خبر مجرد سفر في رام الله في الطريق الى العمل -هآرتس

الساعة 09:23 ص|25 مايو 2014

مجرد سفر في رام الله في الطريق الى العمل -هآرتس

بقلم: عميره هاس

(المضمون: حياة العمال الفلسطينيين الصعبة بانتقالهم من المدن والمناطق الفلسطينية للعمل في داخل اسرائيل والتضييق عليهم في حواجز التفتيش - المصدر).

 

ما زال الظلام يلف شارع ركب في رام الله. ولم تُفتح سوى حانوت الكتب والصحف الصغيرة والقديمة للجعبة، وأصبحت الصحف الطازجة تنتظر أن توزع على سائر دكاكين البيع في المدينة. وأوقفت سيارتي. وأصبح الرجل الذي رفع يده طالبا أن أنقله في سيارتي يحث الخطى، ناظرا إلي من النافذة في عجب ما لكنه فتح الباب وجلس. وعلمت دون أن يقول أنه ممن مُنح تصريح عمل في اسرائيل في طريقه الى حاجز حشمونئيم (على الارض التي سلبتها اسرائيل من قرية نعلين). وهذا طريقي ايضا. في ميدان عرفات (الساعة) بدأوا يحفرون هذا الاسبوع قناة ما وهكذا تبخرت منه سيارات الأجرة التي كانت تنقل العمال الى الحاجز على نحو عام. ولذلك كان كثيرون جدا من العمال في ذلك الفجر يقفون على المفترقات ويتمنون وجود مجرد سائقين بكروا في الاستيقاظ.

 

إنه عامل بناء، في منطقة حيفا. وهو يُجهد نفسه في العودة كل يوم برغم أن التصريح هو من صفر الى صفر. أي أنه يجوز له أن يبيت في اسرائيل. وقد أصبح جدا لستة وهو يعمل في اسرائيل منذ الثالثة عشرة من عمره، منذ سنة 1970. وهو يحدثني عن ذلك وقد أصبح الطريق يتضح للسالك بل اصبح من الممكن ملاحظة حرب الشعارات على كتلة اسمنت عند المخرج الغربي من جيب قرية دير إبعيز الى الشارع المنمق الذي يحيط بقرى فلسطينية ويحصرها وينشيء سلسلة طويلة واسعة من المستوطنات. ذات مرة رش شخص ما هناك على كتلة الاسمنت كتابة "الموت للعرب". وجاء آخر فاستبدل اليهود بالعرب. وجاء ثالث فخربش شيئا ما عن العرب/ اليهود. ولم تبق مقروءة سوى كلمة الموت فقط.

 

وأخذنا نثرثر في مواضيع الاخبار كلها في حالة الجو والفتيين اللذين قتلهما جنود الجيش الاسرائيلي في يوم النكبة، وهل حدثت حقا محاولة تنفيذ عملية اختطاف في القرية الزراعية. وقال فجأة: "هلك إبني ايضا". فاحتجت الى زمن لتعود الكلمات الى فمي. وعندها جاءت الاسئلة: متى وأين وكيف. كان ذلك في خريف 2002، وكان ولدا في الثانية عشرة من عمره. كان يقف في الشارع غير بعيد عن البيت. وأطلقت النار عليه من سيارة عسكرية أو موقع عسكري (لم أبحث عن هذه التفصيلات). وقال إنهم اعتذروا بعد ذلك. واعترفوا بأنهم أطلقوا النار دون سبب. فلم

 

يعرض الولد الجنود للخطر ومن المؤكد أنه لم يعرض دولة اسرائيل للخطر. ولم اسأل عن التعويضات. وسألت ما الذي حدث آنذاك لتصريح العمل. وكما خمنت، كان أن سلبته اسرائيل بفعل قتلها لابنه تصريح العمل ومصدر العيش. وبعد عشر سنوات استعان بمحام كي يستعيد التصريح ليبني لليهود في ايام عمل تبلغ نحوا من 15 ساعة، تشمل السفر.

