بقلم: رفيت هيخت
معظم الاسرائيليين لا يعرفون ما هو الاعتقال الاداري، ولماذا يعرفون، فهذه الاداة الفظيعة التي تسمح بحبس الناس دون محاكمة لفترة غير محدودة، بل واحيانا على مدى سنوات، لا توجه ضدهم بل تجاه الفلسطينيين عديمي المواطنة والمكانة وحدهم تقريبا.
معظم الاسرائيليين لا يعرفون بانه اقر هذه الاسبوع في الكنيست بكامل هيئتها القانون للتغذية القسرية. ويأتي هذا القانون لكسر الاضراب عن الطعام الذي يخوضه المعتقلون الاداريون الفلسطينيون، الذين ينزل الكثيرون منهم في المستشفيات، مقيدين بالاسرة، وهم في حالة خطر ملموس على حياتهم إذ لا يهمهم الموت.
معظم الاسرائيليين الذين يعرفون، لا يعتقدون ان في ذلك شيئا سيئا، لان معظم الاسرائيليين يخافون خوف الموت من الارهاب الفلسطيني، ومن الطبيعي والمفهوم أنه قبل أقل من عقد من الزمان خافت الامهات من ارسال ابنائهن في الباص الى المدرسة وخافت العائلات من تناول الطعام معا في المطاعم كي لا تتفجر. وعليه، فان معظم الاسرائيليين يتفقون على أنه يجب عمل كل شيء من اجل القضاء على الارهاب، حتى لو ديس في الطريق على القوانين والابرياء وحقوق الانسان.
معظم الاسرائيليين لا يعرفون بان الحكم الديمقراطي يستدعي المحاكمة لكل انسان، حتى للمجرم السافل والقاتل الكريه، فما بالك لذات الذي ليست ضده شبهات واضحة او أدلة متماسكة، وان اسرائيل، التي باستخدامها المتسرع، الثابت، بالجملة، للاعتقال الاداري في المناطق، والذي ليس له مثيل في الدول الديمقراطية في العالم، تنتهك هذا المبدأ؛ وهم لا يعرفون بان التغذية القسرية هي مس عنيف بكرامة الانسان، بجسده وبصورته وهو يعارض مع القوانين الاساس والاعلانات الدولية؛ بان قمع الاحتجاج السياسي بوسيلة على هذا القدر من العنف والاهانة يتعارض وحرية التعبير، أحد الامور الوحيدة التي تميز بين الحكم الذي يعمل من أجل المواطنين في ظل الانصات لاحتياجاتهم، وبين الحكم الذي يستعبد المواطنين من أجله بواسطة العنف المؤطر.
معظم الاسرائيليين لا يعرفون انه في الدولة التي يسمح فيها باستخدام وسيلة عقاب وانفاذ غير ديمقراطية تجاه مجموعة ما، سيأتي اليوم الذي تستخدم فيها هذه الوسيلة ضد مجموعة اخرى، وأنه لن تكون اي مجموعة، حتى كتلك التي تملك بطاقات هوية زرقاء محصنة من وقع الذراع؛ وانه في الدولة التي لا تكون فيها حماية الديمقراطية قيمة عليا بل ترف لبضعة بروفيسوريين يساريين من شمال تل أبيب، لن تكون أمة استحداث وعاصمة تحديث – وكل الامور التي يطيب للاسرائيليين ان يظنوها عن أنفسهم.
معظم الاسرائيليين لا يعرفون، ولا يريدون ان يعرفوا، بانه باسم الخوف، الطبيعي، الواضح، الملموس يتحولون الى ما يخافون منه جدا، الى ما يسقطونه عن أنفسهم بسرعة اجرامية على الارهابيين الفلسطينيين: حيوانات عديمة الرحمة والاحترام للحياة الانسانية تكافح في سبيل بقائها في الغابة دون قدرة على التفكير في افق وجودي أبعد من وجبة العشاء القريبة.
لست واثقة، ولكني اعتقد أن معظم الاسرائيليين، في هامش وعيهم، يعرفون بالذات بان تحطيم الصورة البشرية ليس السبيل لحل النزاع، بل وليس لالحاق الهزيمة بالعدو، بل فقط لضمان دائرة لا تنتهي من ثأر الدم، والحياة السيئة والقاسية. هذا الفهم منطقي جدا من أن يكون قابلا للنفي. ومع ذلك.
نحمان شاي، عدي كول، يفعت كريف، ميكي ليفي، عاليزا لفي، رونين هوفمان، دافيد تسور، اليعيزر شتيرن ومئير شتريت (تقريبا رئيس الدولة الذي أيده معظم النواب العرب)، انضموا الى عصبة البيت اليهودي مع يريف لفين وروبرت اليتوف وصوتوا في صالح القانون الذي يسمح بالتغذية القسرية للمضربين عن الطعام. معظم الاسرائيليين يعتقدون انهم نواب معتدلين، ليبراليين، من مركز الخريطة السياسية. معظم الاسرائيليين مخطئون.