خبر جبهة حماس -معاريف

الساعة 10:09 ص|18 يونيو 2014

بقلم: جاكي خوري

(المضمون: حتى لو طلقهم ابو مازن في الشراكة في الحكومة، فهذا ثمن مقبول من ناحيتهم لان اختطاف الفتيان سيحسن فقط مكانتهم في الشارع الفلسطيني - المصدر).

 

حيث نظرنا الى هذه القضية البشعة، فان اسرائيل تتجه نحو أيام غامضة. حتى لو وصلت الى البشرى المنشودة في أن الرهائن الثلاثة على قيد الحياة، فستقف الحكومة امام وضع معقد للغاية: حملة انقاذ أو صفقة تحرير. كل واحد من هذين السيناريوهين ينطوي على لحظات رعب، انعدام وسيلة أو احباط.

 

"الشراكة مع حماس"، قال نتنياهو أمس لابو مازن في مكالمتهما الهاتفية، "لا تحسن لكم". ولم يشر رئيس الوزراء، أو لم يعرف، من بالضبط في صفوف حماس نفذ الفعل. وهو لا بد لم يقصد القول ان الخاطفين عملوا بتنسيق أو بغمزة عين من ابو مازن. فقد انقضت تلك العهود التي كان الرئيس الفلسطيني يحل ضيفا في منزل رئيس الوزراء، وبعد ذلك يخرج منه ويأمر كتائب الاقصى بتفجير باصات في القدس.

 

"ارهابيون يختطفون أولادا اسرائيليين أبرياء، بينما نحن نعالج في مستشفياتنا الاولاد الفلسطينيين"، اضاف وقال نتنياهو أمس. مشكوك أن تكون هذه الحجة طرحها نتنياهو أمام ابو مازن في مكالمتهما الهاتفية. فكلاهما يعرفان بان الاولاد الفلسطينيين الذين يعالجون في المستشفيات في اسرائيل يدخلون عشرات ملايين الشواكل في السنة لهذه المؤسسات الطبية.

 

ولكن السؤال لا يزال على جدول الاعمال. فأي حماس يقصد نتنياهو عندما يطالب ابو مازن بالطلاق منها؟

 

قسم العمليات في الحركة، كتائب عز الدين القسام ليس مصنوعا من كتلة واحدة، مع مراتبية واضحة وتنسيق بين الفروع. والاصح تشبيهه بالفرع الذي يحل العناقيد. الذراع العسكري في غزة هو الجسم المقاتل الاقوى له. وهو يختلف جوهريا عن شقيقه في الضفة الغربية، حيث تواجد رجال القسام اكثر هزالا، أقل تنظيما ويخضع للرقابة الاسرائيلي والفلسطينية المشددة. كلاهما معا يوجدان على اتصال مستمر مع نشطاء الذراع في السجون في اسرائيل. وهؤلاء يشجعونهم على العمل، يبدون الرأي في مسائل مبدئية بل واحيانا يرفعون لهم المطالب. خالد مشعل، في منصبه الرسمي، رئيس المكتب السياسي لحماس، هو الزعيم الاعلى عمليا. ورغم قيود المسافة المفروضة عليه (معظم وقته يتواجد في قطر)، مشعل هو مؤيد تقليدي لمواصلة أعمال اختطاف اسرائيليين لاغراض المساومة.

 

ضغط نفسي

 

الاف الجنود، افضل محققي المخابرات والتكنولوجيا الاكثر تقدما في العالم تبحث عن عصبة من خمسة حتى عشرة اشخاص. وهي تضم ثلاثة مخطوفين، خاطفين او ثلاثة، وعدد مشابه من المساعدين الذين اعدوا مسبقا. وهؤلاء يحرصون للخلية على الغذاء وربما ايضا على الاتصال مع قيادات أعلى. الصعوبة الكبرى امام كشفهم يمكن التعرف عليها من قضية جلعاد شاليط. الشبان الاسرائيليون الثلاثة محتجزون في منزل خاص، اعد مسبقا، منعزل عن كل تكنولوجيا، ولا سيما الهواتف الخلوية. والاتصال بين ذوي الصلة يتم شفويا.

