خبر في السنة القادمة سيكون افضل / هارتس

الساعة 01:25 م|13 يونيو 2014

 

بقلم: تسفي برئيل

 

(المضمون: بعد سنة من انتخاب روحاني للرئاسة، لم يجعل ايران دولة ليبرالية بعد ولكن رويدا رويدا وبخطى ثابتة يساعدها على اعادة البناء بعد السنوات القاسية واستعادة مكانها بين الشعوب - المصدر).

 

   "هدفنا هو اقامة ايران حديثة ومتطورة"، قال حسن روحاني في مقابلة صحفية في العام 1995، "ستكون دولة قدوة لكل المسلمين وصفعة في وجه كل المفاهيم المغلوطة بالنسبة للاسلام، المفاهيم التي تدعي بان الاسلام غير قادر على ادارة مجتمع وان الثقافة الدينية غير قادرة على بناء مجتمع متطور".

 

 غدا، يحيي روحاني ذكرى السنة لاتخاذه رئيسا، الفترة التي حرث فيها التلم الاول كي يجسد رؤياه. مشكوك أن يتفق الليبراليون والاصلاحيون الايرانيون الذين منحوه اصواتهم مع التقدير بان سنة ولايته الاولى تشكل انعطافة حقيقية في وضع حقوق الانسان والمواطن، او أنها نجحت في أن تلطف حدة التصلب الديني في اجهزة القضاء والتعليم. ولكنهم هم أيضا لا يمكنهم أن يتجاهلوا حقيقة أن مدى اشغال الفنادق في شمالي طهران ارتفع بعشرات في المئة منذ وقع الاتفاق المرحلي في شهر تشرين الثاني الماضي؛ وان رجال الاعمال يأتون الى الدولة؛ وأن المزيد من السجناء تحرروا من السجون، وبالاساس، ان روحاني لا يخشى انتقاد المحافظين الذي يطرح ضده وضد حكومته على الشكل الذي يدير فيه المفاوضات مع الغرب. صحيح أنه دون اسناد يتلقاه من خمينئي، ما كانت المفاوضات لتجري على الاطلاق، ولكن قدرة روحاني بالذات في الحفاظ على علاقة متينة مع خمينئي تشهد على أن لشخصيته ومواقفه تأثيرا كبيرا وربما حاسما على عملية اتخاذ القرارات لدى الزعيم الاعلى.

 

 منذ يوم انتخابه، وحتى قبل ذلك في حملته الانتخابية، اوضح روحاني: "ما كنت لادخل التنافس لو لم اكن متأكدا من أني سأنتصر". كان هذا تصريح جريء، ولا سيما عندما كان يتنافس ضده شخصيات أكثر قربا منه من الزعيم الاعلى. ولكن روحاني، نجح في أن يقيم ائتلافا سياسيا داعما ضم رئيس البرلمان القوي علي لاريجاني، هاشمي رفسنجاني، سيد ومعلم روحاني، العديد من الفقهاء وحركات ليبرالية اعتقدت في البداية بانه ليس مرشحا مناسبا وفضلت رفسنجاني عليه، ولكن عندما رفض ترشيح الرئيس الاسبق، نقل هؤلاء تأييدهم لروحاني.

 

 اقام روحاني استراتيجيته السياسية على اساسين: المنفعة والكرامة. كل ما يمكنه أن يخدم مصالح الدولة جدير بالتشجيع شريطة الا يكون في هذا مهانة، استسلام او ذل. هذه هي الاسس التي نجح في تسويقها لخمينئي، بينما أبقى روحاني تعريف المنفعة والكرامة في يده. وعندما كتب في صحيفة "كيهان" التي يعين خمينئي محررها انه "لشدة الحظ علقت المحادثات في فيينا (التي جرت في شهر ايار) تلقت على ذلك توبيخا، وهذا الاسبوع حذر رئيس قيادة القوات العسكرية، الجنرال حسن بيروزبدا من أنه "اذا لم يصلح مسؤولو وسائل الاعلام اساليب عملهم، فسنعالجهم" متناولا نشر الانتقادات اللاذعة في الصحف المقربة من الحرس الثوري. واوضح  بيروزبدا قائلا: "علينا أن نكون فخورين برئيسنا. علينا أن نبذل كل جهودنا في دعم الحكومة التي يمكنها في الظروف الحساسة اليوم أن تدفع الدولة الى الامام.

