لا يعني تشكيل حكومة فلسطينية جديدة شيئاً، ولو كانت "حكومة مصالحة وطنية"، في غياب برنامج وطني، ليس على أساس محاصصة، أو تقاسم "سلطة منقوصة"، بين حركتي حماس وفتح، والأهمّ أَلا تصبح حكومة وفاق وطني، على أساس التنسيق الأمني لخدمة الاحتلال. وهذه مخاوف مشروعة، بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس أن التنسيق الأمني مع إسرائيل "مقدس"، مجرِّداً، بالتالي، المصالحة والوفاق، وحتى توقف المفاوضات، من أي أهمية وطنية أو سياسية. فإذا كان التنسيق مقدساً، لم تبق لنا أي مُقدسات ولا محرمات.
لا يحتاج الشعب الفلسطيني حكوماتٍ وسلطات شكلية، بل يحتاج قيادة وطنية، تتذكر أنها في مرحلة تحرر وطني، وأن لا وزارات ولا مباني، ولا سيارات ولا مرافقين أو صوراً مع ذوي النفوذ العالمي تساوي شيئاً غير منفعة شخصية، وإمعاناً في الكذب على الذات.
لا ثقة لي، أو لغيري، بأن الحكومة الفلسطينية ستتحول، في ليلة وضحاها، إلى حركة ثورية، لكن، على الأقل، ألا تكون وحدة الفصائل، وأقول ذلك احتراماً لشهدائها وأسراها، ذريعة لإضفاء وطنية على التعاون الأمني من أجل راحة الاحتلال.
نعم، هناك حاجة إلى قيادة موحِدة وموحَدَة، ولكن قيادة تصوغ برنامج تحرر وطني وتقوده، ولا تتعلق بمظاهر سيادية زائفة، فيما تبتلع الجرافات الإسرائيلية أرض وطن تتناقص مساحة حرية شعبه وسمائه، وليس إلى قيادة لا تقود، وتحاول إثبات حسن النوايا أمام الإسرائيلي المحتل
في النهاية، وعلى الرغم من كل التهديدات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، وضد تشكيل حكومة مصالحة مع حركة حماس، الأساس هو أَلاّ يصبح التنسيق الأمني مع الاحتلال نقطة إجماع فلسطينية، وكأنها جزء من برنامج وطني، لا تصح مصالحة بدونها.
من الواضح أن استمرار التنسيق الأمني هو المطلب الأميركي الأهم للموافقة، أو على الأقل، لامتحان الحكومة الجديدة، فهي لا تخشى تأثير عدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات وتشكيل الحكومة على الملف الأكثر حساسية. لذا، من الضروري أن يكون قرار عدم العودة من المفاوضات جزءاً من رؤية جديدة، لا نعرف إذا كانت السلطة قادرة عليها، أو حتى تريدها أصلاً، حتى لا يتم تمييعه وتفريغه من محتواه، رفضاً لتسوية تصفوية للحق الفلسطيني.
لا يمكن التقليل من أهمية عدم العودة إلى طاولة المفاوضات، والأهم التمسك بالقرار، لكن ذلك ليس كافياً، لأن قراراً مثل هذا لا يحتمل التوظيف التكتيكي، والقضية لم تعد تحتمل وهماً أو أوهاماً؛ فالأميركيون لن يتوقفوا عن الضغوط، والإسرائيليون سيستمرون في مخطط إخفاء فلسطين والفلسطينيين.
الخشية أن تكون السلطة الفلسطينية، بكل مكوناتها، تنتظر الخطوة الأميركية الثانية، أو تزحزح إسرائيل عن تعنّتٍ لا يوجد ما يزيحه، أو حتى يعدله، ولو قليلاً، فقط من خلال الانتظار، على أمل أن تبرز خلافات بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي، لصالح المطالب الفلسطينية.