 

إعتذرت قرب الحاجز من أنني لا استطيع الاستمرار على نقله في سيارتي. وشكرني الأب الثاكل بسبب اطلاق قواتنا الرصاص وانضم الى سائر العمال الذين ساروا الى موقع تفتيشهم. واجتزت الحاجز دون مشاكل بصفتي اسرائيلية يهودية. ويحظى الفلسطينيون من مواطني اسرائيل في هذا الحاجز (وغيرهم) بمعاملة خاصة وسلب زمن خاص. فهم يُنحون جانبا، ويفحصون عن أن سياراتهم لم تحمل مواد متفجرة. ويُسألون وتفتش حقائبهم فهم مخربون الى أن يثبت خلاف ذلك.

 

هذه حياة عادية فلسطينية غير مصورة، وغير موثقة خطيا. وغير مسربة بوثيقة سرية. وتظهر احيانا صورة عدسات تصوير الحراسة غير المتوقعة أو عدسات تصوير نشطاء وتصدع القصة المهيمنة الرسمية التي تنقلها وسائل الاعلام المخلصة ويتبناها الجمهور الاسرائيلي بحرارة. وتكون احيانا وثيقة داخلية تُسرب أو تنشر بفعل قانون حرية المعلومات، وتصدع مدة بضع ساعات ايضا سور أنه لا يوجد صدّيق أعظم مني.

 

إن الصدع يدل على الكامل. أما شهادة فلسطيني وتجربة حياته والعمل الميداني لصحفيين الذين يقوم على هذه الشهادات والتأليف بينها مع ملايين "القصص" كهذه، فكل ذلك لا يساوي قطميرا. فالعربي يكذب الى أن يثبت خلاف ذلك، وعندما يثبت خلاف ذلك يُعرض على أنه حالة مؤسفة شاذة تحتاج الى الفحص، وتُنسى سريعا. وحتى لو لم تُنس فانها لا تُرى أبدا حلقة في سلسلة طويلة ما عدا نمطا قائما ناجحا. ونحن نرى نتائج النمط في المزارع الناضرة والاحياء المتسعة للمستوطنات ولافتات التحذير الموضوعة عند مداخل المحميات المسورة – أعني تلك الاجزاء من الضفة الغربية التي لم ننجح في طرد الفلسطينيين منها.

 

صرف متحدث منسق العمليات في المناطق انتباهي الى الفرق بين ما تم ذكره في تقريري الصحفي في 21 أيار، عن لجنة ثانوية تابعة للجنة الخارجية والامن لشؤون ارض اسرائيل والسامرة (إيوش) التي بحثت في طرق لابعاد الفلسطينيين عن المنطقة ج وتنفيذها – وبين ما لم يُذكر في مقالة أسرة التحرير في ذلك الشأن في 22 أيار. فقد ورد في المقالة الافتتاحية أنه لا يمكن أن يُعلم من محضر الجلسة هل احتج ممثلو السلطات ومنهم مردخاي على اللغة الفظة العنصرية لعدد من المشاركين. وتستحضر المقالة

 

أمثلة من التعابير مثل "تطيير" و"رمي" ("العرب المحرَّضين"). ولهذا فان هذه فرصة لتكرار ما ورد في التقرير وتأكيد أن مردخاي احتج بقوة على تصريحات مؤذية لعضو الكنيست أوريت ستروك. فقد تساءلت كيف "بلغنا الى هذه الاعداد الضخمة من البدو"، وسألت "هل تتحققون من أن البدو هم بدو حقا وليسوا مجرد عرب". وأوضح لها مردخاي أنه لا يمكن ببساطة التحول الى بدوي وأضاف قائلا: "وبالمناسبة فان الباقين جميعا ليسوا مجرد عرب بل هم فلسطينيون يسكنون بعض المناطق في يهودا والسامرة".