خبر أصوات ناعمة في غـزة تهتف لـ« مونديال البرازيل »

الساعة 05:56 ص|25 يونيو 2014

وكالات

تُجادل الشابة الفلسطينية "نرمين عامر"، شقيقها الأكبر في صحة "ركلة الجزاء" المحتسبّة للمهاجم الفرنسي "كريم بنزيما"، في مباراة فرنسا الأخيرة ضد سويسرا.

ولا تقتنع "عامر" البالغة من العمر (21 عاما) بصحة الركلة، إذ تبدأ بشرح وجهة نظرها بصوت مرتفع ونبراتٍ لا تخلو من الحماس والإثارة، وأنّ المدافع السويسري لم يتعمّد عرقلة المهاجم.

وتقول عامر وهي واحدة من عشرات الفتيات اللواتي بدأنّ مؤخرا في قطاع غزة، بمتابعة مباريات كأس العالم المقامة حاليا في البرازيل، إنّها شعرت برغبة لمشاهدة مباريات مونديال 2014، والابتعاد عن ما وصفّته بهمي "السياسة والحصار".

وتضيف لوكالة الأناضول: " لم تكن كرة القدم ضمن اهتماماتي، لكن هذا العام يبدو مختلفا، فالكل يتحدث عن الكرة، والفائز والخاسر والمتأهل، وبت أشعر أنني أمام مناسبة اجتماعية كبيرة".

وانطلق مونديال البرازيل "2014" مساء الخميس ( 12 يونيو/حزيران الجاري) ، في نسخته الـ20 بإقامة المباراة الافتتاحية بين المنتخب البرازيلي ونظيره الكرواتي، ويستمر حتى الـ 13 من يوليو/تموز المقبل، بمشاركة 32 منتخباً.

ولأنها الفتاة الوحيدة بين ستة من الإخوة الذكور، فقد وجدت "سهام صبيح" (16 عاما) نفسها تحفظ أسماء المنتخبات المشاركة في المونديال، وأوائل المتأهلين من المجموعات كما تروي لوكالة الأناضول.

وتضيف: "الإجازة الصيفية بدأت، والكل في المنزل مشغول في متابعة مباريات كأس العالم، حتى عندما نذهب إلى البحر، لا شيء على لسان أبي وإخوتي سوى "من فاز" ومن تأهل"، الآن بت أتحدث بلغتهم الكروية، فما من خيار أمامي، وإلا سأكون وحيدة".

ويعلو صراخ "ديانا رمزي" (24 عاماً) على لاعبي المنتخب الإيطالي، كما لو أنها على المدرجات تشجع حاملي "الكرة" وتحثهم على تقديم أفضل ما لدّيهم.

وتقول رمزي وهي أم لطفل يبلغ من العمر عاما واحدا لوكالة الأناضول إنها بدأت في متابعة المونديال بسبب شغف زوجها الكبير بكرة القدم، وتفاصيل المباريات.

وتتابع: "مضطرة لأن أشارك زوجي اهتماماتي، فعندما أحدثه في أي شيء آخر وهو يتابع الكرة يطالبني بالسكوت، ولكن ما أن أساله عن اسم لاعب ما، أو الفريق الذي يلعب حتى يبدأ في الشرح كما لو أنه أحد المحللين الكبار، لهذا بدأت أتابع معه كافة المباريات، وبحماس كبير".

ودفع تصفح الملاحق الرياضية التي تصدرها الصحف الفلسطينية الفتاة رندة عبد الرحمن (16 عاما) إلى متابعة المونديال بشغف غير محدود كما تؤكد لوكالة الأناضول.

وتجاوبا مع هذا الحدث الكروي العالمي، قدّمت الصحف الفلسطينية اليوميـة الأربع (القدس، والأيام، والحياة، وفلسطيـن) لقرائها ملاحق رياضية خاصة، بعناوين مُثيـرة ولقاءات ممُيـزة، عن "المونديال"، ومتابعة أخبار البطولة وتحليل مبارياتها.

وتضيف عبد الرحمن: "شعرت أنني أمام شيء جديد، ومثير، كما أن التشجيع وحب كرة القدم لا يقتصر على الذكور فقط، بل بإمكان الفتاة أن تشجع الرياضة، وتحلل ما يدور داخل المستطيل الأخضر".

ويصف حسين عليان رئيس رابطة الصحفيين الرياضيين في قطاع غزة، متابعة الفتيات لكرة القدم بـ"اللوحة الجديدة الجميلة".

ويقول عليان في حديث لوكالة الأناضول إنّ تدفق المعلومات والصور، وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي التي جعلت العالم أشبه بكتاب مفتوح، جعلت كرة القدم حديث "العالم" في كل مكان.

وأضاف: "والفتاة جزء من هذا العالم الذي يصطدم يوميا بآلاف الصور ومقاطع الفيديو، وفي قطاع غزة بدأت ظاهرة التشجيع والمتابعة واضحة لدّى الفتيات، بل وهناك إعلاميات رياضيات يتحدّثن بلغة الرياضة، وما وراء أخبارها".

وأشار عليان إلى أن هذا الاهتمام من قبل الفتيات في غزة بكرة القدم دفع رابطة الإعلاميين الرياضيين لعقد دورات عديدة متخصصة لتشجيع الفتيات لخوض غمار الإعلام الرياضي، وكسر حواجز الخوف والتقاليد.

ويعترف عليان، بأن الظروف الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة دفعتهم إلى البحث عن متنفس حقيقي لنسيان واقعهم الحالي.

ويرى الغزيون في مونديال البرازيل متنفسا يبعدهم عن أجواء الحصار والأوضاع الإنسانية والسياسية والاقتصادية الصعبة.

وتحاصر إسرائيل غزة، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون نسمة، منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي، وما زال الحصار متواصلا رغم تخلي "حماس" عن حكم القطاع، مع الإعلان عن حكومة الوفاق الفلسطينية في الثاني من الشهر الجاري.