يدلّ ردُّ فعل واشنطن على عدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات على أنها لم تتخذ قراراً بمعاقبة السلطة، على الرغم من الأصوات الداعية إلى لوم الفلسطينيين لفشل المحادثات، وإن كانت تلومهم، وحتى قطع المساعدات عنهم.
لكن، يجب فهم الموقف الأميركي بسياقه الصحيح: فاستمرار مشاورات وزير الخارجية الأميركية، مع محمود عباس، ليس من قبيل تفهّم الاعتراضات الفلسطينية وتوسيعها، بل لتجنب انتفاضة فلسطينية ثالثة، وعدم تكرار سيناريو ما بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد. فمن ناحية، الأميركيون والإسرائيليون مهتمون بتقيد الجانب الفلسطيني بالتنسيق الأمني، أي كبح الفلسطينيين وتقويض أسس مقاومة وطنية. ومن ناحية ثانية، لا تريد واشنطن من بنيامين نتنياهو أن يقوم بعمل استفزازي، على شاكلة دخول إرييل شارون مع قوات مدججة بالسلاح إلى المسجد الأقصى، يولع شرارة انتفاضة جديدة.
لذا، لا يعدّ توقف المفاوضات مع استمرار التنسيق الأمني، موقفاً مقاوماً، بل يخدم الأجندة الإسرائيلية الأميركية التي ترى هذا التعاون المذلّ الذي يحافظ على أمن الإسرائيليين وحريتهم في انتهاك أمان الفلسطينيين، ضرورياً لإذعان السلطة الفلسطينية والشعب معاً.
السيناريو الأخطر والأكثر بشاعة أن نرى حركتي فتح وحماس تتنافسان، من خلال السلطة، على تنفيذ الأمنيّ بشقه الداخلي، أي إسكات وقمع الأصوات المعارضة والمقاومة، ليس بالضرورة إرضاءً لإسرائيل، بل طمعاً في إثبات السلطة، ولكن النتيجة واحدة، فالمستفيد هو إسرائيل.
لا يعني تشكيل حكومة فلسطينية جديدة شيئاً، ولو كانت "حكومة مصالحة وطنية"، في غياب برنامج وطني، ليس على أساس محاصصة، أو تقاسم "سلطة منقوصة"، بين حركتي حماس وفتح، والأهمّ أَلا تصبح حكومة وفاق وطني، على أساس التنسيق الأمني لخدمة الاحتلال. وهذه مخاوف مشروعة، بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس أن التنسيق الأمني مع إسرائيل "مقدس"، مجرِّداً، بالتالي، المصالحة والوفاق، وحتى توقف المفاوضات، من أي أهمية وطنية أو سياسية. فإذا كان التنسيق مقدساً، لم تبق لنا أي مُقدسات ولا محرمات.
لا يحتاج الشعب الفلسطيني حكوماتٍ وسلطات شكلية، بل يحتاج قيادة وطنية، تتذكر أنها في مرحلة تحرر وطني، وأن لا وزارات ولا مباني، ولا سيارات ولا مرافقين أو صوراً مع ذوي النفوذ العالمي تساوي شيئاً غير منفعة شخصية، وإمعاناً في الكذب على الذات.
لا ثقة لي، أو لغيري، بأن الحكومة الفلسطينية ستتحول، في ليلة وضحاها، إلى حركة ثورية، لكن، على الأقل، ألا تكون وحدة الفصائل، وأقول ذلك احتراماً لشهدائها وأسراها، ذريعة لإضفاء وطنية على التعاون الأمني من أجل راحة الاحتلال.
نعم، هناك حاجة إلى قيادة موحِدة وموحَدَة، ولكن قيادة تصوغ برنامج تحرر وطني وتقوده، ولا تتعلق بمظاهر سيادية زائفة، فيما تبتلع الجرافات الإسرائيلية أرض وطن تتناقص مساحة حرية شعبه وسمائه، وليس إلى قيادة لا تقود، وتحاول إثبات حسن النوايا أمام الإسرائيلي المحتل
في النهاية، وعلى الرغم من كل التهديدات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، وضد تشكيل حكومة مصالحة مع حركة حماس، الأساس هو أَلاّ يصبح التنسيق الأمني مع الاحتلال نقطة إجماع فلسطينية، وكأنها جزء من برنامج وطني، لا تصح مصالحة بدونها.
