خبر حق « اسرائيل اليوم » في الوجود- هآرتس

الساعة 10:10 ص|11 مايو 2014

حق "اسرائيل اليوم" في الوجود- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: برغم سوء صحيفة "اسرائيل اليوم" إلا أن بقاءها أفضل من عدم وجودها حرصا على الديمقراطية وعلى تعدد الآراء - المصدر).

 

إن من حق "اسرائيل اليوم" أن تكون صحيفة؛ ومن حقها أن تكون بوقا، ومن حقها أن تكون يمينية وقومية، ومن حقها أن تكون قمامة بل من حقها أن تكون تافهة. إنني أريد لو استطعت بالطبع أن أرى كل هذا البلد "صحيفة هآرتس". وأريد أن تكون مواقفها ومستواها نحِلة الجميع لكن هذا بالطبع حلم يقظة. وفي الاختيار بين موت الصحافة ووجود صحيفة شعبية توزع بالمجان، أفضل الامكان الثاني؛ وفي الاختيار بين السيطرة الاحتكارية لصحيفة واحدة وكثرة الصحف، أفضل الامكان الثاني مرة اخرى. لهذا أرى أن اقتراح القانون الذي يرمي الى منع "اسرائيل اليوم" من أن توزع بالمجان هو اقتراح سيء جدا، بل إن اقتراح منعها بالقانون خطير.

 

كل انسان ونقاط ضعفه: وأنا أحب أن أتصفح "اسرائيل اليوم". وهي على نحو عام تثير غضبي، وهي احيانا تستثير مني بسمة مُرة وشعورا بالاشمئزاز احيانا. وتثور بي مشاعر مشابهة احيانا حينما اقرأ صحيفة "يديعوت احرونوت". فكلتاهما صحيفة اسرائيلية فضائحية دون الجنس والوشايات السافرة لأشباههما في الغرب. وكلتاهما تؤجج الغرائز وتداعب بشعور ساخر المشاعر والمخاوف القومية الدنيا بل السافلة احيانا، وكلتاهما صحيفة ترفيه ترمي الى لذة قُرائهما. وهذا ما يوجد في دولة مات أكثر صحفها منذ زمن وعددها من أقل الاعداد في العالم. كانت سيطرة "يديعوت" الساحقة سيئة، وتضعضعت مع ظهور صحيفة "اسرائيل اليوم" التي لا تقل عنها سوءً. ولا يمكن أن يُفرح نجاحهما الباحثين عن صحافة جيدة.

 

لا يمكن أن تفرح بصحيفة عنوانها الرئيس هو "بموتهم أمروا بالحياة" ("يديعوت") ولا "نتذكر الجميع" ("اسرائيل اليوم")؛ ولا يمكن ايضا أن تفرح بصحيفة عنوانها الرئيس هو مقابلة صحفية مع من يصدرها ("اسرائيل اليوم"، أول أمس)؛ ولا يمكن أن تفرح بـ "بعد القذائف الصاروخية – مفلاتة (نوع من الحلوى لليهود" ("يديعوت")، ولا بالحملة الدعائية السخيفة على "امبراطورية الشر" لنوني موزيس التي تقوم بها صحيفة "اسرائيل اليوم". لكن هذا هو الموجود، فهذا هو الموقد الاسرائيلي العام مع القناة الثانية في التلفاز وهو مضر بالديمقراطية وببحث المشكلات الحقيقية والكشف عن الحقيقة.

 

إن صحيفة "يديعوت احرونوت" تُهيجها مصالح اقتصادية وشخصية خفية، و"اسرائيل اليوم" تُهيجها مصالح أكثر ظهورا. وليس الحديث فيهما دائما عن صحافة. إن الاولى ضاءلت من اظهار محاكمة رئيس وزراء سابق، والثانية تمجد وتُجل رئيس الوزراء الحالي وزوجته. لكن من حق الصحيفتين أن توجدا سواء بالمجان أم بعدمه.

 

كشف مُصدر صحيفة "اسرائيل اليوم" عن الباعث على انشائها أول أمس بصورة واضحة. ففي مقابلة صحفية مع شلدون ادلسون، وهي مقابلة لو كانوا في رومانيا نيكولاي تشاوتشيسكو لخجلوا من اجراء مثلها، قال المُصدر: "لم ألتق قط شخصا ما قال إن تغطية الصحيفة منحازة لصالح نتنياهو". وهذه فكاهة رب كازينو.

 

وتحدث ادلسون بعد ذلك فبين كيف حاول أن يبتز مُصدر "يديعوت احرونوت" التي هي صحيفة "يسارية متطرفة" في نظره – وهذه فكاهة اخرى – بطريقة عمل ما كانت لتخجل أي صاحب مافيا: "قلت له: لا بأس يا نوني، لن ننشيء صحيفة لكن بشرط واحد فقط هو أن تنقل الصحيفة من اليسار المتطرف الى المركز". "يديعوت" – يسار متطرف؛ إن "اسرائيل اليوم" ستنشأ نشوءً اذا لم تنصرف "يديعوت" عن طريقتها السيئة.

 

هكذا هو الباحث عن الديمقراطية ادلسون الذي أجرى منذ وقت غير بعيد عرضا في لاس فيغاس لمرشحي الحزب الجمهوري في بلده في منافسة في جيبه الواسع ونجح في أن يضطر أحد المرشحين الى الاعتذار عن أنه تجرأ على أن يسمي الضفة الغربية "منطقة محتلة". إنها ديمقراطية.

 

لكن الديمقراطية، وحرية الصحافة وحرية العمل توجب ابعاد الصحافة عن كل تنظيم أو قانون أو أمر ولا سيما اذا كانت موجهة على صحيفة واحدة. إن الصحافة الاسرائيلية التي أخذت تموت تتوق الى مستثمرين حتى لو كانوا ادلسون. وإن حرية الصحافة توجب أن يوجد أكبر عدد من الصحف حتى لو كانت "اسرائيل اليوم". وبعد كل ذلك – إقرأوا "هآرتس".