خبر الاختطاف إستدعته اسرائيل- هآرتس

الساعة 08:36 ص|15 يونيو 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: إن عناد اسرائيل وبلادة حسها وعدم اكتراثها بمصير السجناء الفلسطينيين استدعى أن تتم حادثة الاختطاف تنبيها لاسرائيل والمجتمع الاسرائيلي من غفوتهما - المصدر).

 

كان اختطاف طلاب المعهد الديني الثلاثة عملية مستدعاة قبل ذلك، وكانت اسرائيل هي المستدعية. وقد كان مصير الثلاثة ما زال يلفه الضباب ويغطي القلق بسلامتهم على كل شيء آخر، في ساعة كتابة هذه السطور أمس. لكن مهما يكن الامر – هل يسلمون أم لا والعياذ بالله، وسواء كان المسؤول هو الجهاد العالمي أو المحلي – فانه لا يمكن تجاهل سياق العملية. ربما تكون فاجأت منظمات الاستخبارات الاسرائيلية المتطورة حتى درجة التعب لكنها لا يمكن أن تفاجيء أحدا.

 

إن الذين يرفضون في عناد الافراج عن سجناء فلسطينيين ما زال عدد منهم سجناء منذ عشرات السنين حتى منذ الفترة التي سبقت اتفاقات اوسلو، وعدد منهم التزمت اسرائيل بالافراج عنهم؛ والذين يسجنون منذ سنين معتقلين دون محاكمة؛ والذين يتجاهلون اضرابا عن الطعام لـ 125 معتقلا "اداريا"، يحتضر بعضهم في المستشفيات؛ والذين ينوون إطعامهم بالقوة، والذين يريدون أن يسنوا قوانين جائرة تعارض الافراج عنهم – ينبغي ألا يُظهروا أنهم فوجئوا أو زُعزعوا بسبب عمل الاختطاف فهم الذين استدعوه.

 

إن اسرائيل التي تشفق على سلامة كل واحد من أبنائها تجاهلت في استكبار مدة سنوات الخوف على مصير السجناء في المجتمع الفلسطيني. فالاهتمام بالأبناء مسجل بصفة اختراع اسرائيلي لاسرائيل وحدها ومثله ايضا إجلال أبطال النضال الوطني. فمئير هار تسيون بطل قومي أما احمد سعدات فقاتل دنيء. وكان جلعاد شليط لنا فقط لكن مصير وليد دقة الذي ما زال

 

يمكث منذ أكثر من ثلاثين سنة في السجن الاسرائيلي للمشاركة في خلية قتلت جنديا، دون عطلة واحدة ودون زيارة خلوة مع زوجة لمرة واحدة لم يهم أحدا هنا. ولا يهم كل آلاف الأسرى الفلسطينيين أحدا، ففي الاسبوع الماضي شغلت مساعدة بيت مئير شتريت الرأي العام أكثر من معاناة 125 مضربا عن الطعام يموتون رويدا رويدا منذ 53 يوما. يوجد بين آلاف السجناء الفلسطينيين قتلة دنيئين لكن كثيرين آخرين هم سجناء سياسيون ويُرون جميعا أبطال النضال القومي الفلسطيني وهكذا هي الحال في كل نضال قومي. ويقف وراءهم مجتمع كامل يخشى على مصيرهم خشية لا تقل عن خشية الاسرائيليين على مصير أعزائهم.

 

مع إماتة المسيرة السياسية أغلقت اسرائيل أبواب سجونها وكانت الرسالة الاسرائيلية الى الفلسطينيين حادة كالسكين تقول إن الافراج عن أبنائكم سيصبح ممكنا منذ الآن بعملية عنيفة فقط. وفي ليل يوم الخميس استخلصت الاستنتاجات. لكن عملية الاختطاف كان لها سياق أوسع من الافراج عن السجناء.

 

نزل الستار على المسيرة السياسية مهما تكن عقيمة، ونزل معه ايضا الستار على آخر أمل فلسطيني للافراج القومي الوطني عن السجناء بمسيرة سياسية. عادت الحياة في اسرائيل وفي المستوطنات الى مسارها وهي حياة حرية ونماء ومحاكاة للواقع ولهو ليس للاحتلال صلة بها ألبتة. لكن الامر ليس كذلك بالنسبة للفلسطينيين، فليس عندهم شيء من كل ذلك، وكل تأخير للحل هو بالنسبة اليهم استمرار لحياة المعاناة والاذلال والتعذيب. فمن ظن أن يقعدوا في هدوء وينتظروا الى أن تتفضل اسرائيل بتغيير ذوقها أو حكومتها كان واهما. والذي ظن أن يستمر المستوطنون على العيش في أمن في المناطق انتظرته خيبة أمل مُرة فقد كانت عملية الاختطاف تنبيها الى ما سيحدث بعد ذلك. اجل إن الطريق الوحيد المفتوح أمام الفلسطينيين ليُذكروا الاسرائيليين بوجودهم ومشكلتهم هو طريق الكفاح العنيف لأن كل طريق آخر قد أغلق في وجوههم. فغزة اذا لم تطلق صواريخ القسام غير موجودة. وتغيب الضفة عن وعي الاسرائيليين اذا لم يختطف طلاب معهد ديني فيها. وعمليات الاختطاف أو القتل ترمي الى تحطيم الدعة الاسرائيلية التي لا تطاق ولهذا لا توجد فيها أية مفاجأة. وقد بلغت هذه الدعة في الاشهر الاخيرة الى ذرى لا تتصور وانتبهوا الى السخافات التي شغلت الاسرائيليين. إن التذكير المخيف الذي وقع على رؤوسنا الآن هو مقدمة

 

فقط لما يُنتظر اذا استمررنا على العيش بين خزانة اموال فؤاد وقُبلة في برنامج "الأخ الأكبر". لأن هذه هي طبيعة الاحتلال المغضبة، فهو يطاردنا حتى حينما نزيد في دفن رؤوسنا في الرمل.