خبر معسكر ما بعد الديمقراطية -هآرتس

الساعة 08:41 ص|13 أغسطس 2014

بقلم: ب. ميخائيل

(المضمون: أخذ يقوى في اسرائيل معسكر نسميه معسكر ما بعد الديمقراطية سيكون آفة وكارثة على دولة اسرائيل وديمقراطيتها - المصدر).

 

في البدء كان الحريديون المتدينون. وهذا خليط مميز من الحريدية والشوفينية والمسيحانية والجشع. ولماذا هو "متميز"؟ لأن المعسكر الديني كله ومنه المفدال في أيام حكمته كان ذات مرة مخلصا لفريضة تحظر بصراحة

 

القومية اليهودية والمسيحانية اليهودية والايمان اليهودي بالقوة. ولم يكن من الصدفة أن رئيس المفدال آنذاك موشيه حاييم شابيرا، كان من أكبر معارضي احتلال القدس، فقد رأى ما سيلده المستقبل بانبثاقة نبوئية صادقة. وهذا ما كان، فقد حررت حرب 1967 المارد الديني من قمقمه. وعادت اليهودية فأصيبت بالجنون الاصولي الذي أفنى من قبل، مرة واحدة على الأقل، أكثر الشعب اليهودي فنشأت غوش ايمونيم مصممة وعنيدة ومعوجة. وكانت هذه الظاهرة السياسية التي أخذت تقوى تستحق أن تُمنح اسماً جديدا فعُرض عليها في 1996 اسم "حردال" (الحريديين القوميين). وقُبل هذا الاسم الجديد.

 

كان هناك من رأوا جيدا أن هذا بدء نشوء أمر مقرف خطير. وكان هناك من حذروا مرة بعد اخرى من أن هذا المسخ السياسي (بخلاف الحريديين) يطمح الى السيطرة والحكم وتغليب نظريته على الدولة.

 

ولم يستجب أحد للتحذيرات فرعت الدولة في تمثيلية حماقة وعمى نادرة، ودللت وأطعمت حتى التخمة الحريديين المتدينين وهذياناتهم فازدادوا قوة. ولم ينجح حلمهم في "استيطان القلوب". لكنهم نجحوا في استيطان كل ما عدا ذلك تقريبا: التربية والعقارات والاعلام والجيش والمخصصات المالية والحكومة ايضا (بالمساعدة المتحمسة من أحد الأغبياء من ذوي اللون الواحد).

 

لم يعد الحردال (الحريديون المتدينون) لذلك اسماً مناسبا، فقد أصبح المعسكر المذكور الآن أكبر بأضعاف، وقد تجاوز حدود الدين وتجاوز حدود ارض اسرائيل الكاملة وتجاوز حدود النشاط خارج الحلم. وهو يشمل الآن المتدينين والعلمانيين، والجامعات ووسائل الاعلام، والنخبة ومن تحتهم، والشرق والغرب، واليمينيين وغير المبالين، والمنتخبين والناخبين، وزعران الشوارع والجالسين الى ألواح الطباعة. فهو معسكر عظيم ضخم يستحق هو ايضا اسماً يخصه فليُسمح لي بأن أقترح الاسم وهو "معسكر ما بعد الديمقراطية".

 

إنه المعسكر الذي يطمح الى أن يتحرر من سخافات الديمقراطية. ويرى حقوق المواطن مضايقة ويرى العنصرية قيمة مباركة. وهو يرى الديمقراطية فقط تدريب رياضة اوروبية لسن قوانين فاسدة وأداة لاحلال قرارات آثمة.

 

إن "معسكر ما بعد الديمقراطية" هو الآن أقوى معسكر سياسي في اسرائيل والذي يزداد قوة ايضا. لكن ما بعد الديمقراطية ليس نهاية الطريق فهو يبشر فقط بمجيء المرحلة التالية. ولن يكون فاشية تقليدية مقبولة بل نسخة محلية مميزة، وسيكون على نحو محتوم تقريبا نتاج ظاهرتين الاولى تاريخية وهي خطأ دافيد بن غوريون المصيري الذي لم يفصل الدين عن الدولة. والثانية اجتماعية وهي فقدان مواطني اسرائيل ثقتهم بأنفسهم وهم الذين يشعرون أن الارض ترجف تحت أقدامهم وأن أسس بيتهم القومي تقوم على جرف هارٍ وأن المستقبل يزداد قتامة.

 

سيبحث هؤلاء الناس الخائفون عن ملاذهم في ظل الله وفي حضن الاستبداد أو في حضن العقوبتين معا.

 

وقد خُطط المستقبل وأُعلن رسميا تقريبا. ففي تشرين الاول 2000 عُقد مؤتمر "رابطة الحاخامين من اجل شعب اسرائيل وارض اسرائيل". وخطب ايضا الحاخام اليكيم ليفانون من رؤساء "الصهيونية المتدينة" كما يسمون أنفسهم، واليكم ما قال:

 

"حان الوقت للامساك بالصولجان والعودة الى عصر الملك داود وأن نعلم أن الحاخامين ليس عملهم تدريس التوراة بل انشاء قيادة تكون الحكومة الحقيقية لشعب اسرائيل". هكذا على رؤوس الأشهاد. والى هناك، الى هناك بالضبط، يقود معسكر ما بعد الديمقراطية، بسذاجة وبحماقة أو على عمد.

 

ويبدو للأسف الشديد أنه عُدمت احتمالات وقف الجري الوطّاء لمعسكر ما بعد الديمقراطية. لكن يجوز أو هو واجب في الحقيقة أن نبدأ بتوثيق أسماء نشطائه وأفعالهم واماكن عملهم وتصريحاتهم من اجل التاريخ فقط ومن اجل اولئك الذين سيحققون فيما حدث هنا ولماذا حدث ومن كان المذنب.