خبر السيسي وحماس: عناق أبو الهول- اسرائيل اليوم

الساعة 08:52 ص|22 مايو 2014

بقلم: د. رؤوبين باركو

صوّت مصريون كثيرون في الايام الاخيرة للسيسي مرشح الرئاسة، في صناديق اقتراع وضعت في عواصم دول توجد فيها جاليات مصرية كبيرة، مثل تركيا والولايات المتحدة. وتشير المعطيات الى نسبة دعم تبلغ 90 بالمئة للمشير المتقاعد تمهيدا للانتخابات في نهاية الشهر. وقد قويت شعارات الشوارع لمتظاهري الاخوان المسلمين – "حماس في القلب يا سيسي يا ابن الكلب" – بعقب اخراج حماس خارج القانون في مصر، وقوي شعور العداوة في الوسط الاسلامي للسيسي بسبب النشاط العنيف الذي نفذه على البنية التحتية لانفاق حماس التي كان يمر السلاح منها والسلع والمال الذي يحفز الارهاب على اسرائيل ومصر معا.

لم يتخلَ السيسي في هذا الشأن برغم الحساسية الانتخابية لايام الانتخابات. ففي مقابلاته مع الاعلام في هذه الايام حقا تمسك بمقاومته ارهاب الاخوان المسلمين وحماس وأعلن بلغة ذات طرف واحد مقلقة تقريبا أنه سيزيد قواته في سيناء لصالح أمن مصر واسرائيل معا، مع تغييرات يدخلها في اتفاق السلام، وقال إن "اسرائيل ستتفهم ذلك".

يستعد السيسي لدخول المسرح السياسي القُطري والعربي بدور "العنقاء"، طائر الرمل الاسطوري بصيغة مصرية. ويظهر المشير ذو الابتسامة على الملأ بلباسه المدني بصفة شخص تبنى في طفولته صورة عبد الناصر وحلمه. ويستعيد السيسي بمقابلاته التي تعطى بلغة مصرية عامية عصرية يفهمها كل انسان، يستعيد  ظهور جمال عبد الناصر حين كان زعيم مصر "أم العروبة"، الذي كان يرى بناء مصر الاقتصادي والاجتماعي في قلب الدائرة الاولى. ويضع في الدوائر الاخرى لحلم التقدم تقوية المنظومة العربية مع حل المشكلة الفلسطينية، تحت جناحي قيادة "الأم" مصر الحديثة التي لها صلة ايجابية مستقلة، بالغرب.

 

          وما زالت محطة "الجزيرة" في قطر التي تبرز بهجماتها عليه تحرض الجموع على السيسي باعتباره اختطف الحكم بـ "سطو مسلح" نفذه الانقلاب العسكري على حكم الرئيس مرسي الشرعي. واعترف متحدثو المحطة بأن نسبة المصوتين للسيسي في الانتخابات التمهيدية في الخارج مرتفعة، لكنهم زعموا أن نسبة المشاركين العامة أقل من 4 بالمئة (أقل مما حدث مع مرسي). ويزعم متحدثو "الجزيرة" أن السيسي يتلاعب بقنوات الاعلام وأن طريقة الانتخابات غير المراقبة في الخارج تُمكن المصوتين من الاحتيال والتصويت في الوطن مرة اخرى.

 

          ويشير هؤلاء المتحدثون الى عدم معقولية تكاليف الحملة الانتخابية للسيسي قياسا بالتكاليف في الانتخابات التي سبقتها. و"احتفلت" المحطة القطرية حول الحيرة التي أبداها المراقبون الغربيون في مشاركتهم في الرقابة على الانتخابات وخيبة الأمل بسبب قرارهم على رقابتها آخر الامر.

 

          أفضى السيسي بالفلسطينيين في جهد محكم تنطوي عليه استراتيجية الانتخابات، الى المصالحة في غزة برعاية مصر، وظهر بصورة "زعيم أعلى" في الشأن الفلسطيني. ومكّن مسؤول حماس الكبير، موسى أبو مرزوق، من المشاركة في العملية ودعا حماس في الايام الاخيرة الى تحسين علاقاتها بمصر. ويستعمل السيسي سياسة تسهيل للعلاقات التكتيكية والاستخبارية بمسؤولي حماس الكبار في المعبر الحدودي في رفح دون تخلٍ عن مصالح مصر الامنية في سيناء.

 

          أطلق السيسي عشية الانتخابات رسالة تحسين العلاقات المطمئنة هذه الى حماس متوجها الى رعاة المنظمة في قطر (في وقت يمكث فيه صحفيو "الجزيرة" في السجون المصرية). وهذه رسالة هي بالون تجارب "ودّي" لأعدائه الاخوان المسلمين في الداخل (الذين حُكم على عدد منهم بالاعدام وسينجون اذا أمر بالعفو عنهم).

 

          يبدو أن السيسي في الصعيد السياسي يعمل بتنسيق مع اللاعب الامريكي الموجود في "المقعد الخلفي" في اطار "البازل" لانشاء جبهة سنية مع السعودية ودول الخليج الموالية للغرب لمواجهة ايران. مع صد التطرف الاسلامي وأنصاره في الوقت نفسه الذين يهددون المنطقة وسلام العالم.

 

          يبدو أن "عناق أبو الهول" الذي يقترحه السيسي على حماس يرمي الى تحييد قدراتها العسكرية بغرض شملها في م.ت.ف بصفة منظمة سياسية. ويبدو أن هذا الاجراء موجه الى الزيادة في شرعية السلطة الفلسطينية بصفتها ممثلة لغزة ايضا في مفاوضة اسرائيل.

 

          والسؤال الذي ما زال مشكوكا فيه هو هل تتفضل حماس والمنظمات التي تتبعها بالتخلي عن قدراتها الارهابية العسكرية عوض رعاية مصرية ووحدة مع السلطة الفلسطينية؟.