خبر اسرائيل تدافع عن غاراتها على القنيطرة: تسعيرة للهجمات من سوريا!..حلمي موسى

الساعة 07:38 ص|24 يونيو 2014

شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر أمس غارات على مواقع عسكرية سورية في منطقة القنيطرة في الجولان، بعد استهداف قذيفة لشاحنة إسرائيلية في الجزء المحتل من الهضبة السورية.
وجاءت الغارات الإسرائيلية بعد أن ادعت الدولة العبرية أن لديها معلومات مؤكدة أن القذيفة أطلقت بشكل هادف من منطقة خاضعة لسيطرة الجيش السوري، وليس مجرد انزلاق غير مقصود للمعارك. وبدا أن الغارات الإسرائيلية ترمي إلى تحديد تسعيرة عالية لأية عمليات تنطلق من الأراضي السورية، خصوصا بعد ما أشيع عن تنظيم عمليات ضد إسرائيل في الهضبة المحتلة من جانب "حزب الله" وفصائل مقاومة حليفة لسوريا.
وسارعت وزارة الخارجية السورية إلى توجيه رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن حول الهجوم الإسرائيلي، معتبرة أن "هذا العدوان يأتي في إطار الدعم المباشر المستمر الذي يقدمه العدو الإسرائيلي للمجموعات الإرهابية المسلحة في منطقة فصل القوات".
وأشار البيان إلى أن الهجوم الجديد أدى إلى سقوط أربعة شهداء وجرح تسعة، إضافة إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمواقع والمعدات، متحدثا عن "ترافق الطلعات الجوية للطيران الإسرائيلي المعادي مع هجوم نفذته مجموعات إرهابية مسلحة على مواقع سورية تم إحباطه".
وحذرت الخارجية السورية، التي طالبت مجلس الأمن بإدانة الهجوم، من أن "هذا العدوان لا يمثل انتهاكا سافرا لاتفاق فصل القوات فحسب، بل يهدد أمن وسلامة أفراد الأمم المتحدة بالخطر عبر تمادي إسرائيل في اعتداءاتها واستفزازاتها، سواء كان ذلك من خلال انخراطها المباشر بتقديم الدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية أم من خلال قيامها بالعدوان العسكري المباشر ضد الأراضي السورية حماية لهذه المجموعات".
وكان "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أشار إلى استهداف إسرائيل لمواقع سورية عدة، بينها مقر قيادة "اللواء 90"، وسرية "محيرس" (سرية أبو عوض)، وتل الشعار، وسرية "السقري"، وسرية "خميسه"، وسرية "زبيدة" القرية من نبع الصخر، وسرية "العجايز" بالقرب من بلدة خان ارنبة، وتل أحمر في عين النورية.
وجاءت الغارات، كما هو معروف بعد إطلاق قذيفة على شاحنة إسرائيلية كان ركابها من فلسطينيي العام 1948 ويعملون لمصلحة الجيش الإسرائيلي في تعزيز السياج الحدودي مع سوريا. ولقي صبي في الخامسة عشرة من عمره مصرعه، وأصيب والده وآخرون إصابة مباشرة أكد الجيش الإسرائيلي أنها مقصودة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار على تسعة أهداف للجيش السوري ردا على القذيفة التي استهدفت مدنيين يعملون قرب الحدود. وأكد أن كل المواقع المستهدفة تابعة للجيش السوري، وأن الصاروخ انطلق من أحدها على الجولان. وقد استخدمت إسرائيل في القصف طائرات حربية والمدفعية الدقيقة من طراز "تموز". وقال إن إطلاق الصاروخ من الأراضي السورية "كان عملا استفزازيا فائق الخطورة، وجاء استمرارا لعمليات عدة وقعت خلال الشهور الأخيرة ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الحدود عموما، وفي هذه المنطقة خصوصا".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون: "إننا نرى في نظام (الرئيس بشار) الأسد والجيش السوري الجهة المسؤولة عما يجري في الأرض الخاضعة لسيطرتهم، وسنواصل الرد بشكل حاد وقاس ضد كل استفزاز ومساس بسيادتنا. نحن شهود في الآونة الأخيرة على محاولات متكررة للعمل ضد إسرائيل من داخل الأرض الخاضعة لسيطرة نظام الأسد. ولن نتحمل أي مساس بمواطني إسرائيل وبقوات الجيش، وسنجبي ثمنا باهظا من كل من يحاول تشويش حياتنا، سواء كان من الجيش السوري أم من جهات إرهابية تعمل من الأرض السورية".
وقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إن الاحتلال سيرد بقوة أكبر إذا حصلت هجمات جديدة. وأضاف: "سنواصل أذية أي شخص يهاجمنا أو يحاول مهاجمتنا".
وأشارت التحقيقات في إطلاق القذيفة إلى أنها اخترقت السياج الحدودي، وأنها صاروخ مضاد للدروع من طراز "كورنيت" أطلق من الشرق إلى الغرب باتجاه الشاحنة. وأضافت ان الصاروخ أطلق من منطقة فيها سيطرة مزدوجة للمتمردين والجيش السوري. وربما لهذا السبب حاولت إسرائيل ادعاء أنها تلكأت في الرد، لأنها كانت بحاجة للتأكد من الجهة التي أطلقت الصاروخ، وانه لم يكن تائها.
ولاحظ المعلق العسكري لموقع "يديعوت احرونوت" رون بن يشاي انه وفق تجارب الماضي، فإن سوريا سترد على غارات الأمس "لكنها ستفعل ذلك عبر وكلاء، وليس مباشرة عبر جيشها. وفي الماضي كان الرد على غارات إسرائيل يأتي على يد مجموعات مسلحة ينظمها حزب الله ــ قسم منها درزي وآخر فلسطيني ــ وتعمل تحت رعاية الجيش السوري، وإن لم تكن تحت قيادته المباشرة. وواحدة من هذه المجموعات أطلقت قبل أشهر عدة صواريخ على موقع جبل الشيخ، ومنطقي الافتراض أن الرد الانتقامي سيكون أيضا في هضبة الجولان، ما يستدعي من الجيش الإسرائيلي مضاعفة وسائله الاستخبارية".
وأشار عدد من المعلقين الإسرائيليين إلى أن خطورة ما جرى على الحدود السورية لا يكمن في الحدث ذاته، بقدر ما يكمن في الظرف العام، فالجيش الإسرائيلي الذي يعاني من مشاكل ميزانية وخاض مؤخرا معركة كبيرة مع وزارة المالية يستغل اليوم الظروف الأمنية المستجدة والساخنة للمطالبة بالمزيد من الميزانيات. ومن المؤكد أن التطورات في الضفة الغربية، بعد اختطاف المستوطنين الثلاثة، وتنامي مظاهر الاعتراض الشعبي الفلسطيني على التحركات الإسرائيلية وعلى تصرفات السلطة يوحي بأن الأمور قد تتطور بسرعة هناك. وفضلا عن ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي يضع إصبعه طوال الوقت على نبض الأحداث في قطاع غزة التي يتخوف حاليا من أن تبدأ أي مواجهة كبيرة فيها بإطلاق الصواريخ على تل أبيب، وعدم انتظار المراحل الأخيرة من المواجهة. وبهذا المعنى، فإن الجيش الإسرائيلي يتصرف حاليا على أساس أنه يخوض معارك على ثلاث جبهات على الأقل، من دون الإشارة أيضا إلى سيناء والحدود اللبنانية، فضلا عن المخاوف الجمة من انزلاق المعارك في العراق وسوريا إلى الأردن.
وقد حاول المعلق العسكري لـ"إسرائيل اليوم" يؤاف ليمور شرح معضلة الجيش الإسرائيلي الراهنة، فنقل عن ضابط رفيع المستوى شارك في تقديرات الموقف في هيئة الأركان بعد الغارات ان "ما ينقصنا الآن هو حادث على الحدود مع مصر". وأضاف ان هذا القول الذي قيل بمزيج من الجدية والسخرية يصف جيدا مزاج الجيش في الأيام الأخيرة وعنوانه: انعدام اليقين، الذي بدأ في الضفة وانتقل للقطاع ووصل إلى سوريا.
لكن المراسل العسكري للقناة العاشرة كتب في "معاريف الأسبوع" ان أحداث الجولان "ذكرتنا بأنه من الشمال يأتي الشر"، فما جرى هو "الحدث الأخطر منذ بدء الحرب الأهلية في هذه الدولة النازفة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة". وأشار إلى أن الجيش حدد تسعيرة للهجمات من سوريا، وهي غارات يعلن عنها الجيش، ملمحا إلى أن الرد جاء متناسبا مع الصاروخ المستخدم وهو "كورنيت" الذي وصفه بأنه "فخر الصناعة الروسية" والذي "فعل فعله في حرب لبنان الثانية ضد الدبابات الإسرائيلية".