خبر راحة أخلاقية في القناة الثانية -هآرتس

الساعة 09:49 ص|26 مايو 2014

راحة أخلاقية في القناة الثانية -هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: نشرات الاخبار الاسرائيلية ولا سيما في القناة الثانية تغطي على الحقائق وتطمسها ولا سيما ما يتعلق منها بالاحتلال وقبائحه - المصدر).

 

أثار الفتيان الفلسطينيان اللذان قتلهما الجيش في بيتونيا بعد موتهما باسبوع عدم راحة في مركز استعمال الشعب الترفيهي، أعني القناة الثانية. فحينما ظهرت أفلام حراسة الفلسطينيين، رُفضت مثل أطبائهم، لأن الفلسطينيين كما تعلمون غير موضوعيين في كل ما يتعلق بأملاكهم وحياتهم وموتهم. وفي نشرة الأخبار المسائية في 20/5 عندما أُذيعت أفلام الحراسة، رُفضت المزاعم الفانتازية، وكأن الجيش الاسرائيلي قادر أصلا على اطلاق النار على الفتيين، وتم الاتفاق على أنه ينبغي انتظار فحص الجيش الاسرائيلي الذي هو صادق مثل "الأنا" المثالية الخاصة بنا.

 

بيد أن نشوزا معرفيا هدد الزبائن في غضون يومين: فقد جاءت من الـ "سي.إن.إن" صور القتل بنوعية عالية، ولم نكد نعرف أنفسنا في نهاية الشرق. لأن قلوبنا تفيض إجلالا للغرب، فكيف وعدنا روني دانيال، ممثل نواب قادة الكتائب الميدانية قبل ذلك بيومين، بروح ديكارتية خالصة، بأن كل شيء مشكوك فيه شكاً كبيرا، ما عدا "الأنا" القومية لنا، وفجأة تُظهر الـ "سي.إن.إن" كيف سددوا وأطلقوا وقتلوا. ولم تسكن نفوسهم في القناة الثانية فاستحضروا في نفس المساء في 22/5 متقاعدا من الشرطة ثرثر متحدثا عن الرصاص الى أن جعله رصاصا مطاطيا، كي لا يقع التشويش فقط على راحتنا التي ترضع حلمتي القناة الثانية.

 

وليس الحديث عن هذا القتل فقط ولا عن هذه المرة فقط. فلا تقع واقعة قصيرة أو طويلة، بين الجيش وأبناء البلاد في المناطق المحتلة، أو بين الدولة المحتلة ورعاياها، تستطيع صناعة

 

الاخبار في اسرائيل الصمود فيها بكرامة صحفية. إن سنوات البث التجاري هي سنوات تزنية المهنة. ومن الحسن أن يوثق احيانا التقرير الاعوج كي تسمى الاخبار باسمها وهي التي اصبحت بين الاعلانات الترفيهية والدعاية.

 

إليكم مثالا سافرا: ففي موازاة هجوم الجيش الاسرائيلي الوحشي على غزة في الرصاص المصبوب في نهاية 2008 ظهرت في وسائل الاعلام ريبورتاجات عن اولاد مرضى من غزة يتلقون علاجا في اسرائيل. وتم التعبير عن ذروة قصف طيب القلب في الفيلم الذي غطاه الاعلام لشلومي إلدار وهو "حياة عزيزة" (2010). ونشر في الاسبوع الماضي في المجلة الفخمة الشأن "علم اجتماع الصحة والمرض"، بحث بقلم البروفيسورة دفنه برمباوم – كرميلي، يصف بالتفصيل صور التغطية الاعلامية لهؤلاء الاولاد زمن الهجوم وبعده. "أحدثت العلاجات على الدوام صورة الرحمة الاسرائيلية بأولاد العدو. واعتمدت هذه الصورة في نفس الوقت على إسكات جوانب اخرى من تلك العلاجات".

 

فما هي؟ المدفوعات الباهظة مثلا التي تجبيها المستشفيات من سياحة العلاج للاولاد المرضى، وصورة استغلال "الشباك" للعائلات البائسة، وحقيقة أنه لم ينشأ في خلال عشرات سنوات حكم اسرائيل للقطاع هناك مستشفى جدي واحد، في اطار الحرص على التعلق باسرائيل، ويُمنع على الدوام نقل معدات طبية ايضا.

 

إن البحث الاكاديمي يُبنى دائما كوثيقة قانونية مع أدلة واقتباسات واشياء منشورة يبعُد وقتها عن موضوع البحث. فكان يمكن أن نوجز المسألة ايضا مستعينين بالعقل السديد: فما زال الاولاد المرضى من غزة يعالَجون مقابل مال كثير في اسرائيل، ولما كانت الحرب قد انتهت فقد أصبح العسل المصنوع لا حاجة اليه الآن. فلم تعد توجد تقارير اخبارية عن "اولاد العدو المرضى". وأصبح العسل الدبق ينتظر الحرب التالية.

 

نوصي بأن يؤخذ من مقالة البروفيسورة برمباوم – كرميلي توثيق الماضي القريب ولا سيما المصطلح الذي تقترحه بعد ذلك وهو "الراحة الاخلاقية"، باعتبارها عكس "الذعر الاخلاقي". ويحسن أن نشاهد الاخبار مستعينين بهذا المصطلح وأن نوسعه لا ليشمل اوقات الازمات فقط. إن نشرات أخبار القناة الثانية وعلى إثرها الأخريات كلها ايضا تبيع ملذات رخيصة وتُلذ "الأنا" للمستهلك المتنقل بين المحطات بجهاز التحكم بجوائز نوبل التي حصلنا عليها، ومكابي تل ابيب الذي لنا، وشركات ابتدائية بعناها، وعائلة فرتهايمر، ويبيع مراسلو الاخبار مثل وكيلات مواد زينة

 

بين منصات السوبر فارم، يبيعون تبرجا فظا ثقيلا نتناً ليقولوا: أنظروا، أنظروا الى مبلغ جمالكم. إنها راحة.