خبر المصالحة وسلاح المقاومة ..إبراهيم المدهون

الساعة 09:22 ص|15 مايو 2014

أحسنت حماس صنعاً أنها لم تنجر للحديث الإعلامي عن مستقبل سلاح المقاومة. ولم تضعه على طاولة البحث والتراشق التفصيلي المُناكف، فالثرثرة والتفاوض والسؤال عن هذا السلاح بحد ذاته يعني أننا أمام نوايا تفجيرية تريد حرف المسار الوطني، وأخذ الحالة التصالحية التفاهمية الوحدوية لدهاليز وتشعبات تغرقنا مرةً أخرى في أتون واقعٍ يخدم الانقسام.

الحديث عن سلطة واحدة وسلاح واحد أمر ضروري ومطلوب ولا غبار عليه إن كنا سلطةً مستقلة ودولة ذات سيادة، أما ونحن شعب تحت الاحتلال، فعلينا أن نزاوج بين قوى تحكم وتخدم الشعب وتسهل أموره، وقوى أخرى تدافع عنه وتستمر في عملية التحرير مهما كلفها من ثمن، فالقبول بسلطة قبل التحرير أصبح واقعاً لا يمكن تجاوزه وعلينا البناء عليه ولكن هذا واقع أعوج، فالسلطة فخ وقع فيه الشعب الفلسطيني، وعليه التعايش معه على شرط عدم الاستكانة والرضا والقبول.

وعلى السلطة ألا تنجر للرؤية الإسرائيلية بشكل كامل، فقبل تأسيسها في عام 1994 تكفل الاحتلال باحتياجات الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، ومن المعيب أن تتصادم السلطة مع سلاح المقاومة ومحاولة نزعه ومحاربته، والشهيد صلاح خلف أبو إياد كان يرفض ذلك ويصف هذا التفكير بالعبط والجنون فمن ينزع سلاحه من يده بخاطره وإرادته؟!. فمن المعروف أن أبرز سبب للنكبة الكبرى عام 48 هو تجريد شعبنا من سلاحه، في الوقت الذي تَقَوَّت فيه العصابات الصهيونية بالسلاح والتدريب والتجهيز والتصنيع، واليوم من يفكر بحسن أو سوء نية بتكرار كارثة ومصيبة نزع سلاح شعبنا ومقاومته من يده، يريد تسليم ما تبقى من القضية.

كما أن تجربة سلاح واحد في الضفة الغربية أثبتت فشلها على المشروع الوطني الفلسطيني، فالاحتلال لم يعط أي مقابل ولم يتورع عن القتل والعدوان، بالإضافة لعربدة المستوطنين واتساع عملية الاستيطان وقضم الأراضي وتهويدها، حتى بات واقع الضفة على ما هو عليه الآن من ضياع أكثر من 55% من أراضيها لصالح الكتل الاستيطانية.

من جهة أخرى فإن سلاح المقاومة في قطاع غزة لم يتعارض مع سلاح السلطة بأي شكل من الأشكل، وتم صياغة معادلة تخدم منطق السلطة من جهة ومنطق المقاومة من الجهة الأخرى، فرغم انتشار السلاح وعشرات آلاف المقاتلين وعمليات تصنيع السلاح والتدريب المكثف إلا أنها لم تتشكل حالة فلتان أو عربدة واستقواء وعمليات انتهاك للقانون، كما أن هذا السلاح ينضبط بالعملية السياسية وتطورات المرحلة، وما شهدته التهدئة شاهدٌ حي على ذلك.

أنصح الإخوة في حركة فتح والرئيس أبو مازن باستثمار قوة المقاومة والمحافظة على سلاحها، فما وصلت إليه غزة يعتبر إنجازاً وطنياً يُحسب للكل الفلسطيني، وهذا السلاح زاهد بالحكم والسيطرة وله منظومة وقيادة واعية ومدركة لتعقيدات المرحلة، ومستعد للتعاون وحماية المشروع الوطني والمحافظة عليه.