب يجلب على ما يبدو في نهاية المطاف الهدوء.

غير أن دولة اسرائيل تدفع ثمنا باهظا لقاء هذا الترتيب. فقدان الردع ليس فقط تجاه حماس بل وايضا تجاه كل من شاهد ما يجري في الشرق الاوسط. في حينا، مثلما في باقي الاحياء العنيفة يعد فقدان الردع خطيرا ودولة اسرائيل من شأنها أن تدفع على ذلك ثمنا عاليا في المستقبل.

يمكن القول انه من الناحية الاستراتيجية عملنا خلافا لفهم الامن الاسرائيلي (طول المعركة وفقدان الردع يشهدان على ذلك)، ونحن من شأننا أن ندفع لقاء ذلك ثمنا عاليا.

لقد تم استخدام الجيش الاسرائيلي بشكل متوازن ومسؤول، بل هناك من سيقول مسؤولا اكثر مما ينبغي. فقد نفذ الجيش الاسرائيلي كل المهام التي كلف بها وتنفيذها بشكل باعث على التقدر، ولكن السؤال هو اذا كانت ممكنا تحقيق أكثر والوصول الى الردع الذي كان سيجلب الهدوء دون الاضطرار الى المفاوضات مع منظمة ارهابية، حتى بدون احتلال كل قطاع غزة.

على المستوى المدني، فشلت حكومة اسرائيل في توفير الدفاع المناسب لسكان الجنوب، ولا سيما لمواطني غلاف غزة. كل دولة بصفتها هذه ملزمة بان توفر الدفاع والامن المناسبين لسكانها، وهذا الواجب الاخلاقي لكل دولة ولا حاجة للتوسع في الحديث عن ذلك. في هذه المعركة عانت بلدات غلاف غزة اساسا من نار قذائف الهاون المتواصلة ودون انذار واضطروا الى ترك بيوتهم دون مساعدة حكومية مناسبة.

كان يمكن لدولة اسرائيل وينبغي لها العمل عسكريا ضد هذا التهديد وتعطيله. ولما كان تقرر عدم استخدام القوة العسكرية البرية لتعطيل التهديد، كان على دولة اسرائيل أن تعلن عن اخلاء مرتب لكل منطقة غلاف غزة واخلاء وتعويض سكان النقب الغربي بما يتناسب مع ذلك.

لقد انتهت المعركة على ما يبدو، وسقط حلم التجريد من السلاح. وبقيت دولة اسرائيل مع اصابة اشكالية في قدرة الردع ستؤثر على مكانتها وامنها في الشرق الاوسط. سيكون ممكنا على ما يبدو اصلاح بعض الانطباع اذا ما قمنا بالرد بشدة على كل هدف، صغيرا كان أم كبيرا في كل ساعة. المفتاح هو الان في طاولة المفاوضات. وعمل حكيم من اسرائيل كفيل بان يحقق في نهاية اليوم ثمارا سياسية مفاجئة من المعركة المفوتة.