خبر تحويل الشجاعية الى الضاحية / معاريف

الساعة 09:24 ص|13 يوليو 2014

بقلمبن كاسبيت

 

(المضمونشيء واحد في حماس لم يتضرر: الروح القتالية بقيت كما كانت. في منظمة ايديولوجية دينية – متطرفة كحماس، لا ينبغي توقع تغيير الخطاب، حتى في اللحظات الصعبة. مثل هذه المنظمات لا تخضع الا عندما تقع على الارضية، تنزف ولا تكون لها خيارات. نحن لسنا هناك، وعلى ما يبدو لن نكون هناك قريباالمصدر).

 

المرحلة التالية ستكون تحويل حي الشجاعية في غزة الى ما كانت عليه الضاحية في بيروت في حرب لبنان الثانية. هذه الرسالة نقلها أمس بعض كبار رجالات الجيش الاسرائيلي في تصريحاتهم العلنية.

 

اصدر الجيش الاسرائيلي أمس بلاغات لبعض الاحياء في غزة دعا فيها السكان الى اخلائها في أقرب وقت ممكن. وحدد الجيش الاسرائيلي الشجاعية بانه الحي الذي تصدر منه معظم الصواريخ نحو اسرائيل وقرر اذا واصلت حماس التصعيد، فان الجيش سيدمر الحي حتى الاساس ويبسطه مع الارض مثلما فعل بالضاحية، معقل حزب الله في بيروت، قبل ثماني سنوات بالضبط.

 

في هذه الاثناء لا يوجد وسيط حقا. فقد اقترح الاتراك انفسهم ورفضوا. والقطريون اشكاليون. اما مصر فغير مستعدة لان تعمل معهم لانهم يعتبرون اسياد حماس. الامريكيون في الصورة وكذا الفلسطينيون، من الجانب الاسرائيلي يعمل على الوساطة مبعوث نتنياهو المحامي اسحق مولخو، الوزيرة تسيبي لفني وآخرون. الرجل الاكثر ملاءمة للوساطة هو ابو مازن. اسرائيل في هذه الاثناء لا تريد أن تعطيه الشرف. فهذا قد يعززه على حساب المتطرفين. وحماس تطالب بمطالب متنوعة لوقف النار. اما ابو مازن فلا يقترح الا امر بسيط واحد: وقف النار الان. فورا. وبعد ذلك نرى اما اسرائيل فترفض.

 

 وعد في لحظة ذروة

 

وقت البحث في منتهى السبت حطم كل الارقام القياسية في العبث، بوتيرة مجنونة. فقط أعلنت حماس في الثامنة مساء، بالعبرية، بانها تعتزم ان تطلق في التاسعة مساء صواريخ جديدة نحو تل أبيب تحمل اسم احمد الجعبري. ويفترض أن تكون أثقل مما اطلقته حتى الان. وقبلت القنوات التلفزيونية الاسرائيلية التحدي ودخلت جميعها الى انتظار شبه متوتر، شبه متسلي. في تلفزيون حماس وضعوا ساعة عد تنازلي وتبلوها بالاناشيد التي تبشر بخراب الصهيونية، دمار الدولة و"هز احساس الاسرائيليين بالامن".

 

أما عندنا بالمقابل فواصل الناس يتجولون ويقضون وقت فراغهم في ميناء تل أبيب. والحقيقة هي أن حماس التزمت بالمواعيد. في التاسعة وخمسة دقائق انطلق السنونو الاول الى دربه، واعترض فوق تل أبيب، وفي اعقابه اطلقت صلية من عشرة صواريخ اخرى، في كل اتجاه ممكن. وهي الاخرى اعترضت. وفي ميناء تل أبيب صفق الناس، وكذا المتجمعون حول القبة الحديدية وكأن هذا هبوط اضطراري  ناجح لطائرة ال عال.

 

 تخلق القبة الحديدية هنا احساسا رائعا بالامن. دولة كاملة تتلقى وابلا من الصواريخ، على مدى خمسة ايام على التوالي، وكف الناس عن التأثر. ينبغي الامل الا ينتهي هذا بالبكاء. فدوما سيكون صاروخ عاق اياه يفلت من الاعتراض، حيث سيصل من زاوية مفاجئة، او يعثر عليه بتأخر أو يقع خلل في أحد صواريخ الاعتراض أو شيء ما. مثل هذا الصاروخ الذي يسقط على جمهور غير مكترث، يمكن ان يلحق مصيبة. والاحصاءات يمكنها أن تكذب دوما. 90 في المئة نجاح، لا يكفي عندما يدور الحديث عن ارواح البشر. يجب أن نتذكر ذلك.

