يسعى الرئيس الإيراني حسن روحاني في زيارته الأولى إلى تركيا لتقوية العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن ذلك يصطدم بنقطة خلاف جوهرية بين أنقرة وطهران تتمثل بالموقف المختلف من الحرب الأهلية في سوريا.
إنها الزيارة الأولى للرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تركيا منذ توليه منصب الرئاسة في بلاده العام الماضي. ولخص السفير الإيراني في أنقرة، علي رضا بيكدلي، أهداف الزيارة في نقطتين أساسيتين، هما تحسين العلاقات الثنائية بين الجانبين وتوقيع عدد من الاتفاقيات المهمة. أما صحيفة " زمان توداي" التركية، فكتبت تقول إن مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين تقف على رأس جدول أعمال الزيارة.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد زار إيران في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري. وقال أردوغان آنذاك إن البلدين يرغبان في مضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما ليصل إلى 22 مليار يورو. وكل ذلك رغم تباين وجهات النظر في قضايا السياسة الخارجية بين تركيا وإيران. ففيما يخص الحرب الأهلية السورية، تقف إيران منذ اندلاع الأزمة إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، فيما تدعم تركيا المعارضة السورية.
سوريا العقبة الكبرى
ويرى حقان غوينس، الأستاذ المساعد في كلية العلوم السياسية بجامعة إسطنبول، أن "الأزمة السورية تشكل العقبة الكبرى أمام مسيرة العلاقات الإيرانية التركية، كما في العلاقات الروسية التركية". ويضيف غوينس في حديثه مع DW أن هذه الدول تخوض حرباً بالوكالة في سوريا، ذلك أن "الأسد وحزب الله يقتلان نيابة عن إيران حلفاء تركيا المتمثلين بالجيش السوري الحر والجهاديين الإسلاميين". ورغم خوض البلدين للحرب بالوكالة في سوريا، إلا أنهما قادرتان على مواصلة علاقاتهما بطريقة محترفة، كما يقول الباحث السياسي.
وفيما يخص الملف النووي الإيراني، سعت تركيا إلى لعب دور الوسيط بين طهران والمجتمع الدولي، كما يشير الخبير السياسي غوينس. ويتابع بالقول: "سعت تركيا في ظل حكم أردوغان إلى أن تظهر نفسها كقوة إقليمية رائدة. أردوغان يبذل جهداً ملحوظاً ومنذ سنوات من أجل تولي قيادة العالم الإسلامي عموماً وفي الشرقين الأدنى والأوسط خصوصاً. لكن إيران تعتبر لاعباً مهماً في الشرق الأوسط. ويضيف الباحث السياسي أيضاً أنه بغض النظر عن ذلك، فإن الجانبين يستفيدان كثيراً من العلاقات التجارية القائمة بينهما. لكن المقاطعة الاقتصادية الدولية ضد إيران حالت عملياً دون وصول العلاقات التجارية بين أنقرة وطهران إلى مستوى التبادل التجاري الحر. وبالنسبة لطهران، بات التعاون مع تركيا ودول الخليج الفرصة الوحيدة لمزاولة التبادل التجاري، حسب قول غوينس. ويعتبر الأستاذ المساعد في جامعة إسطنبول أن "تركيا لم تتبع تعليمات المقاطعة التجارية الدولية ضد إيران".
تشابك اقتصادي بين طهران وأنقرة
ويوضح حقان غوينس ذلك قائلاً: "إن الكثير من الشركات الغربية التزمت بالمقاطعة الدولية ضد إيران. لكن كل بلد غربي يحاول بشكل غير مباشر جني الأرباح من السوق الإيرانية". ويؤكد الباحث التركي أن الكثير من الشركات الألمانية والأمريكية والفرنسية سعت وتسعى إلى تأسيس شركات تابعة لها في تركيا وتحت مسميات أخرى لمواصلة عقد الصفقات مع إيران، "وبذلك شكلت تركيا جسراً بين الغرب وإيران، وهو أمر خدم الاقتصاد التركي كثيراً".
من جانبها، أشارت صحيفة "زمان توداي" التركية إلى أن سعر الغاز الإيراني يشكل مشكلة كبيرة في العلاقات بين الجانبين. وتتابع الصحيفة، حسب معلومات حصلت عليها من وزارة الطاقة التركية، أن أنقرة بدت ممتعضة من ارتفاع أسعار الغاز الإيراني المستورد، مضيفة أن الجانبين لم يحققا حتى الآن أي تتقدم في هذا المجال. في هذا السياق، يقول حقان غوينس إن الزيارة الحالية تشكل أيضاً فرصة للتداول في ملف الطاقة بين الجانبين وسبل تطوير التعاون الثنائي في هذا المجال.
هذا وزادت الأزمة الأوكرانية من أهمية التعاون بين الجانبين في هذا المجال، خصوصاً وأن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضاً باتت تبحث عن بدائل عملية للغاز الروسي المستورد. ويشرح الأستاذ المساعد في كلية العلوم السياسية غوينس أن إيران تعتبر بلداً مهماً لتصدير الغاز والنفط. لكن المقاطعة الاقتصادية الدولية ضد إيران تحول دون تصدير نفطها وغازها بشكل مباشر إلى الغرب. ويتوقع الباحث السياسي تعاوناً وثيقاً بين إيران كمصدر للنفط والغاز وتركيا كوسيط لبيعه دولياً.
مساع لكسر العزلة الدولية
من جانبه، يسعى الرئيس الإصلاحي حسن روحاني إلى إخراج بلاده من العزلة الدولية، كما يشير إلى ذلك فتحي أجيكيل، الباحث السياسي في جامعة أنقرة. ويضيف أجيكيل، في حديثه مع DW، أن "روحاني يحاول تطبيع علاقات بلاده مع الغرب وتحسين سمعة إيران". وبتابع الباحث السياسي التركي أن ذلك يتحقق من خلال التعاون الاقتصادي، موضحاً أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عبر دوماً عن دعمه للحكومة الإيرانية رغم العزلة الدولية المفروضة عليها من قبل الغرب.
ويختتم فتحي أجيكل حديثه بالقول: "إن حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ يعتبر إيران شريكاً ثابتاً بسبب الخلفية الإسلامية للنظام الإيراني ... لذلك تعتبر زيارة حسن روحاني لتركيا بمثابة مبادرة إيرانية لنفض المقاطعة الاقتصادية والسياسية عن نفسها".