 

 وحتى الحرس الثوري، بدأ يغير ذوقه تجاه روحاني ورحب قائده بنية روحاني مواصلة اشراكه في المشاريع الاقتصادية رغم أنه في بداية ولايته اعلن بان على الحرس ان يعنى بشؤونه والا يتدخل بالاقتصاد. وروحاني هو الاخر يفهم بانه لا يمكن بجرة قلم اقتلاع الحرس الثوري الذي يحتفظ بثلث الاقتصاد الايراني، عن مصدر دخله.

 

وفي نفس الوقت، تعترف القيادة العليا للحرس بان الاتفاق مع الغرب في مسألة النووي كفيل بان يكون مصدر وفير من المشاريع له. فـ "تهدئة" الانتقاد ضده وضد المفاوضات النووية، تعتمد على تعليمات خمينئي، ولكن حتى في هذا المجال فان حكمة روحاني وقدرته على بناء التوافق بين الخصوم وضعت الاساس السياسية لدفع الاتصالات الى الامام. وهذا الاسبوع، عندما سيجتمع الطرفان في فيينا في جولة محادثات اخرى، فان الاستعدادات السياسية التي اتخذها روحاني كفيلة بان تؤدي الى بداية صياغة مسودة الاتفاق النهائي.

 

 ويطبق روحاني  مبدأ "المنفعة والكرامة" أيضا في مساعيه لتوسيع علاقات ايران مع دول الشرق الاوسط. فدعوة وزير خارجيته جواد ظريف الى السعودية؛ التلميحات في أن في الايام القريبة سيصل وفد ايراني رفيع المستوى الى الرياض. الزيارة الهامة التي قام بها حاكم الكويت الى ايران قبل اسبوع؛ دعوة روحاني الى احتفال اداء اليمين للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؛ زيارة روحاني المغطاة اعلاميا الى تركيا، رغم الخلاف بين الدولتين في مصر سوريا والتوقيع على اتفاقات تجارية توضح نية روحاني لوضع ايران في مركز الدولة الشرعية في المنطقة دون فقدان كرامتها. وللمفارقة، فان الجدية التي يلقاها روحاني في الغرب تساعده على التقدم في مكانة ايران في الشرق الاوسط. فالسعودية مثلا، بدأت محاولات جس النبض تجاه ايران فقط بعد أن فهمت بان الولايات المتحدة "انحرفت" عن السياسة التقليدية وان في نيتها التوصل ليس فقط الى اتفاق نووي مع ايران بل وتطبيق علاقاتها معها ايضا. ومصر ما كانت لتدعو روحاني لو لم تتلقى "الاذن" من السعودية، فما بالك بعد المفاوضات المباشرة بعد واشنطن وطهران.

 

ولكن نجاحات روحاني على المستوى الدولي لم تتلقى بعد تعبيرا عمليا داخل ايران. فالتضخم المالي يبلغ 32.5 في المئة، ولن يبدأ نشوء أماكن عمل جديدة لملايين العاطلين عن العمل الا بعد أن ترفع العقوبات، والنمو في الناتج المحلي الخام المتوقع ان يرتفع هذه السنة بـ 1.5 في المئة الا انه ترجمته الى مستوى معيشة أعلى لا تزال بعيدة.

 

 في حملته الانتخابية عرض روحاني "ميثاق حقوق المواطن" الذي يتضمن عشرة بنود. ضمن امور اخرى يشدد على الجهود لتطوير مكانة المرأة، السماح للاقليات بتعلم لغاتهم الاصلية، تقليص قوة الرقابة واحترام المساواة بين المواطنين. وروحاني ثابت في مساعيه لتحقيق حقوق المواطن ومنذ العام 2011 نشر كتابا سميكا مكرسا كله لموضوع سن المسؤولية الجنائية للقاصرين. وفي الكتاب انتقد بشدة الفارق بين تحديد سن الرشد للنساء (9 سنوات) والرشد للرجال (14 سنة) وهكذا فانه وجه سهما حادا لمواقف آيات الله المحافظة.

 

 مع أن روحاني انتخب في شهر حزيران الا ان ولايته بدأها في شهر آب فقط. وتبقى له نحو شهرين كي يعرض سجل الانجازات (والاخفاقات) في سنة ولايته. في هذه الفترة الزمنية قد يوقع الاتفاق النووي النهائي. ولكن في ايران مستعدون منذ الان لان يقولوا انه "في السنة القادمة سيكون افضل". اما في عهد أحمدي نجاد بالمقابل، فكانت السنة الماضية دوما هي الافضل.