خبر أدولة ارهاب أم دولة عدو / يديعوت

الساعة 09:15 ص|13 يوليو 2014

بقلمأ. ب يهوشع

(المضمونينبغي أن تتحول اسرائيل عن تسمية حماس منظمة ارهاب الى تسميتها دولة عدواً يمكن أن تفاوضها أو أن تقاتلها في حرب وجها لوجه -المصدر).

حينما أُنشئت اسرائيل في 1948، قصف الاردنيون القدس، وحاصروها وقتلوا مئات من سكانها. احتل مقاتلو الفيلق غوش عصيون وقتلوا اسرائيليين كثيرا وقتلوا أسرى بدم بارد. لكن لا أحد سمى الاردنيين في شهور الحرب القاسية الوحشية تلك كلها، ارهابيين بل سُموا أعداءً. وفي خلال سفك الدم القاسي جرت على التناوب اتصالات بين ضباط اسرائيليين وضباط اردنيين لترتيب وقف اطلاق نار الى أن كانت اتفاقات وقف اطلاق النار الهشة التي وقع عليها بوساطة الامم المتحدة في 1949.

وكان السوريون يقصفون حتى حرب الايام الستة قرى اصبع الجليل، وقتلوا وجرحوا غير قليل من السكان، لكن لا أحد سمى سوريا دولة ارهابية بل دولة عدوا. وفضلا عن أنهم لم يمدوها بالوقود والكهرباء كانوا يجلسون من آن لآخر لمحادثات وتوضيحات وجها الى وجه في لجان وقف اطلاق النار. وكانت تخرج من حدود مصر حتى سنة 1967 خلايا ارهاب كانت تزرع الموت في البلدات الاسرائيلية على الحدود، لكن لا أحد سمى مصر دولة ارهاب بل دولة عدوا.

 وبرغم أن كل تلك الدول أعلنت عن نيتها القضاء على اسرائيل، كان رئيس الوزراء في بداية كل جلسة في الكنيست يتجه الى حاكمي مصر وسوريا لاجراء تحادث من اجل التهدئة واتفاقات سلام.

ما الذي يجعلنا نستمر بعد الانسحاب من قطاع غزة واخلاء البلدات ونقل السلطة في القطاع الى حماس، نستمر على تسمية القطاع دولة ارهاب لا دولة عدوا خالصة؟ فهل عبارة دولة ارهاب أقوى من عبارة دولة عدو؟ أوربما تكون كلمة ارهاب تدل على أننا ما زلنا في سريرتنا نعُد أرض غزة جزءا من ارض اسرائيل حاولنا استيطانها وفشلنا لكن قد نكون نأمل العودة اليها؛ ولهذا ليس سكانها سكان دولة عدو بل هم عرب من ارض اسرائيل تعمل بين ظهرانيهم خلايا ارهاب؟ هل نحن ملزمون بسلامة سكان غزة كما لم نكن ملزمين في حروب الماضي بسكان سوريا أو مصر ولذلك نستمر على إمدادهم بالكهرباء والوقود والغذاء لكننا نرفض في الوقت نفسه – وهذا هو الأساس – أن نعرض على حكومة حماس في غزة أن تدخل في تفاوض معنا كما عرضنا ونفذنا ايضا في حروب الماضي مع الاردنيين والسوريين والمصريين؟.

وينبع كل ذلك التعقيد والبلبلة من الخشية من أن تضعف المحادثات مع حماس لوقف اطلاق النار واستمرار الخطوات الايجابية لتثبيت تسويات مستقرة لوقف اطلاق النار، تضعف أبو مازن؟ لكن القتل المستمر في غزة يضعف من يرى نفسه زعيم الشعب الفلسطيني، أكثر.

وحتى لو فرضنا أن هذه هي الخشية فاننا نسأل لماذا حينما نشأت قبل زمن قصير حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية لم ننتهز الفرصة لمحادثة حماس ولمنح الحكومة التي تحكم قطاع غزة الشرعية.

تنبع خيبة أمل حماس العميقة في رأيي من عدم شرعيتها الجوهري في نظر اسرائيل ونظر أكثر العالم. وتفضي بها خيبة الأمل تلك الى اعمال يأس مدمرة. ولهذا من المهم جدا أن تُمنح الشرعية بصفتها عدوا على الأقل للتوصل معها إما الى تسوية أو الى حرب وجها لوجه مع كل ما يصاحبها.

هكذا عاملنا الدول العربية في الماضي. وما بقينا نسمي حماس عصابة ارهابية سيطرت على مدنيين أبرياء فانه فضلا عن أننا لن نستطيع أن نوقف اطلاق النار كما ينبغي في الجنوب برد حربي مناسب، لن نستطيع في الأساس أن ندخل في تفاوض معلن مع حكومة غزة في تسوية مرحلية تعني رقابة دولية على ازالة الصواريخ مع الغاء الحصار البحري والجوي والبري، وفتح المعابر الى اسرائيل من اجل العمال الذين جاءوا للعمل في اسرائيل، مع الطموح من هنا الى التقدم نحو فتح الممر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية.

وإن لم تشأ حماس أن تجلس معنا على حدة للتفاوض المعلن، يقول المُشكك مُصعبا الأمر؟ سنعرض عليها آنذاك الجلوس في اطار حكومة الوحدة الفلسطينية. واذا رفضت ذلك ايضا فستكون حربنا لها حربا مشروعة من كل جهة وبحسب كل قواعد الحرب الصحيحة.

لكن ينبغي ألا ننسى أن الفلسطينيين في غزة هم جيراننا الى الأبد ونحن جيرانهم الى الأبد. ولن نقضي على الدُمل النازف الآن بالحديث عن الارهاب بل بالتوجه الى التحادث أو الى محاربة عدو ذي شرعية ليست لنا أية مطالب من الارض منه سوى أن يوقف اطلاق النار الى الأبد.