 

 مطلوب وسيط

 

بدأت "الجرف الصامد" تستنفد نفسها. والطرفان يسرهما النزول عن الشجرة التي تمترسا عليها في قلب الغابة، ولكن لا توجد سلالم. الوسيط الطبيعي والتقليدي، مصر، غير معنية جدا بالتعاون. والجنرال السيسي يتمتع شخصيا من كل بيت لمسؤول من حماس يصبح موجة حجارة في غزة. والامريكيون هم الوحيدون الذين يمكنهم أن يخلقوا الالية التي تنهي الامر. المكالمة الهاتفية بين نتنياهو واوباما يوم الخميس كانت مكالمة تأسيسية. اسرائيل هي التي طلبت من الولايات المتحدة الدخول الى الصورة.

 

 التسوية، في نهاية المطاف، ينبغي أن تعطي الجميع احساسا بانجاز ما. اسرائيل "ستعيد الردع" وتلقن حماس درسا، حماس ستستعيد علاقتها بالعالم، وتحصل ربما على الفرصة للصمود من ناحية اقتصادية. قطر ملزمة بان تكون جزءا من مثل هذا الاتفاق لانها ستوفر المال. اما ابو مازن فيفترض أن يثبت مكانته بصفته الزعيم الوحيد للشعب الفلسطيني، اذا ما تمكن الامريكيون من جعله كبير السن المسؤول.

 

 كل ما كتب حتى هنا يمكن أن يتصاعد بالدخان اذا ما وعندما يصيب صاروخ ما، في مكان لا يفترض به أن يقع فيه، او كبديل اذا ما سقطت قذيفة طن من سلاح الجو بالخطأ على مدرسة فلسطينية مأهولة.

 

في هذه المرحلة، عندما لا تكون مثل هذه الامور قد حصلت، يكون واضحا للجميع بان "الجرف الصامد" توجد ما وراء ذروتها. نتنياهو ويعلون لن يسارعا في الدخول الى غزة، واذا ما دخلا، فسيكون هذا نشاطا موضعا لا يبقي قوات على الارض اكثر من بضع ساعات أو ايام. لقد سلم نتنياهو بحقيقة أنه خلافا لما وعد، ليست لديه القدرة على دفع حكم حماس الى الانهيار. هو ايضا، مثل اسلافه، سيلعب من السبت الى السبت، اي من حملة الى حملة، من ترميم الردع الى اعادة ترميمه. لا يوجد لاحد اوراق اخرى في هذه اللحظة.

 

لا بد سنشتاق لحماس

 

الفارق بين هذه الحملة وسابقاتها واضح: حتى وقت قصير مضى كان هدف اسرائيل انهيار حكم حماس. وظهور لاعبين مثل داعش، جبهة النصرة، بيت المقدس وباقي مجانين الجهاد والقاعدة، أوضح لاسرائيل ان حماس هي اليوم شبه الشريك المثالي. لا ينبغي انهيارها لاننا بعد ذلك سنشتاق اليها. يجب السعي الى وضع تكون فيه مردوعة حقا، وترسانة تهديداتها على الجبهة الاسرائيلية الداخلية محدودة. اما الاحاديث عن تسوية "على نمط سوريا" في اطارها تتخلى حماس عن صواريخها فغير واردة. حماس لن تتخلى عن صواريخها ابدا.

 

لقد فشلت هذه المنظمة، حتى هذه اللحظة، في كل محاولات ضربها لاسرائيل. كل أسلحة "يوم الدين" التي اعدتها فشلت. الاجتياح لزيكيم ، النفق في كرم سالم، الصواريخ على تل أبيب، ديمونا.

 

شيء واحد في حماس لم يتضرر: الروح القتالية بقيت كما كانت. في منظمة ايديولوجية دينية – متطرفة كحماس، لا ينبغي توقع تغيير الخطاب، حتى في اللحظات الصعبة. مثل هذه المنظمات لا تخضع الا عندما تقع على الارضية، تنزف ولا تكون لها خيارات. نحن لسنا هناك، وعلى ما يبدو لن نكون هناك قريبا.

 

هذا المساء نهائي المونديال. اذا ما استمرت الامور بهذه الوتيرة، من الصعب الافتراض ان تكون في غزة كهرباء في الساعة العاشرة مساء. السؤال هل يمكن مشاهدة المباراة في تل أبيب في هدوء دون صافرات. صحيح حتى هذه اللحظة يبدو أن لا، ولكن كل شيء مفتوح.