 

وبسبب السرية التي فرضها الخاطفون على أنفسهم، خشية أن ينكشفوا يحتمل جدا أن يكون نفذ العملية شبكة حماس في الخليل، ولكن دون اشراك اخوانهم في جنين، في قلقيليا او في طولكرم. فقد سمع هؤلاء عن الامر من وسائل الاعلام.

 

يوظف الجيش والمخابرات الاسرائيلية جهودا جمة في ممارسة الضغط النفسي على الخاطفين الذين يوجدون على اي حال في توتر هائل. فمنذ سنين لم تتم في أرجاء الضفة الغربية حملة اعتقالات على هذا القدر من الاتساع. وصحيح حتى هذه اللحظة تعتقل اسرائيل ما لا يقل عن 130 نشيطا سياسيا وشخصية عامة تتماثل مع حركة حماس في الضفة الغربية، وكذا بضع من رجال الجهاد الاسلامي. بينهم ايضا رمزان: الشيخ حسن يوسف من البيرة، من مؤسسي الحركة، والد عميل المخابرات السابق مصعب يوسف، الملقب بـ "الامير الاخضر". والثاني هو د. عزيز دويك، رئيس البرلمان الفلسطيني. وتأتي الارقام العالية لتعذيب ضمير الخاطفين ودفعهم الى الخوف عميقا من تسريب المعلومات في التحقيق. اضافة الى ذلك، تأتي الاعتقالات لتقدم للمخابرات أهدافا للتحقيقات المتواصلة الكفيلة بان تنتج معلومات شخصية أو عملياتية عن الخاطفين.

 

دبلوماسية متحمسة

 

ينزل هذا الحدث على المجتمع الاسرائيلي بالذات في فترة طيبة. أيام من الاستقرار (وثمة من سيقول الوهمي) في العلاقات مع الفلسطينيين. ويسود بين القدس ورام الله حال من الوضع الراهن. فقد استوعبت الحقيقة المريرة بان حل النزاع لن يكون هنا قريبا. وبدلا منه تعلم الطرفان كيف يحتويا الوضع اليومي، وذلك من خلال تطوير العلاقات الاقتصادية، التعاون ضد مظاهر المعارضة الكفاحية، وفي نفس الوقت تغذية الساحة السياسية بمواد اشتعال مصطنعة لاشباع جوع المتطرفين من الطرفين.

 

أحد الناطقين بلسان حماس في القطاع تحدث امس بدبلوماسية متحمسة عن الاختطاف. "لا ندعي لانفسنا هذا الشرف"، قال مشير المصري، وبتعبير آخر: لم تنضج اللحظة لاخذ المسؤولية عن العملية. وقد سمع المصري عن العملية معنا جميعا في وسائل الاعلام. وهو ورفاقه، في الذراع العسكري وفي القيادة السياسية، يخفون حاليا فرحهم في ضوء الحملة التي فكر فيها ونفذها الاخوان في الخليل. من ناحيتهم، احتمالات الخسارة ليست كبيرة. اذا انتهت العملية بموت المخطوفين وحتى بحملة انقاذ ناجحة من الجيش والشرطة الاسرائيلية، ستحصل حماس على النقاط لدى قسم من الجمهور. وقد ضاعت لها هذه النقاط في السنتين الاخيرتين، بعد أن تركت مؤقتا الكفاح المسلح. اما اذا تحقق السيناريو الثالث، ونشأت مفاوضات لصفقة تحرير مع اسرائيل، فسيمنحها الشارع الفلسطيني والعربي ميدالية الشرف.

 

إذن يحتمل، في سيناريو مستقبلي ان يجد ابو مازن من السليم الانفصال عن اخوانه للحظة، ويعطي لحماس شهادة طلاق. هذا هو ثمن محتمل من ناحية حماس، والذي كانت الحركة مستعدة له من اللحظة التي انطلقت فيها حكومة الوحدة على الدرب. فالوحدة ليست قائمة عمليا، بل على الورق اساسا. والاتصال المادي بين جناحي المعسكر الفلسطيني لا يتاح، بسبب الفيتو الاسرائيلي. فالقطاع لا يزال يدار من موظفين ومدراء عامين عملوا تحت حكومة اسماعيل هنية المحلولة. ولن تكون مشكلة في تعيين وزراء من الحركة فوقهم، مثلما كان متبعا على مدى ثماني سنوات – حتى قبل شهر.