خبر بلا قدم وأصابع.. الطفل « ثائر » يبكي أما و4 أشقاء

الساعة 06:50 ص|26 أغسطس 2014

غزة

تُمرر عمة الطفل "ثائر جودة" يدها برفق على جبينه، خوفا من أن تنزلق أصابعها نحو وجه الصغير، الذي تحول إلى حفرٍ، ونتوءات، ودم متجمد.

وتنحدر من عينيّها دموعا ساخنة، على الطفل، ابن الثمانية أعوام، وهو يرقد داخل قسم الأطفال في مستشفى الشفاء بغزة، دون أن يدري أنّ قدمه اليُمنى بُترت، وأنه فقد عددا من أصابع يديّه.

ولا يعرف أيضا، صاحب العيون المُغمضّة، أن أمّه وأربعة من إخوته، استشهدوا، وصاروا أرقاما في عدّاد الراحلين، الذين تقصف أرواحهم؛ حرب الاحتلال الإسرائيلي المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 50 يوما.

ويرقد الطفل "جودة" ونبضات قلبه تزداد خفقانا، دقيقة بعد أخرى، فيما صدره يعلو، ويهبط بأنفاسٍ عالية منهكة.

وتلف الأنابيب صدره المملوء بالثقوب الكثيفة، وجسده الذي اخترقته الشظايا، وحولتّه إلى طفل مُقعد، ويتيم.

تقول عمته، للأناضول وهي تبكي، إنّ الحالة الصحيّة لـ"ثائر"، تزداد سوءاً، جراء بتر قدمه اليُمنى وأصابع من يديه الاثنتين.

وتتابع: "هو الآن يرقد، ولا يدري ماذا جرى، ولا يعرف أنه فقد قدمه اليمنى، وأصابع يديّه، كل ما يذكره أنّه كان يلعب في الحديقة مع أمه وأخوته".

الأم "تسنيم" التي تحولت أول أمس إلى أشلاء، برفقة أطفالها الأربعة (راوية 5 أعوام، ورغد 6 أعوام، وأسامة 7 أعوام، ومحمد 8 أعوام)، جراء إصابتهم في قصف الاحتلال لمنزلهم في بلدة جباليا، شمالي قطاع غزة.

وتُضيف العمة، أن الصغير ثائر كان يلعب في فناء المنزل برفقة أمه، وإخوانه الـ"5" (قتل 4 ونجت رهف 11 عاما حيث كانت في زيارة لبيت عمها)، عندما باغتتهم شظايا القذائف والقنابل الإسرائيلية، وحولتهّم إلى أشلاء وجثث متفحمّة.

وتسكت برهة، وهي تُعيد تمرير يدها على رأس ابن شقيقها، كي تقرأ له آيات من القرآن الكريم، وتدعو الله أن يُسلّمه، ويشفيه، ويُبقيه على قيد "الحياة".

يُحاول أحد الأطباء القادمين لتفحص حالة "جودة" الصحيّة طمأنة العمة، التي انخرطت في نوبة جديدة من البكاء، عندما بدأ صدر الطفل يعلو ويهبط بشكل ملحوظ.

وتتابع بصوتٍ حانق: " حسبي الله عليك يا نتنياهو (رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي)، وحسبي الله على كل ساكت، وشايف (يشاهد)، ولادنا (أولادنا)، وهما بيتيتموا (يتحولون إلى أيتام) ايش ذنبه (ما ذنبه) هادا (هذا الطفل ثائر)، يصحا (يستقيظ) يلاقي (يجد)، حاله يتيم، وكمان بدون رجل (قدم) ولا أصابع".

وتقول العمة المصدومة، إنّ الاحتلال يشن حربها على الأطفال، وتحولهم إلى قتلى، أو جرحى مقعدين.

وفي إحصائية أصدرّتها وزارة الصحة الفلسطينية، مؤخرا، فإن "أكثر من 100 عائلة، تم قصفها وإبادتها بالكامل خلال الحرب الإسرائيلية (الجارية) على قطاع غزة".

وقالت إنّ "آلافا من الأطفال فقدوا والدتهم نتيجة هذا القصف، أو والدهم، وفي كثير من الحالات الاثنين معا".