من الواضح أن استمرار التنسيق الأمني هو المطلب الأميركي الأهم للموافقة، أو على الأقل، لامتحان الحكومة الجديدة، فهي لا تخشى تأثير عدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات وتشكيل الحكومة على الملف الأكثر حساسية. لذا، من الضروري أن يكون قرار عدم العودة من المفاوضات جزءاً من رؤية جديدة، لا نعرف إذا كانت السلطة قادرة عليها، أو حتى تريدها أصلاً، حتى لا يتم تمييعه وتفريغه من محتواه، رفضاً لتسوية تصفوية للحق الفلسطيني.
لا يمكن التقليل من أهمية عدم العودة إلى طاولة المفاوضات، والأهم التمسك بالقرار، لكن ذلك ليس كافياً، لأن قراراً مثل هذا لا يحتمل التوظيف التكتيكي، والقضية لم تعد تحتمل وهماً أو أوهاماً؛ فالأميركيون لن يتوقفوا عن الضغوط، والإسرائيليون سيستمرون في مخطط إخفاء فلسطين والفلسطينيين.
الخشية أن تكون السلطة الفلسطينية، بكل مكوناتها، تنتظر الخطوة الأميركية الثانية، أو تزحزح إسرائيل عن تعنّتٍ لا يوجد ما يزيحه، أو حتى يعدله، ولو قليلاً، فقط من خلال الانتظار، على أمل أن تبرز خلافات بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي، لصالح المطالب الفلسطينية.
يدلّ ردُّ فعل واشنطن على عدم عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات على أنها لم تتخذ قراراً بمعاقبة السلطة، على الرغم من الأصوات الداعية إلى لوم الفلسطينيين لفشل المحادثات، وإن كانت تلومهم، وحتى قطع المساعدات عنهم.
لكن، يجب فهم الموقف الأميركي بسياقه الصحيح: فاستمرار مشاورات وزير الخارجية الأميركية، مع محمود عباس، ليس من قبيل تفهّم الاعتراضات الفلسطينية وتوسيعها، بل لتجنب انتفاضة فلسطينية ثالثة، وعدم تكرار سيناريو ما بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد. فمن ناحية، الأميركيون والإسرائيليون مهتمون بتقيد الجانب الفلسطيني بالتنسيق الأمني، أي كبح الفلسطينيين وتقويض أسس مقاومة وطنية. ومن ناحية ثانية، لا تريد واشنطن من بنيامين نتنياهو أن يقوم بعمل استفزازي، على شاكلة دخول إرييل شارون مع قوات مدججة بالسلاح إلى المسجد الأقصى، يولع شرارة انتفاضة جديدة.
لذا، لا يعدّ توقف المفاوضات مع استمرار التنسيق الأمني، موقفاً مقاوماً، بل يخدم الأجندة الإسرائيلية الأميركية التي ترى هذا التعاون المذلّ الذي يحافظ على أمن الإسرائيليين وحريتهم في انتهاك أمان الفلسطينيين، ضرورياً لإذعان السلطة الفلسطينية والشعب معاً.
السيناريو الأخطر والأكثر بشاعة أن نرى حركتي فتح وحماس تتنافسان، من خلال السلطة، على تنفيذ الأمنيّ بشقه الداخلي، أي إسكات وقمع الأصوات المعارضة والمقاومة، ليس بالضرورة إرضاءً لإسرائيل، بل طمعاً في إثبات السلطة، ولكن النتيجة واحدة، فالمستفيد هو إسرائيل.
- See more at: http://www.alaraby.co.uk/opinion/a53a19a6-2daa-43ce-81e9-cf9aef2b2a8e#sthash.9mQ4wyB7.dpuf