خبر عملية الحفاظ على حماس- يديعوت

الساعة 10:14 ص|27 أغسطس 2014

بقلم: سيفر بلوتسكر

منيت حماس بضربة فظيعة، ولم تحصل على شيء، وهي ضعيفة كما لم تكن قط، وستضطر الى التخلي عن حكمها لغزة، وقد خرج أبو مازن وحكومته من القتال منتصرين. هذا هو التفسير الرائج للهدنة – أو أصح أن نقول وقف اطلاق النار – التي أحرزت أمس، في اليوم الخمسين من الجرف الصامد.

قد يكون صحيحا وقد يكون الساسة في الحاضر والماضي والعسكريون الفعليون والمتقاعدون الذين يقولون ذلك بلغة واثقة لا نظير لها، قد يكونون على حق وليتهم على حق.

لكن رأيي مختلف ومتشائم، فرأيي هو أن نتيجة الجرف الصامد هي بدء نهاية فتح – إن لم تكن نهاية نهايتها – بمنزلة رب البيت في كل المناطق الفلسطينية في القطاع والضفة على السواء. وأرى أن أبو مازن سيكون الخاسر الأكبر من الصورة التي انتهى القتال عليها. فليست حماس هي التي ستتنحى كي تنقل مقاليد حكم غزة الى السلطة الفلسطينية بل سيضطر أبو مازن ورجاله (كبارهم من خريجي الجامعات السوفييتية) سيضطرون قريبا الى التنحي والتخلي عن لذائذ الحكم الفلسطيني.

        كانت عملية الجرف الصامد امتحانا لرغبة اسرائيل في اسقاط نظام حماس. ولم تفشل اسرائيل في ذلك لعدم القدرة العسكرية والسياسية بل بسبب التصور العام. فقد تبنى جهاز الامن والحكومة كما كانت الحال قبيل حرب يوم الغفران، تصورا عاما شاملا يرى أن حماس في غزة هي أخف الضرر وأن حماس هي آخر حاجز دون سقوط القطاع في أيدي قوى اسلامية أكثر تطرفا و/أو انتقاضها المطلق. وقد قال لي رجل امني رفيع المستوى جدا في ايام عملية الجرف الصامد إن غزة على مسافة "ربع ساعة عن الصومال"، أي ربع ساعة عن الفوضى المطلقة. وحماس وحدها قادرة على وقف التدهور وأن تضمن أن يكون لنا من نتحدث معه هناك، ولهذا يجوز اضعافها ولا يجوز إبعادها.

        إن هذا التصور العام الذي يختفي وراءه استخفاف مطلق بقدرات أبو مازن على أن يأتي بأقل قدر من النظام الاداري الى غزة أملى مسارات العملية العسكرية. وكانت اسرائيل تستطيع لو شاءت أن تسقط حكم حماس وأن تمد يد السلام والتنازل البعيد المدى الى السلطة الفلسطينية. وكانت تستطيع ربما أن تفرج عن البرغوثي كما اقترح وزير رفيع المستوى ولو فعلت لغير ذلك ميزان القتال من أساسه، لكن اسرائيل استقر رأيها على عكس ذلك، أي على أن تحافظ على سلطة حماس وكرامتها ("حماس ضعيفة") وأن تستهين بفتح.

        وهذه اذا نتيجة التصور العام وهي أن حماس صمدت خمسين يوما – وحدها – لقوة اسرائيل العسكرية المتفوقة، وكان أبو مازن وفتح ينظران الى غزة من بعيد ويجريان بين العواصم والفنادق وبذلك فقدا شرعية حكمهما في نظر الفلسطينيين وفي نظر المعتدلين والطامحين الى السلام ايضا. واصبحت فتح منظمة لا صلة لها بالواقع عاجزة باهتة في ايام المعركة كما في ايام التسوية. ولن تحكم غزة وستخسر الضفة ايضا وستصبح السلطة الفلسطينية سلطة حماس.

        قد تغير عملية الجرف الصامد وهي عملية الحفاظ على حماس، قد تغير حماس ايضا، فقد يُحدث تحمل المسؤولية عن مصير الأمة الفلسطينية كلها تحولا فيها فتتخلى عن الخيار الحربي وعن صورة الارهاب وتصبح جسما قابلا لمحادثتنا. وقد حدث مثل هذا التحول في التاريخ ولم يحدث ايضا. وأنا اصغر من أن اتنبأ الى أين تتجه حماس. لكنني أبيح لنفسي أن أتنبأ الى أين تتجه فتح: إنها تتجه الى مغادرة المسرح الفلسطيني، فعملية الجرف الصامد ركلتها وطيرتها عنه.